مسؤول أميركي: وثيقة مكة مهمة للغاية ورسالة واضحة للعراقيين

واشنطن تتهم الإعلام بـ«التضليل» في تناول خلاف «الأهداف» و«الأطر الزمنية» مع المالكي

TT

فيما وصف مسؤول اميركي اللقاء الذي انعقد في مكة المكرمة بين الشيعة والسنة في العراق وانتهى بتوقيع «وثيقة مكة»، التي تحرم الاقتتال المذهبي، بأنه «خطوة مهمة للغاية»، ونوه بالدور الذي قامت به السعودية ومنظمة المؤتمر الاسلامي لترتيب ذلك اللقاء، قلل البيت الابيض من خلافه مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول «الاطر الزمنية» و«الاهداف»، متهما وسائل الاعلام بـ«التضليل» في هذا الشأن.

وقال ديفيد ساترفيلد مستشار كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، والمنسق الاميركي في العراق، خلال ندوة عقدها الليلة قبل الماضية في واشنطن، «نحن ممتنون للدور الذي قام به المسؤولون السعوديون ومنظمة المؤتمر الاسلامي، الذين جعلوا اللقاء ممكنا». واضاف ساترفيلد، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء «كان مهماً لانه ارسل رسالة واضحة للشعب العراقي حول المصالحة، وكذلك ارسل رسالة بعدم وجود اي (عنف شرعي) ضد الشعب العراقي، كما أكد عدم وجود اي مبرر لقتل الابرياء اياً كانت الجهة التي تقترف ذلك، وهو ما يشكل خطوة مهمة نعتبرها جزءا من مسلسل، سواء على المستوى الديني او السياسي، لمعالجة كيفية التوصل الى تثبيت السلام في العراق، وكيف يمكن وقف العنف الطائفي، واخيراً كيف يمكن انهاء وجود المجموعات والعصابات المسلحة والميليشيات، التي تقع عليها المسؤولية الاساسية في اعمال العنف الحالية». واشار ساترفيلد الى ان الولايات المتحدة تجري اتصالات مع اولئك الذين تربطهم علاقة مع «المتمردين» (المسلحون العراقيون) للبحث عن كيفية لايقاف العنف، ومعرفة ما اذا كانوا جادين فعلا لايقاف دوامة العنف.

واعلن ساترفيلد ان واشنطن «تساند بقوة» رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحكومته، وزاد قائلا، رداً على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط»، حول ما إذا كانت واشنطن ما تزال مستمرة في تأييد المالكي، «نعم نؤيده ... نحن ندرك الظروف الصعبة التي يمر بها العراق اليوم، وندرك تماماً مدى صعوبة القرارات، التي يمكن ان تتخذها الحكومة العراقية، وهي قرارات صعبة على الصعيد الامني، وعلى صعيد المصالحة السياسية، وهذه قرارات يجب ان تتخذ من طرف حكومة ذات سيادة، ونحن نحترم هذه السيادة، لكن هناك قرارات يجب ان تتخذ من طرف الحكومة العراقية، من أجل عراق ديمقراطي ينعم بالسلام، ودورنا في الولايات المتحدة وفي قيادة قوات التحالف مساندة الحكومة العراقية وقوات الامن وتوفير الوسائل لها من اجل قيادة بلدها الى الامام، لكن مستقبل العراق وأمنه يقع على عاتق العراقيين أنفسهم». وزاد ساترفيلد قائلا: «نحن نتوقع من المالكي ان يتخذ هذه القرارات ولدينا ثقة في قيادته».

وكانت بعض التكهنات قد اشارت الى ان الولايات المتحدة لم تعد متحمسة لاستمرار دعم رئيس الوزراء العراقي، وذلك استناداً الى اشارات وردت في تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش، في ندوة صحافية عقدها الثلاثاء الماضي، وقال فيها إنه مثل معظم الاميركيين غير راض عن الاوضاع المتفاقمة في العراق. ويبدو ان الغرض الاساسي للندوة الصحافية للسفير ساترفيلد في مركز الصحافة الاجنبية في واشنطن، كانت ترمي الى دحض هذه التكهنات.

من ناحية ثانية، رأى دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي ان الخلافات بين واشنطن وبغداد بشأن خطط لقيام العراقيين بدور أكبر في الامن ترتبط بمناورات سياسية لعام الانتخابات في اميركا.

ورفض تلميحات الى أن عملية تحديد أهداف ـ أشاد بها مسؤولون أميركيون اخرون، باعتبارها تقدما باتجاه تسليم السيطرة الى العراقيين ـ عملية رسمية، مخالفا بذلك سفير الولايات المتحدة لدى بغداد زلماي خليلزاد، الذي قال الثلاثاء الماضي، ان الزعماء العراقيين وافقوا على جدول زمني يضم اجراءات سياسية وأمنية. وفيما اصبح جدلا بشأن المصطلحات نفى المالكي منذ ذلك الحين أن يكون قد اتفق على أي جداول زمنية، حسبما افادت به وكالة رويترز.

وقال رامسفيلد اول من امس «انه موسم انتخابي والجميع يحاولون التسبب في قليل من المضايقات باستخدام ذلك، وجعله او تحويله الى كرة قدم سياسية». وأضاف «انها عملية وليست حدثا». وبدا أيضا أن تصريحات المالكي التي نأى خلالها بنفسه عن أي أطر زمنية أميركية موجهة الى مستمعيه بالداخل، وليس الى مؤيدي الولايات المتحدة. وقال رئيس الوزراء العراقي لرويترز، اول من امس ان بامكانه القضاء على العنف في العراق في غضون ستة أشهر، اذا منحه الاميركيون مزيدا من الاسلحة والسيطرة على قواته. وقال رامسفيلد تعليقا على تصريحات المالكي «انه سياسي». وأضاف أن مثل تلك التصريحات ينبغي أن تكون متوقعة وقال «ينبغي ألا نفاجأ... الان ما علينا سوى أن نستريح ونستمتع بالديمقراطية هناك».

والقى البيت الابيض باللوم على تقارير اعلامية مضللة في القول إن المالكي رفض أي نوع من العلامات البارزة أو الاهداف. وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض، «السؤال الذي طرح عليه هو ما اذا كان يوافق على أنه ينبغي أن يكون هناك جدول زمني لانسحاب القوات في غضون 18 شهرا». وأضافت «هذا شيء رفضه المالكي باعتباره تهورا.. ويتفق معه الرئيس تماما».