الصومال: توقعات بمعركة وشيكة بين ميليشيات المحاكم وقوات حكومية وإثيوبية

الجامعة العربية تحذر من انهيار مفاوضات السلام في الخرطوم

TT

فيما هدد بعض قادة المحاكم الإسلامية للمرة الأولى بمهاجمة مدينة بيداوة الجنوبية المعقل الرئيسي والوحيد للسلطة الانتقالية الصومالية التي يقودها الرئيس عبد الله يوسف، فان المحاكم الإسلامية تتجه لاستعادة السيطرة التي فقدتها قبل يومين على مدينة بور هكبة الاستراتيجية على الطريق بين العاصمة الصومالية مقديشو ومدينة بيداوة المعقل الوحيد للسلطة الانتقالية، وذلك في وقت حذرت فيه الجامعة العربية من انهيار مفاوضات السلام المقررة في الخرطوم ودعت الطرفين إلى الامتناع عن محاولة تحقيق أي نصر عسكري قبل المفاوضات المقررة نهاية الشهر الحالي.

وساد التوتر معقل السلطة في بيداوة تحسبا لهجوم قد تشنه ميليشيات المحاكم الإسلامية على المدينة، لكن مسؤولا صوماليا رسميا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن لدى حكومته ثقة كبيرة في قيام القوات الموالية للسلطة بواجبها في الدفاع عن المدينة في مواجهة أي محاولة للمحاكم الإسلامية للهيمنة على المدينة. ونفى المسؤول الذي طلب عدم تعريفه وجود قوات إثيوبية في بيداوة، لكنه لفت في المقابل إلى أن وصول قوات من الجيش الإثيوبي قد لا يتأخر كثيرا إذا ما بدأ الإسلاميون في مهاجمة بيداوة.

وكشف النقاب عن تعهدات رسمية قدمتها الحكومتان الكينية والإثيوبية للرئيس الصومالي عبد الله يوسف بمساعدته عسكريا إذا ما تعرضت بيداوة لهجوم من المحاكم الإسلامية في أي لحظة. وأوضح المسؤول أن قوات عسكرية من إثيوبيا وكينيا ستتدخل لوقف أي محاولة لإسقاط بيداوة، معتبرا أن المحاكم الإسلامية ستتعرض لخسائر مادية وعسكرية فادحة على حد قوله إذا ما فكرت في مهاجمة المدينة التي قال ان نحو 5 آلاف مقاتل مستعدون للدفاع عنها تعززهم ميليشيات قبلية أخرى تقدر بنحو 3 آلاف مقاتل.

وتحدث بعض قادة الصف الثاني من المحاكم الإسلامية لأول مرة منذ ازدياد الدور السياسي والعسكري للمحاكم الإسلامية قبل نحو أربعة أشهر بمهاجمة معقل السلطة الانتقالية في بيداوة، انتقاما لما وصفوه بالتواطؤ بين السلطة الانتقالية والقوات الإثيوبية.

وقال قيادي في المحاكم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف «سنقطع رأس الأفعى» في إشارة واضحة إلى أن المحاكم الإسلامية وان كانت تعطى أهمية كبيرة لاستعادة السيطرة على مدينة بور هكبة فإنها تفكر في الانقضاض على مدينة بيداوة على اعتبار أنها مركز تحرك القوات الإثيوبية والصومالية الرسمية.

وأعلن مسؤول آخر بالمحاكم في تصريحات مثيرة للجدل أن المئات من المقاتلين وعشرات من السفن الحربية في طريقها لمهاجمة بيداوة نفسها، مشيرا إلى أن هذا الهجوم سيكون مفاجئا بما أن الحكومة تنتظر أن تهاجم قواتنا بور هكبة.

وأكد مقربون من عويس لـ« الشرق الأوسط» ان قرار اتخذ على أعلى مستوى في المحاكم الإسلامية بإعادة السيطرة على مدينة بور هكبة ودحر القوات الحكومية الصومالية المدعومة بقوات عسكرية إثيوبية، بينما بدأ سكان المدينة حملة فرار جماعية تحسبا لوقوع معارك عنيفة بين الطرفين.

وأغلقت ميليشيات المحاكم الإسلامية الطريق بين مقديشو وبيداوة، بينما انتشرت ميلشياتها المسلحة على جوانب الطريق معززة براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة.

وقالت مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن السكان المحليين يستخدمون أي وسيلة نقل متاحة للهروب بعد ورود معلومات عن حشد المحاكم الإسلامية للمئات من عناصر ميليشياتها المسلحة على مقربة من بور هكبة استعدادا للانقضاض عليها في أي لحظة.

في غضون ذلك وصلت قوات مدعومة بسبع عربات قتال مزودة بمدافع مضادة لطائرات من إقليم البونت لاند إلى مدينة ابدواق في منطقة جلجادود بوسط الصومال وسط توقعات بانضمام قوات إثيوبية إلى هذه القوات.

ومن بين قادة هذه القوات عبدي قيد بيد أمير الحرب الصومالي وأحد أعضاء ما كان يسمى بمجلس مكافحة الإرهاب الذي دعمته أميركا قبل أن يفقد مناطق نفوذه التقليدية على أيدي المحاكم الإسلامية. الى ذلك اعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن قلقه تجاه التطورات التي شهدتها الساحة الصومالية على مدار الأيام الماضية ومحاولة كل طرف فرض رأيه بالقوة العسكرية. وناشد الحكومة الانتقالية واتحاد المحاكم الاسلامية الصومالية الاحتكام إلى لغة الحوار والالتزام بما تم الاتفاق عليه في جولة المباحثات الأخيرة في الخرطوم لا سيما فيما يتعلق بعدم اللجوء إلى القوة لفرض أوضاع جديدة على الأرض وإتاحة الفرصة للمحادثات المباشرة التي ترعاها الجامعة العربية لتناول كافة القضايا الخلافية. وأعرب أبو الغيط في تصريحات للصحافيين عقب اجتماعه مع فرانسوا فال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصومال في القاهرة أمس، عن أمله في أن تعقد الجولة القادمة للمحادثات بين الحكومة الصومالية والمحاكم الإسلامية في موعدها وأن يتجنب كل طرف ما من شأنه أن يعكر صفو هذه المحادثات أو يهدد استمرارها. من ناحيته قال فرانسوا فال إنه طلب من أبو الغيط أن تواصل مصر تقديم المساعدة لتعزيز الحوار بين الأطراف الصومالية والمساعدة في تهيئة الظروف الملائمة لمشاركة الأطراف المختلفة بجولة المحادثات القادمة في الخرطوم. واضاف انه يشعر بالقلق من الوضع على الأرض في الصومال خاصة فيما يتعلق بالوضع في «بيداوة» مقر الحكومة الصومالية الانتقالية ووجود حاجة ملحة لتهيئة الوضع وتهيئة الظروف لانعقاد الجولة الثالثة من محادثات الخرطوم. وأكد فال أن هذا هو الهدف من جولته الحالية للتشاور مع الأطراف الرئيسية المعنية في المنطقة مثل إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي واليمن وأوغندا والسودان ومصر حتى نواصل سويا العمل خلال أسبوع لعقد الاجتماع نهاية الشهر الجاري في الخرطوم والذي سترأسه الجامعة العربية والايقاد بحضور الأمم المتحدة وأطراف أوروبية وإقليمية. وأضاف أنه يتعين إعطاء الفرصة للفرقاء الصوماليين لأنهم اتفقوا على أن تناقش الجولة القادمة من المحادثات موضوع تقاسم السلطة والذي يعد من أهم الموضوعات المطروحة.