بيونغ يانغ تتعهد عدم القيام بتجربة نووية ثانية إذا توقفت واشنطن عن «إزعاجها»

مساع دبلوماسية مكثفة من دون نتائج نهائية في آسيا

TT

كشفت مصادر دبلوماسية كورية جنوبية أمس أن كوريا الشمالية تعهدت بعدم إجراء تجربة نووية ثانية شرط ان تكف الولايات المتحدة عن «ازعاجها». ويأتي هذ الاعلان مع ختام جولة اسيوية لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس من اجل تطبيق عقوبات دولية على بيونغ يانغ بموجب القرار الدولي 1718. وبينما غادرت رايس المنطقة، تواصلت الجهود الدبلوماسية لحل الازمة التي اطلقتها تجربة بيونغ يانغ النووية في 9 من الشهر الجاري الا انه لم تعلن اية نتائج نهائية لها.

ونقلت وكالة الانباء الكورية الجنوبية «يونهاب» عن مصادر دبلوماسية كورية جنوبية أمس قولها ان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل قطع هذا الوعد الاسبوع الماضي خلال محادثاته مع الموفد الصيني تانغ جياشوان الذي قام بمهمة للمساعي الحميدة في بيونغ يانغ. واكد مصدر دبلوماسي طلب عدم كشف هويته في سيول ان «كيم اكد خلال لقائه تانغ ان كوريا الشمالية لن تجري تجربة ثانية الا اذا ازعجتها الولايات المتحدة». واضاف المصدر نفسه ان «كيم وعد ايضا بان تعود بلاده الى طاولة المفاوضات السداسية قريباً شرط ان تتعهد الولايات المتحدة برفع عقوباتها المالية بعد فتح المحادثات»، موضحاً: «ان النائب الاول لوزير الخارجية الكوري الشمالي كانغ سوك لي أكد التصريحات التي ادلى بها كيم اثناء جلسة في ختام اللقاء (مع الموفد الصيني)».

وتوفقت المحادثات السداسية (الصين والولايات المتحدة وروسيا واليابان والكوريتان) الرامية الى اقناع بيونغ يانغ منذ ثلاث سنوات بالتخلي عن برنامجها النووي منذ قرابة العام. وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات مالية على كوريا الشمالية العام الماضي مما دفع الاخيرة الى وقف المفاوضات. وقالت وكالة الانباء اليابانية «كيودو» ان الزعيم الكوري الشمالي قال للموفد الصيني انه «يراقب باهتمام رد الولايات المتحدة» وطرح من جديد شرطاً مسبقاً يقضي برفع العقوبات المالية الاميركية.

ورداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، قال مسؤولون كوريون جنوبيون في وزارة التوحيد التي تدير العلاقات مع الشمال، ان لا علم لهم بمثل هذه المعلومات. وكشفت مصادر دبلوماسية امس ان وزير الخارجية الكوري الشمالي بان كي ـ مون سيزور الصين هذا الاسبوع ويلتقي بالرئيس الصيني هو جينتاو لبحث ملف كوريا الشمالية النووي. وعلى صعيد آخر، اختتمت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس جولتها بتأكيدات روسية بالتزام تطبيق العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على بيونغ يانغ، لكنها واجهت في طوكيو وسيول تحفظا على تطبيق هذه العقوبات بسرعة. وقالت رايس «انها جولة أولى» في آسيا، مشيرة الى ان الملف الكوري الشمالي لا يمكن تسويته بجولة واحدة. ولم تصدر تصريحات أو قرارات من جولة رايس الا ان مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية قال بعد محادثات رايس مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف: «يبدو واضحاً ان الروس يأخذون القرار 1718 على محمل الجد». واضاف ان الروس «مهتمون بالعمل معنا» في مجال العقوبات. ولكن لم يصدر اي تعليق رسمي عن مسؤول روسي على المحادثات.

وينص القرار الدولي 1718 الذي جرى تبنيه بالاجماع في 14 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري على حظر «الاسلحة والمعدات المرتبطة بها» و«المعدات المرتبطة بالتكنولوجيا النووية او المتصلة بالصواريخ»، اضافة الى «المنتجات الفاخرة» وذلك بواسطة «عمليات تفتيش كل الشحنات من والى كوريا الشمالية». ووصلت رايس الى موسكو بعد جولة آسيوية شملت طوكيو وسيول وبكين وهدفت الى تطبيق سريع وكامل للعقوبات على كوريا الشمالية. وكانت رايس تأمل خصوصا في ضم طوكيو وسيول الى تحالف رسمي يحمل اسم «مبادرة الامن ضد الانتشار» النووي يفترض ان يلعب دوراً اساسياً في مراقبة الشحنات الجوية والبحرية المتوجهة من والى كوريا الشمالية. ولكن طوكيو وسيول عبرتا عن تحفظات على تطبيق عمليات التفتيش.

وتخشى اليابان وكوريا الجنوبية ان تؤدي عمليات التفتيش الى اندلاع حرب مفتوحة بعد ان حذرت بيونغ يانغ من انها ستوجه «ضربات» الى من ينتهك سيادتها. وفضلت الدولتان رغم دعمهما العقوبات، الدعوة الى «خفض التوتر» مع النظام الشيوعي الذي يرأسه كيم جونغ ايل ودعوته الى العودة الى طاولة المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من عام.

وانتظر وزير الدفاع الياباني فوميو كيوما رحيل رايس الخميس ليعلن ان بلاده تفضل إعطاء بعض الوقت للدبلوماسية قبل اتخاذ قرار حول تفتيش الشحنات. أما كوريا الجنوبية فلا تريد تطبيق عقوبات تعرض للخطر سياستها الهادفة الى اخراج كوريا الشمالية من عزلتها.

وقال مسؤول في الخارجية الاميركية «انهم يخشون تصعيدا». ولكن المسؤولين الاميركيين يؤكدون ان حلفاءهم سيعيدون النظر في مواقفهم. وذكرت الصحف اليابانية أمس ان اليابان تعتزم بدء عمليات تفتيش سفن الشحن الكورية الشمالية في ممرين للملاحة غرب اليابان وجنوبها. ونقلت صحيفة «يوميوري» عن مصادر حكومية لم تحددها ان الحكومة اليابانية تعتزم نشر طائرات وسفن مراقبة تابعة للقوات البحرية للدفاع الذاتي في مضيق تسوشيما بين كوريا الجنوبية واليابان وحول أوكيناوا جنوبا. وأضافت انه في حال رصد سفينة مشبوهة، ستبلغ طوكيو القوات الاميركية وقوات الدول الاخرى المنتشرة في البحر حول كوريا الشمالية بالأمر.

ووصل مساعد وزيرة الخارجية الاميركية كريستوفر هيل اول من أمس الى هونغ كونغ للحصول على تقارير من موظفي القنصلية الأميركية بشأن تجميد أموال كوريا الشمالية في مكاو واحتمال عقد اجتماعات اخرى. وفي العام الماضي، قالت وزارة الخزانة الاميركية ان مصرف «بنكو دلتا آسيا» في مكاو متورط في انشطة كورية شمالية غير مشروعة وجمدت نحو 20 مليون دولار من أرصدة كوريا الشمالية في البنك.