بري قلق من «صيام» السفراء عن الكلام... وسفر جنبلاط إلى واشنطن

قوى الأكثرية تريد إعطاءه فرصة لإنقاذ الحوار

TT

ينظر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بحذر شديد الى ردود الفعل على مبادرته «التشاورية» التي دعا من خلالها القيادات اللبنانية الى التشاور في موضوعي قانون الانتخاب وحكومة الوحدة الوطنية التي تطالب المعارضة بتشكيلها. فعلى الرغم من ان الردود الاولية على المبادرة توحي بان جلسات التشاور المقررة الاثنين ستنطلق بمشاركة جميع القوى التي كانت تشارك في مؤتمر الحوار الوطني المعطل منذ بدء الحرب الاخيرة، الا ان الشروط التي بدأت القوى المفترض انها مشاركة في «التشاور» تشي بأن الامور قد تكون معقدة بعض الشيء في ظل غياب الدعم الدولي لهذه المبادرة، اذ «صمت السفراء فجأة بعدما كانوا لا يتركون قضية الا يفتون فيها»، كما قال احد المقربين من بري لـ«الشرق الأوسط» امس. ويأمل بري في الحصول على اعلى مستوى تمثيل، فعلى الرغم من تركيز بري على حضور المشاركين في الحوار و«التشاور» ما عدا الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله لاعتبارات أمنية، الا ان بري لم يتبلغ بعد اسماء المشاركين الذين قال اكثر من واحد منهم انه يبحث في قضية التمثيل.

وقد ابدت مصادر بري انزعاجا من المعلومات «غير المؤكدة» وغير «المنفية» ايضا عن مغادرة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الى الولايات المتحدة الاثنين لان ما حصل يذكر بري برحلة مماثلة قام بها جنبلاط مع بدء جلسات الحوار في مارس (آذار) الماضي. اما القضية الثالثة فهي جدول اعمال التشاور الذي تطالب قوى 14 اذار بتوسيعه ليشمل موضوعات اخرى كموضوع رئاسة الجمهورية وسلاح «حزب الله» وهو ما بدا ان بري يرفضه لـ«عدم وقوع التشاور في فخ المراوحة». غير ان النائب وائل ابو فاعور المقرب من جنبلاط قال لـ«الشرق الأوسط» ان الموعد المتداول للزيارة «غير دقيق». وفي المقابل علمت «الشرق الأوسط» ان جنبلاط واصل اتصالاته بحلفائه المسيحيين في قوى «14 آذار» لاقناعهم بالعودة عن اعتراضهم على التشاور لـ«تفويت فرصة استغلال هذا الرفض من قبل المعارضة التي تنتظر شيئا مماثلا يضع قوى 14 آذار في موقع المعرقل للحوار والتفاهم في حين يضع اركان المعارضة انفسهم في موقع طالب الحوار معطين انفسهم شرعية النزول الى الشارع». وقد التقى جنبلاط اول من امس قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي زاره في المختارة، وكان هناك لقاء اخر عقد ليل امس مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة فور عودة الاخير من الخارج. فيما باشر ممثلون له اتصالات واسعة مع بقية اطراف «14 اذار». وابلغ ابو فاعور «الشرق الأوسط» انه سيزور اليوم نبيه بري لاعلان الموقف النهائي لقوى الاكثرية النيابية من الحوار بعد اجتماع لم يعلن عن موعده مسبقا لاسباب أمنية. وقال ابو فاعور ان فريق الاكثرية يعرف تماما ظروف بري ويتفهمها، وانه يحاول انقاذ الحوار ونحن نريد ان نعطي هذه العملية الفرصة.

ورغم ان بري ليس في وارد استجابة طلب قوى الاكثرية توسيع التشاور قبل ان تطلب التوسيع، الا انه اعطاها تطمينات بان موضوع الانتخابات لن يشمل تحديد موعدا لانتخابات مبكرة كما تطالب المعارضة بل بحث قانون الانتخابات. فقد «فهم» نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري (تيار المستقبل) من الرئيس بري ان «التشاور في هذا الموضوع ينحصر في نقطتين تتعلقان بالحلول المقترحة من اللجنة المعنية، وهما حجم الدائرة والنظام الانتخابي. وليس هناك من حديث لا عن انتخابات مبكرة او غير مبكرة. والقرار بانتخابات مبكرة يعود لمجلس النواب اكثر من اي فريق آخر».

