حلاقو وحلاقات بغداد يخشون من قطع رؤوسهم.. وكثيرون منهم يلجأون للعمل السري

جهات شتى بينها ميليشيات وعصابات مسلحة وراء التهديدات

TT

باتت مهنة الحلاقة والحلاقين في العراق، وتحديدا في بغداد، هدفاً لرصاص العصابات المسلحة والميليشيات، فبدلاً من ان تكون مهنة تدر على صاحبها الرزق الوفير باتت تستنزف معها حياتهم بعدما اصبحوا عرضة للقتل المبرمج تحت تسميات طائلة وفتاوى تأخذ معها ارواحهم الواحد تلو الآخر. ولم يفرق الموت بين النساء والرجال الذين يمتهنون هذه المهنة القديمة الحديثة.

وأمام هذا الوضع تحول اغلب اصحاب محلات الحلاقة النسائية والرجالية الى العمل بشكل خفي خوفاً من المجهول الذي ينتظرهم بعد أن قضى كثيرون من زملاء المهنة نحبهم بطرق بشعة تحت بند التحريم حتى اضطر بعضهم الى تعليق الاعلانات التي تتماشى مع فتاوى المتشددين على زجاج محالهم مثل «نعتذر عن أخذ الخيط» بالنسبة للرجال او «نعتذر عن عمل مساج الوجه» كونها لا تمت للرجولة بصلة ـ بحسب المتشددين ـ فيما يعلق الحلاقون الاخرون اعلانات يعتذرون فيها عن ممارسة القصات الحديثة للشعر للشباب او حلق اللحية وهذا ما يلاحظ كثيراً في المناطق ذات الغالبية السنية والتي تسيطر عليها الجماعات المتشددة.

وقال (س.م)، 18 عاما، وهو من اهالي منطقة الطالبية وهي من المناطق المحاذية لمدينة الصدر (شرق بغداد) ذات الغالبية الشيعية لـ«الشرق الأوسط» انه قبل ايام خضع لتحقيق مطول من قبل احدى الميليشيات «التي زعمت ان ما اقوم به من اعمال داخل محل الحلاقة مخالف لتوجهاتهم التي ينتهجونها وبعد عدة ايام اطلقوا سراحي». وتابع «بعد ايام تعرض صديق لي لنفس العملية وبعد الاستفسار عن الجهة التي تقوم بهذه الاعمال تبين بأنهم عصابة منظمة تنتحل صفة الميليشيات لتقوم بإرهاب اصحاب محال الحلاقة الرجالية والنسائية». ويزيد ان «المنطقة التي انا فيها يندر فيها مثل هذه الحالات مقارنة بالمناطق الساخنة الاخرى مثل الدورة والعامرية والتي شهدت مقتل العديد ممن يمتهنون هذه المهنة».

ام سارة، صاحبة محل حلاقة للنساء في منطقة الدورة تقول «كنت سابقاً لا استطيع ان اغلق ابواب محل الحلاقة وخصوصاً قبيل ايام الاعياد بسبب كثرة الزبونات اما الان فالمحل مغلق بسبب التهديد الذي تعرض له المحل قبل شهر والآن انا حبيسة البيت ازاول مهنتي بالخفاء للطالبات والجيران». وتتابع «لي صديقة قتلت أمام زبوناتها بعدما رفضت تهديدا من قبل مجموعة متشددة بإغلاق محلها».

اما (ز. احمد)، صاحبة محل حلاقة في منطقة المنصور، فتروي لـ«الشرق الأوسط» معاناتها وتقول «منذ اشهر وانا اتعرض للتهديد من قبل نساء متسولات يقمن بزيارة محلي بغرض التصدق من المحال المجاورة وكنت اعطي ما يقسمه الله لكل من يدق باب محلي وفوجئت بإحدى المتسولات التي كنت اعطف عليها تهددني بان اغلق محلي او ان اعطي مبلغاً من المال كل شهر الى الجهة (الميليشيا) التي تعمل معها حسبما ادعت.. وبعد ايام من الخوف اعطيتها المبلغ المطلوب على ان يكون نهائيا وما ان انتهى الشهر حتى اتتني ومعها امراة ثانية تطالب بمبلغ مماثل وما ان توصلت الى تسوية معهن حتى اغلقت محلي». وتتابع بالم «لقد عرضت محلي للبيع والآن انا بصدد الذهاب والاستقرار في منطقة كردستان فالعمل هناك مزدهر والامن مستتب على خلاف العاصمة».

من جانبه، يقول الحلاق علي حسين من مدينة الصدر (شرق بغداد)، ان «رواد المحل باتوا يأتون من كل مكان ولا يقتصر الأمر على شبان مدينة الصدر (الثورة سابقاً)». مضيفاً «لقد بدأ الشبان يرتادون محلي، خصوصا من المناطق الساخنة التي تعرضت لعمليات قتل وخطف الحلاقين مثل الشعب وحي أور التي تسيطر عليها بعض الجماعات المتشددة»، مؤكداً ان «الامر بات مألوفاً بان نرى يافطات وضعت على واجهات محال الحلاقين تقول (نعتذر عن عدم حلق اللحية او اخذ الخيط) خوفاً على حياتهم وعلى مصدر رزقهم».