ملياردير سوداني يمول جائزة دولية للحكم الرشيد في أفريقيا

5 ملايين دولار للرئيس أو رئيس الحكومة الذي يحقق إنجازات ديمقراطية وتنموية

TT

دشنت في لندن أمس، أكبر جائزة عالمية تطلقها مؤسسة خيرية تمنح لرؤساء الدول والحكومات في أفريقيا جنوب الصحراء، لتشجيع الحكم الرشيد وإشاعة الديمقراطية والتنمية والعدالة. وتبلغ قيمة الجائزة 5 ملايين دولار ومرتب قدره 200 ألف دولار مدى الحياة.

وأعلن إطلاق الجائزة أمس في لندن، الملياردير الدكتور محمد فتحي إبراهيم، رجل الأعمال السوداني المقيم في بريطانيا، ومؤسس شركة «سيلتل انترناشيونال». ورحب قادة عالميون بارزون بالإعلان في رسائل مسجلة من بينهم الرئيسان السابقان الجنوب افريقي نيلسون مانديلا والاميركي بيل كلينتون وأمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وخاطب مانديلا المؤتمر الصحافي، الذي عقدته مؤسسة «مو إبراهيم فاونديشن» أمس في لندن، من شاشة تلفزيون كبيرة مرحباً بفكرة الجائزة، وواصفاً لها بأنها «جائزة فريدة تثمن الحاكم الأفريقي الذي يأخذ طريق الحكم الرشيد (Good Governance) قبل أن يتنحى بعد فترة موفقة في إدارة السلطة».

وثمن كوفي أنان المبادرة، وقال «إن مؤسسة مو» يمكن أن تسهم في الحركة المتصاعدة لبناء قيادة أفريقية مستنيرة وأمينة». وقال بيل كلينتون «إن علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لنعترف بأولئك القادة الناجحين، القادرين على إعطاء نتائج ملموسة ونكافئهم»، مضيفاً «وتكتسب المبادرة أهمية من الرجل الذي يقودها». وأبدى بلير دعمه التام لمقاصد المؤسسة، متفهماً أنها أنشأت الجائزة لتعطي القدوة للقيادات في أفريقيا.

وحضر المؤتمر الصحافي، إلى جانب الدكتور محمد إبراهيم، أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، ومنهم سالم أحمد سالم، رئيس وزراء سابق في تنزانيا والأمين العام الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، وماري روبنسون رئيسة وزراء ايرلندا السابقة والرئيسة الفخرية لمنظمة «أوكسفام» إلى جانب البروفيسور روبرت روتبيرغ الخبير العالمي في شؤون الحكم الراشد من جامعة هارفارد. وحدد الدكتور محمد إبراهيم، وهو الممول الوحيد للجائزة، الملامح العامة للدليل الذي بموجبه يتم قياس التميز في ممارسة السلطة لدى الحكام، بقوله «إن الجائزة هي جائزة مو ابراهيم للإنجاز للقادة الأفارقة. وستمنح لرؤساء الدول أو الحكومات، الذين انتهت مدة حكمهم، وكانوا قادة متميزين في الحكم الرشيد. وفي إجاباته عن أسئلة الصحافيين، أوضح إبراهيم أن الجائزة تمنح فقط للحكام المنتخبين ديمقراطيا «ولا مكان للأولاد السيئين (باد غايز)». وقال إبراهيم إن جائزته ستعطى لمن يجد المحكمون أنهم وفقوا في مجالات هي: التنمية الاقتصادية المستدامة، التنمية البشرية في الصحة والتعليم والشفافية وتمكين المجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، والأمن وسيادة حكم القانون.

وفي رد على سؤال من «الشرق الأوسط»، عما إذا كانت الجائزة ستهتم أيضاً بقادة سياسيين غير حاكمين أو ناشطين في مجالات حقوق الانسان والعدل الاجتماعي أو بقادة يمكن أن يسهموا من مواقعهم في المعارضة، أجاب ابراهيم بأن الجائزة تهتم فقط بمن يباشرون الحكم الراشد في موقع الحكم والقرار ويطورونه.

والدكتور محمد ابراهيم (المعروف في بريطانيا واوروبا وأميركا باسم «مو ابراهيم»)، هو الممول الأوحد لهذه الجائزة. وللتعريف به فهو من مواليد السودان عام1946. درس علوم الاتصالات وتخرج في جامعة الاسكندرية. ثم نال درجتي الماجستير والدكتوراه في الاتصالات الجوالة. وعمل في «بريتش تليكوم» مهندساُ فنيا ومديرا لقسم الجوال. أنشأ شركة خاصة للاستشارات في مجال الهاتف الجوال، ثم شركة أخرى، إلى أن أسس مع الشركاء «سيلتل انترناشيونال»، التي تغطي الآن أكثر من 15 قطرا افريقيا، بعد أن اشترتها منهم أخيرا شركة «ام.تي.سي» الكويتية بمبلغ 3.4 مليار دولار.

وأبدى حاضرون في المؤتمر الصحافي آراء مغايرة، معتبرين أن «هذه الأموال الضخمة» كان من الأجدى ان تذهب لتنمية قواعد المجتمع لا قادة الدول. ويرد الدكتور ابراهيم على ذلك بأن مليارات الدولارات قد دفعت من قبل لمشاريع في افريقيا اصابها الفساد وفشلت، معتبرا ان تحفيز القادة سيقود الى نتائج افضل «لتأثيرهم الكبير على سير السياسات في بلدانهم».

وأوضح الدكتور ابراهيم، ان مؤسسته لن تسعى للتأثير على الفائز ول الكيفية التي ينفق بها المبلغ المالي. وقال لـ«الشرق الأوسط» ان لجنة الجائزة ستكون من شخصيات بارزة ذات معرفة حقة بأفريقيا والتزام بدعم التنمية في القارة. وستصدر التفاصيل الكاملة عن اللجنة وتكوينها في وقت قريب.