وقال مكاري بعد لقائه بري امس: «ان موضوع التشاور هو مبادرة حسن نية يتحمس لها الرئيس بري لانه يريد ان يجمع البلد الى طاولة التشاور بدلاً من ان يكون هناك ازمة في الشارع، والازمة تجر الى ازمة اخرى. وان شاء الله تكون نتائج هذه المبادرة خيرة»، لكنه ابدى تخوفه من ان تضيف (جلسات التشاور) ازمة الى الوضع لاننا اذا اخذنا المبادرة نرى ان الرئيس بري اخذ من مطالب فريق «14 آذار» موضوع اجراء الحوار، وقد يكون البند الاول على جدول التشاور وهو موضوع حكومة الوحدة الوطنية مطلب المعارضة (...) ولكن في كل الاحوال اعتقد ان النيات الحسنة بين الطرفين تؤدي الى نتائج خيّرة في ما بعد. لانه لا يمكن الكلام في موضوع حكومة الوحدة الوطنية وهناك ازمة رئاسية في قراءة فريق «14 آذار» الذي انا جزء منه، وسيكون هناك تشاور بين اعضاء هذا الفريق حول هذا الموضوع، من دون وضع هذه الازمة على الجدول». اضاف: «على كل حال لكي لا ندخل في التفاصيل، الحوار والتشاور هو افضل طريقة للوصول الى الحلول، وان شاء الله يتم الاتفاق على الجدول للوصول الى حلول ترضي كل الاطراف. اما بالنسبة الى قانون الانتخابات فهذا الموضوع هو مطلب للجميع ورغبة الجميع».

ورأت النائبة بهية الحريري (شقيقة الرئيس الراحل رفيق الحريري) ان مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التشاورية (تشكل خطوة على طريق اعادة اللحمة والوحدة والنقاش المستدام الذي هو طريق الديمقراطية التي نتوق لها جميعاً من اجل الوصول الى بلد آمن مستقر ينعم ابناؤه بالحرية والسيادة والاستقلال». متمنية للرئيس بري «التوفيق في مبادرته ولكل الافرقاء اللبنانيين التجاوب مع هذه المبادرة».

واكد عضو «تكتل التغيير والاصلاح» (التي يرأسها العماد ميشال عون) النائب فريد الخازن ان النزول الى الشارع «امر غير مطروح»، لافتاً الى ان التكتل يتكلم عن محاسبة الحكومة على ادائها والمطالبة بتغييرها من موقع المعارضة وعلى اساس ادائها، وهذا امر طبيعي وبالوسائل الديمقراطية. واعتبر ان المبادرة التي طرحها الرئيس نبيه بري هي في محلها وسنتعامل مع هذا الطرح بايجابية، معلناً الاتجاه للمشاركة وان الموقف الرسمي سيصدر قريباً مشيراً الى ان مشاركة العماد ميشال عون شخصياً في التشاور «هي قيد التشاور». وقال الخازن بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير امس «نمر اليوم في ازمة ومراوحة والمطلوب الخروج منها، واحدى الوسائل المطروحة هي هذه الوسيلة، وعمليا فان هذا الطرح هو الوحيد المطروح في السوق السياسي، ونحن سنتعامل معه بايجابية اضافة الى المواضيع الاخرى المطروحة في هذا اللقاء المسمى للتشاور وليس استكمالا للحوار انما التشاور بهدف استكمال الحوار».

وقال الخازن ردا على سؤال حول اتهام الولايات المتحدة الاميركية العماد عون بتقويض عمل الحكومة: «انا لم اسمع اتهاما اميركيا رسميا بهذا الموضوع، وما نشر في وسائل الاعلام كان نقلا عن مصادر، فالحكومة موجودة ونتمنى ان تقوم بواجباتها وان تنفذ بيانها، ولو كانت تقوم هذه الحكومة بمهامها لكنا نؤيدها، ولكن بعد الحرب الاخيرة وما استجد المطلوب هو تغيير الحكومة».

ودعا النائب السابق نسيب لحود (14 آذار) الى «التعامل بايجابية مع مبادرة الرئيس بري». وقال في تصريح ادلى به امس: «مما لا شك فيه أن اللبنانيين كانوا يأملون ان تتضمن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري عناوين أخرى أساسية لا تقل أهمية إن لم تكن أهم من تلك المقترحة للتشاور في المرحلة المقبلة، وفي طليعتها العناوين المطروحة أمام مؤتمر الحوار الوطني، سواء التي تم الاتفاق عليها أو التي لا تزال عالقة. لا شك كذلك ان مهلة الـ15 يوما قد تكون غير كافية لإحراز تقدم ملموس في مواضيع التشاور». لكنه رأى أن «كل ذلك لا يحول دون التعامل بإيجابية مع تلك المبادرة، لان عناوين طاولة الحوار ستفرض نفسها تلقائيا على طاولة التشاور كما سماها الرئيس بري، اذ كيف يمكن التشاور في تأليف حكومة وحدة وطنية من دون التطرق الى البرنامج المنتظر لتلك الحكومة والى مقومات الوحدة الوطنية في المرحلة المقبلة.