روسيا ترفض المشروع الأوروبي ضد إيران.. وتحفظ أميركي على «نقاط ضعف» فيه

3 تصورات مختلفة حول طبيعة العقوبات على طهران في مجلس الأمن

TT

قال مسؤول بالخارجية الأميركية إن هناك خلافات بين بلاده وبين دول في مجلس الأمن الدولي، من بينها روسيا حول قرار العقوبات على ايران، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الاوسط، ان موسكو لا تريد الاسراع بفرض عقوبات على طهران، بل تريد مفاوضات طويلة. وفيما قلل مسؤول بالخارجية البريطانية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من أهمية الخلافات بين فرنسا وبريطانيا وألمانيا من جهة، والولايات المتحدة من جهة اخرى حول طبيعة العقوبات، ظهرت في مجلس الأمن الدولي 3 وجهات نظر في طبيعة العقوبات، فالمشروع الاوروبي الذي قدمته فرنسا وبريطانيا وألمانيا أمس يركز على استهداف المواد التي يمكن ان تستخدمها ايران في تطوير برنامجها النووي، لكن مصادر دبلوماسية في الامم المتحدة قالت ان هناك مخاوف لدى واشنطن من ان تكون هذه المسودة بها «نقاط ضعف» وقد لا تساعد على إلزام طهران بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، غير ان موسكو كان لها موقف آخر، وهو رفض المسودة الأوروبية برمتها، معتبرة انها «لا تستجيب» لأهداف المجتمع الدولي، التي لخصتها في الضغط على ايران ومنعها من تطوير اسلحة نووية، لكن في الوقت ذاته ابقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع طهران. وقال المسؤول الاميركي حول الخلافات الناشبة بين اوروبا واميركا، انها جزء طبيعي من المناقشات في مجلس الامن، موضحا ان الجميع يتفق على ضرورة ان تكون هناك عواقب للرفض الايراني. وأكد المسؤول الاميركي لـ«الشرق الاوسط» أمس ان الدول الاعضاء في مجلس الامن، بالاضافة الى المانيا لا تتفق فيما بينها حول كل التفاصيل، موضحا ان واشنطن كطرف لديها خلافات مع باقي الدول. وأشار المسؤول الأميركي الذي لا يستطيع الكشف عن هويته الى انه برغم ان موسكو قالت انها لا تحبذ الاسراع في العقوبات وتريد ان تتواصل المفاوضات، الا ان المفاوضات لا زالت جارية بين دول مجلس الامن لاستصدار قرار بموجب الفصل السابع. وألقى المسؤول الأميركي بالكرة في الملعب الايراني، مشيرا الى أن مناقشة فرض عقوبات بحق طهران لا ينبغي ان تمنع ايران من التقدم وقبول عرض الحوافز الغربي. ولفت المسؤول الاميركي الى امكانية استئناف المفاوضات مع ايران، حتى اثناء بحث مجلس الامن مسودة العقوبات، موضحا انه لمعاودة المفاوضات، لا بد وان يعطي الايرانيون مؤشرا على «جديتهم». وتابع «ايران دولة مهمة في المنطقة، وما يحاولون ان يفعلوه هو ان يضخموا من كونهم مهمين. لكن واشنطن تعرف انهم مهمون. فإذا ما قررت القيادة الايرانية التخلص من مخاوفها ووقف التخصيب، فإن أشياء كثيرة ستتغير وستكون ممكنة ومنها المحادثات الدبلوماسية». من ناحيته، قلل مسؤول بالخارجية البريطانية من أهمية الخلافات بين اوروبا واميركا في مجلس الامن، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» ان الخلافات حول طبيعة العقوبات «طبيعية»، كلما تقدمت المفاوضات قدما. وقال المسؤول البريطاني الذي طلب عدم الكشف عن هويته انه لا ينبغي المبالغة ايضا في تصور ان الدول الاوروبية ابتعدت عن الموقف الاميركي من اجل تلعب «دور الوسيط» لتقليل الخلافات بين واشنطن من ناحية وبين موسكو وبكين من ناحية أخرى. وبدأت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا مشاوراتها بشأن مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ويدعو إلى فرض عقوبات على إيران وفق المادة 41 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، وهي المادة التي تأذن بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية محدودة ولا تأذن باستخدام القوة العسكرية. والمشروع يفرض حظرا على بيع المعدات والتكنولوجيا ذات الصلة ببرامج الصواريخ البالستية البعيدة المدى، وبرنامج إيران النووي. كما ينص على وضع قيود امام دراسة الطلاب الايرانيين في الخارج في المواضيع الحساسة. ويدعو أيضا إلى فرض حظر على سفر الأفراد الذين لهم صلة بالبرنامج النووي، وتجميد أرصدتهم المالية في الخارج. ومشروع القرار لا يخرج كثيرا على قرار العقوبات الذي فرضه مجلس الأمن على كوريا الشمالية غير أن مسودة المشروع تستثني من العقوبات مفاعل «بوشهر» الايراني الذي تبنيه موسكو، ويسمح لروسيا أن تواصل تزويد إيران عبر هذا المفاعل بالوقود النووي.

