وكيل الخزانة الأميركية لمكافحة الإرهاب: رسالة الظواهري تكشف متاعبهم المالية

ستيوارت ليفي لـ«الشرق الأوسط»: مؤسسات إيرانية حولت ملايين الدولارات إلى حزب الله عن طريق بلدان ثالثة

TT

قال ستيوارت ليفي وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الارهاب والاستخبارات المالية، ان السلطات الأميركية جمدت 40 منظمة خيرية ارتبطت أنشطتها بتمويل «القاعدة» منذ هجمات سبتمبر 2001، فيما وضعت أسماء 29 شخصا مرتبطين بتلك المنظمات على اللائحة السوداء. وقال إنه لا يعارض عمل المنظمات الخيرية التي ترسل اموالها لمن يستحقها في المجالات الاغاثية والانسانية. وكشف في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» بمقر السفارة الاميركية بالعاصمة البريطانية بوسط لندن أول من أمس، عن وجود منظمة خيرية في باكستان تجمع الأموال لدعم انشطة منظمة «عسكر طيبة» الأصولية، الموجود اسمها على لائحة المنظمات الموصومة بالإرهاب. واعتبر المسؤول الأول عن تجفيف منابع «القاعدة» المالية، ان رسالة الدكتور أيمن الظواهري نائب ابن لادن الى ابو مصعب الزرقاوي زعيم «القاعدة» في بلاد الرافدين، الذي قتل في غارة أميركية يونيو (حزيران) الماضي، تكشف عن معاناة معيشية لقادة «القاعدة» المختبئين في الشريط الحدودي بين باكستان وافغانستان من نقص الاموال، بسبب سياسة ادارته في تجفيف المنابع المالية ومطاردة ممولي «القاعدة» منذ هجمات سبتمبر». وقال ليفي: «إن الولايات المتحدة لن تسمح بأي نشاط يدعم الإرهاب حتى لو أنه ظهر أو نشط تحت غطاء منظمات انسانية أو وسيلة إعلام شرعية».

ورغم إشادة ليفي بالتعاون المثمر من المصارف الدولية في جميع انحاء العالم في تتبع الانشطة المالية للمشبوهين بالارهاب، إلا أنه قال إن «الارهاب يلوح بقوة» بعد خمس سنوات من هجمات 11 سبتمبر، وان على العالم توخي الحذر. وركز على ان التعاون بين وزارة الخزانة الاميركية والدول العربية في تجفيف منابع الارهابيين المالية كان مثمرا الى حد كبير. وكشف عن انه بعد احكام سيطرة شبه تامة على التحويلات المالية المصرفية للمشبوهين عبر العالم، لجأت «القاعدة» والمنظمات الارهابية المرتبطة بها الى حاملي الحقائب النقدية من بلد لآخر لتمويل انشطتها. وأوضح أن حاملي الحقائب من السهل اقتفاء اثرهم في المطارات والموانئ باستخدام التقنيات العالمية، وسيكون بدورهم تقديم تفاصيل أكثر عن انشطة تلك المنظمات، كما ان بعض هؤلاء لا يمكن الوثوق بهم في توصيل ما يحملونه الى الجهات المقصودة. واعتبر ليفي ان لجوء المنظمات الارهابية الى هذا الاسلوب هو نجاح في حد ذاته في تطهير النظام المالي الدولي من نشاطهم المالي، وأن ما يعتبره البعض حاليا قيود على التحويلات المالية ما هي إلا أطر منظمة لهذه التحويلات عبر سؤال أطرافها عن معلومات خاصة بالجهة المرسلة والمتلقية لهذه الأموال. وعبر ليفي عن بعض المخاوف من نظام «الحوالة» الذي قد يمر عبر النظام المصرفي، ولكن في النهاية لا بد من التأكد من الجهات التي تصلها هذه الحوالات في النهاية.

وقال كل ما نطلبه هو الشفافية، وحمل شخص ما لعشرات الآلاف من الدولارات في حقيبة سامسونايت مثلا يثير الشبهات أينما ذهب. وأكد ليفي أن التحويلات المالية التي استخدمت في تمويل هجمات سبتمبر مرت عبر دبي، لكنه من خلال تعقبه لأنشطة «القاعدة» المالية شرقا وغربا، لم يعثر على حسابات مالية في المصارف لابن لادن والمطلوبين أميركيا بتهم تقديم الدعم لـ«القاعدة»، مشيرا الى ان الدعم المالي لـ«القاعدة» قبل وبعد هجمات سبتمبر، جاء عبر منظمات خيرية، ومتبرعون افراد في منطقة الخليج.

وأكد ليفي على ان الحظر المالي المفروض على «حماس» هو حظر دولي اقرته اللجنة الرباعية وليس حظرا اميركيا. كما شدد على ان هناك العديد من القنوات التي فتحتها السطات الاميركية من أجل توصيل الدعم الانساني والاقتصادي للشعب الفلسطيني مباشرة عبر العديد من الهيئات غير الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية العامة في مجالات مكافحة الفقر والرعاية الصحية والاجتماعية. وأضاف المسؤول الاول عن ملاحقة اموال «القاعدة» انه بالاضافة الى الحكومة الأميركية التي لا تتعامل مع حماس باعتبارها منظمة إرهابية (وهو تعريف تشترك فيه اوروبا ايضا)، فإن العديد من البنوك الدولية والعربية رفضت ايضا التعامل مع حماس، وكان قرار هذه البنوك مستقلا، ولم يكن تحت ضغط من الولايات المتحدة. فهذه البنوك رفضت ان تتورط في اعمال يعتبرها المجتمع الدولي ارهابية. واوضح المسؤول الاميركي: «رفضت هذه البنوك نقل اموال الى حماس حتى بعد جمعها في بعض الدول العربية. ولجأ مسؤولون في حماس الى حمل اموال في حقائب عبر حدود مصر مع غزة. واضاف ان قرار البنوك يعود الى الى قناعتها بأن «المجتمع المالي الدولي المحترم يرفض التورط في التعامل مع منظمات تتعاطى في الارهاب».

