قوى سياسية لبنانية تحذر من محاولات إعادة إشعال الفتنة الداخلية

غداة إعلان بري تأجيل الاجتماع التشاوري

TT

غداة اعلان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تأجيل الاجتماع التشاوري بين اطراف طاولة الحوار والذي كان مقررا اليوم، الى السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) بداعي تغيب بعض القيادات «لارتباطها بمواعيد مسبقة»، حذرت فاعليات وقوى سياسية ودينية من خطورة الانفعالات وردات الفعل تجاه أي موضوع مختلف حوله.

وفي هذا السياق، نبه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، في تصريح ادلى به امس، الى «خطورة الانفعالات وردات الفعل تجاه اي موضوع داخلي تختلف حوله آراء اللبنانيين، كي لا يكون ذلك سببا في تصعيد المواقف واستغلال الايدي الخفية لادخال البلاد في صراعات داخلية». وقال: «على اللبنانيين اليوم، مسلمين ومسيحيين، ان يوحدوا جهودهم وطاقاتهم اكثر من اي وقت مضى لتجنيب وطنهم لبنان مزيداً من النزاعات التي لا تخدم سياسة ولا وطناً ولا قضية، بل تعكر صفو البلاد وحياة اللبنانيين الذين لا يريدون لوطنهم الا الوحدة والأمن والاستقرار الذي يفتح امامهم آفاق المستقبل من اجل ابنائهم وأجيالهم في وطن آمن مستقر يتخلص فيه اللبنانيون من حالة التردي التي يعيشونها في هذه الأيام». بدوره، قال البطريرك الماروني نصر الله صفير في عظة القاها امس: «ان ما نراه ونسمعه في هذه الايام لا يدعو الى الطمأنينة. والمجتمع اللبناني منقسم على نفسه. وهناك من لا يزال يعمل للعودة بلبنان الى عهد الوصاية. وإذا لم يقتنع اهل السياسة بأن لكل من العائلات اللبنانية دورا في بناء المجتمع، وهو دور لا غنى عنه، وإذا شعر بعض هذه العائلات بالتهميش والاقصاء عن مراكز المسؤولية، فالعاقبة لن تكون سليمة. والمطلوب الرأفة بهذا الوطن».

الى ذلك، قال وزير الصحة اللبناني، محمد خليفة، ان الرئيس بري «اراد من عملية التشاور جمع الاطراف وإطلاق عملية تنفيس الاحتقان الذي بات يشكل خطرا داهما»، آملا «من هذا الحوار ان يكون نافذة أمل ويضع حدا لأمور كثيرة في معظمها يضر بالبلد». ولفت الى «ان ما يطرحه الرئيس بري ليس مشروعا سياسيا، انما هو تنازل عن مكتسبات سياسية»، محذرا من «امور عديدة يمكن ان تجر البلد الى اشياء لا تحمد عقباها».

من جهته، رأى وزير الصناعة بيار الجميل (قوى 14 آذار) ان هناك «محاولة من قبل بعض الاطراف في لبنان للانقلاب على مشروع بناء الدولة وإعادة البلد الى مرحلة ما قبل الرابع عشر من آذار 2005». وقال: «في الوقت الذي توجه فيه الدعوات الى الحوار والتشاور، هناك من يحاول تعبئة النفوس وتجييش الناس للقيام بانقلاب على الواقع الاستقلالي. لكن هؤلاء تناسوا ان الحكومة لم تأت من عدم بل تتمتع بواقع تمثيلي شعبي يعطيها كل عوامل القوة للوقوف في وجه اي محاولة انقلابية لاعادة لبنان الى الواقع المؤلم السابق».

وعن تأجيل جلسات التشاور بفعل غياب اقطاب اساسيين بداعي السفر، قال: «ربما لو كان هؤلاء مقتنعين بجدوى التشاور لكانوا ألغوا سفرهم وحضروا. نحن ننطلق من ان ما حصل في 14 آذار 2005 كان الخطوة الاساسية نحو مسيرة الاستقلال اللبناني وإعادة بناء الدولة وجمع اللبنانيين مع بعضهم البعض، في حين ان البعض يعتبر ما حصل انقلابا ويريد ويعمل بكل الوسائل للعودة الى ما سبق تاريخ الرابع عشر من آذار. وهذه نقطة الخلاف الجوهرية». واضاف: «ان الرئيس نبيه بري سعى صادقا الى جمع الاطراف حول طاولة الحوار. لكن جدول الاعمال لم يكن متناسباً مع الواقع السياسي وما يطلبه الناس، لان الاولوية في الوقت الحاضر ليست لبحث موضوع حكومة الوفاق الوطني وقانون الانتخاب بل المطروح مستقبل لبنان ومصيره».

رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع استبعد رؤية لبنان «في المدى المنظور معافى وقوياً بالشكل الذي نريده». وقال في تصريح ادلى به امس: «ان لبنان اصبح ابتداء من 14 آذار 2005 على طريق العافية وطريق استرداد قوته. ونحن يوما عن يوم ندفع بقوة في هذا الاتجاه، لكننا لم نصل بعد الى شاطئ الامان النهائي الذي نريده. نحن نسير في الاتجاه الصحيح ولكن كل تقدم يكلفنا الكثير من الوقت والجهد وأحيانا كثيرة يكلفنا قتلى كما حصل في الحرب الاخيرة على لبنان».

اما نائب رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان فقال عقب لقائه البطريرك صفير امس: «هناك محاولة جدية للعودة بالبلاد الى مرحلة الوصاية. واذا كان المطلوب اليوم شراكة اكثر في الحكم، فنحن نرحب بهذه الشراكة، لانه اذا تعاون اللبنانيون للمضي قدما الى الامام فهذا يخدم مصلحة جميع الناس. اما اذا كان المطلوب العودة الى الوراء والمشاركة من باب تعطيل الحكم فلا عاقل يقبل بهذه الامور».

واضاف: «اما في موضوع التشاور فنحن ذاهبون اليه بعقل منفتح وارادة طيبة للنقاش معا كلبنانيين بعيدا عن أي تدخل خارجي من اجل مصلحة الوطن. انما هذا لا يعني اننا مستعدون للرضوخ لأي ابتزاز او تهويل. واليوم اذا كان البعض يفكر انه من خلال الاعتصامات والنزول للشارع يستطيع ان يأخذ قضايا وطنية فنحن غير مستعدين للتنازل عن اي منها، لأنها تعيدنا الى الوراء. ونؤكد ان هذه الامور لن توصل الى اي مكان، بينما اذا توفرت الارادة الجدية للتكلم معا من اجل تحسين الاداء والشراكة فنحن مستعدون لذلك».

وأيد عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك مبادرة الرئيس بري لعقد لقاء تشاوري لبحث بندي حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب. وقال في تصريح ادلى به امس: «نحن ندعو لهذا التشاور. وندعو الفريق الآخر الى الجلوس الى الطاولة. وإذا كانت عندهم مخاوف فليطرحوها، ولكن لا يحق لهم الغاء الآخر وتمييز وتصنيف الناس والاستئثار بالسلطة».

واستغرب يزبك رد الاكثرية على مبادرة الرئيس بري بأنها «اجندة سورية»، قائلا: «ان من كان اداة للآخر ولا يتجرأ على فعل اي شيء الا باذن الآخر يتصور ان الناس جميعاً مثله».

وقال عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» خليل حمدان: «ان الحل الحقيقي لحفظ لبنان وحفظ المؤسسات وحماية المقاومة هو باللجوء الى طريق الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري وذلك على قاعدة التناقض مع المشروع الاسرائيلي»، مشيرا الى انه «من خلال الحوار نستطيع العمل من اجل قيامة لبنان ونمنع التقسيم». ولفت الى «ان البديل عن الحوار يعني الاحتكام الى الشارع وتوظيف الغرائز الطائفية وتوظيف كل ما هو بعيد عن بناء الوطن لتهديمه».

واعتبر النائب قاسم هاشم (حزب البعث) «ان تأجيل لقاء التشاور كان فعلا ايجابيا لان الرئيس بري اراد لمبادرته التشاورية الاقتصادية النجاح فأتاح المجال لمشاركة المدعوين من دون ترك مبرر لغياب اي طرف، وذلك على الرغم من بعض الاصوات التي صدحت لتنعق بالتشكيك والتهويل».