وأفادت المصادر الدبلوماسية القريبة من الإدارة الأميركية بأن واشنطن أعربت عن مخاوفها من أن مشروع القرار ينطوي علي «نقاط ضعف» وقد لا يساعد علي إلزام طهران بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم. وقد سعت الولايات المتحدة إلي إضافة تعديلات علي نص المشروع لغرض فرض عدد من القيود على العلاقات التجارية بين موسكو وطهران. وتوقع دبلوماسيون تحدثت إليهم الـ«الشرق الأوسط» صعوبة المفاوضات، موضحين أنها وقد تأخذ وقتا طويلا نظرا لمعارضة روسيا والصين، اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) واللتين تربطهما علاقات تجارية قوية مع إيران. وأوضح السفير الأميركي جون بولتون أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا منحت روسيا والصين مدة يومين للرد علي مشروع القرار. ووصف السفير الفرنسي جان مارك دي سابليير مشروع القرار بالقوي. وقال «إنه يركز علي الأنشطة النووية الحساسة»، وشدد علي أهمية اعتماد المشروع في اقرب وقت. وأضاف «إنه أول رد فعل على إيران، وأنه ضروري لأنه من الواضح أن الإيرانيين ليسوا مستعدين وغير راغبين في استئناف تعليق التخصيب والأنشطة ذات الصلة به». يذكر أن روسيا والصين بعد فشل المحادثات مع إيران حول رزمة الحوافز الاقتصادية والسياسية، قد وافقتا من حيث المبدأ على فرض عقوبات ولا زالتا تدفعان إلى مزيد من الحوار مع طهران، بدلا من فرض عقوبات. وفي المقابل اقترح الاتحاد الأوروبي علي طهران تجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم ولو لمدة مؤقتة كشرط لاستئناف المحادثات. وأثناء مشاورات الدول الست الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا قدم الوفد الأميركي تعديلات على النص الأوروبي تستهدف وضع المزيد من القيود. وأفاد ريتشارد كورنيل المتحدث باسم البعثة الأميركية قائلا «من الواضح أن لدينا بعض الإضافات علي النص الأوروبي المقترح». وذكرت مصادر دبلوماسية غربية أن الأوروبيين رفضوا بعض التعديلات التي قدمها الأميركيون لضمان كسب روسيا والصين، وأعربوا عن مخاوف من لجوء موسكو إلي استخدام الفيتو. ورفضت روسيا أمس مشروع القرار الأوروبي، معتبرة انه «لا يستجيب» لأهداف المجتمع الدولي. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله ان «هدفنا يتمثل في التقليل من مخاطر الوصول المحتمل للتكنولوجيا النووية الحساسة الي ايران، قبل ان تعمد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الي ايضاح كافة المسائل التي تهمها والحفاظ علي كافة القنوات الضرورية للاتصال مع ايران». وأضاف لافروف في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الفرنسية امس «في هذا المعني، يبدو لي ان مشروع القرار (الذي اقترحه الأوروبيون) لا يستجيب بكل وضوح للاهداف التي كانت الدول الست حددتها سابقا»، في اشارة الى العمل الذي قامت به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. والموقف الروسي يشكل اول رد فعل على مشروع القرار المذكور.

من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي كيسلياك ان «التوصل الى قرار يقبله الجميع يحتاج الي عملية تفاوض طويلة». ومنذ بداية الازمة، تعطي روسيا الاولوية لحل سياسي يكون بديلا من العقوبات، وخصوصا انها احدى القوى الكبرى التي تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية جيدة مع ايران. ولا يشير مشروع القرار الذي لم يعلن نصه الى المفاعل النووي في بوشهر الذي يبنيه الروس في جنوب ايران، بحسب سفير فرنسا في الامم المتحدة.

ويتم بناء هذا المفاعل بموجب اتفاق وقع عام 1995 وتناهز تكلفته مليار دولار، ويتوقع ان ينجز في سبتمبر (ايلول) 2007 بحسب برنامج زمني حدده الروس والايرانيون في نهاية سبتمبر في موسكو. وردا على سؤال حول امكان الاشارة في نص القرار الي مفاعل بوشهر قال كيسلياك: «هناك (في ايران) مشاكل عديدة اخرى غير بناء مفاعل بوشهر».

الى ذلك، دعت الصين وفرنسا امس في بيان مشترك، ايران الى احترام القرار 1696 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي يطالب طهران بوقف انشطة تخصيب اليورانيوم. وجاء في البيان المشترك الذي وقعه الرئيسان الصيني هو جينتاو والفرنسي جاك شيراك ان «الطرفين يدعوان الى احترام القرار 1696 الصادر عن مجلس الامن الدولي، واتفقا على مواصلة جهودهما المشتركة لحل المسألة النووية الايرانية وابقاء الاتصال الدائم والوثيق في هذا الصدد».