وتشمل جهود وزارة الخزانة الاميركية ايضا تعقب الجمعيات الخيرية التي تمول عمليات إرهابية، وبعض هذه الجمعيات داخل الولايات المتحدة نفسها. وهي تقوم بحملات توعية حول المعايير التي يجب على الجمعيات الخيرية اتباعها حتى لا تتسرب اموال الدعم الخيري الى تمويل الارهاب. وقال ليفي: «نحن نريد لأموال الدعم ان تصل الى مستحقيها، وكذلك يريد المتبرعون وصول هذه الاموال لمستحقيها وليس للارهاب. واشار الى احدى المنظمات الموقوف نشاطها في الوقت الحاضر كانت تتيح للمتبرعين اختيار المجال الذي ينفق فيه المال من الرصاص الى كافة انواع الأسلحة الأخرى». وتحدث عن استبعاد وزارة الخزانة الاميركية واحدا من أكبر البنوك الايرانية الحكومية. «بنك صادرات» من النظام المالي الأميركي». وأضاف قائلا «السبب أن هذا البنك الذي له قرابة 3400 فرع تستخدمه حكومة ايران لتحويل أموال الى منظمات إرهابية». وجادل بأن ايران تستخدم بنك صادرات لتحويل أموال الى حزب الله وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وجماعات أخرى بينها حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية. وبلغ حجم الاموال التي حولها بنك صادرات ايران الى حزب الله في خمس سنوات حوالي 50 مليون دولار.

وقال ليفي «لن نسمح بعد الآن لبنك مثل «صادرات» بأن يمارس نشاطا في النظام المالي الأميركي، ولو بشكل غير مباشر».

واشار الى ان البنك يمول منظمات مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله والجهاد الفلسطيني «وهي منظمات محظورة موجودة على قائمة المنظمات الارهابية. وقال ان التمويل الايراني لتلك المنظمات يتم بطرق غير مباشرة». وقال إن المؤسسات المالية الإيرانية محظور عليها بالفعل النفاذ مباشرة إلى النظام المالي الأميركي، لكنها تمكنت من تنفيذ تحويلات غير مباشرة عن طريق بنوك في بلدان ثالثة.

كما نوه ليفي بالجهود التي قامت بها الدول العربية، والخليجية بوجه خاص، لتعزيز الشفافية في النظم المصرفية فيها وتنظيم نشاط الجمعيات الخيرية. والوضع الآن، كما وصفه ليفي، افضل بكثير مما كان عليه في سبتمبر (ايلول) عام 2001. ولكن تبقى بعض الخطوات الواجب اتخاذها في دول المنطقة ومنها الزام الاشخاص المتبرعين بالمسؤولية القانونية عن تبرعاتهم. فالممول لجهود الارهاب ارهابي، ويجب التعامل معه على هذا الاساس. وبعض الدول العربية لم تصل الى هذه المرحلة من الشفافية بعد. ومن الاسهل اقناع هؤلاء الممولين بالعدول عن نشاطهم لأن معظمهم يقوم بهذا النشاط ليس كقضية مصيرية، مثلما يفعل المتطرفون، وانما كثواب يمكن تنفيذه عبر منافذ اخرى. واشار الى ان هناك قناعة سائدة في المنطقة عن شرور منظمة مثل القاعدة وضرورة عزلها والتخلص منها.

* ليفي في سطور

* وافق الكونغرس على تعيين ستيوارت ليفي في منصبه الحالي في 21 يوليو (تموز) عام 2004. ويوجه ليفي جهود وزارة الخزانة لقطع وسائل تمويل الإرهاب الدولي، ضمن جهود الولايات المتحدة لتأمين حدودها من المؤامرات الارهابية. وبالإضافة الى المساعدة في الحرب المالية على الارهاب، يساهم ليفي ايضا في الحفاظ على سلامة النظام المالي، بمحاربة جرائم المال وتنفيذ العقوبات الاقتصادية على الدول المارقة ومكافحة القواعد المالية لعمليات انتشار اسلحة الدمار الشامل.

وهو يشرف ايضا على مكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الخزانة الذي يوفر المعلومات العملية لأصحاب القرار ويربط الوزارة بهيكلية المخابرات بشكل عام. وكان ليفي يشغل وقت تعيينه منصب مساعد المدعي العام في وزارة العدل، وكان ينفذ من هذا المنصب كافة مهام وزارة العدل ضمن جهود مكافحة الارهاب، بما في ذلك التحقيقات وجمع المعلومات والمحاكمات. كما مثل الوزارة في لجنة تنسيق سياسات مكافحة تمويل الارهاب.

وكان ليفي يمثل الوزارة في العديد من المناسبات التي تجمع ادارات حكومية اخرى لاتخاذ قرارات متعلقة بمكافحة الارهاب.

وقبل الالتحاق بوزارة العدل في عام 2001، قضي ليفي 11 عاما في المحاماة في القطاع الخاص مع شركة لاروكا أند ليوين، وتخصص في عمليات الاحتيال المالي. وخلال عامي 1999 و2000 كان ليفي يشغل منصب رئيس مكتب واشنطن للسناتور السابق دانفورث في تحقيقات حول دور الحكومة في اقتحام مقر جماعة دينية في منطقة واكو في تكساس. كما عمل كاتبا للقاضي لورنس سيلبرمان في محكمة الاستئناف بدائرة واشنطن بين عام 1989 و1990.

وهو خريج جامعة هارفارد دفعتي عام 1986 و1989.