برهم صالح لـ «الشرق الأوسط» هناك مشاكل حول قانون النفط لكننا سنتغلب عليها ونضمن مصالح الجميع

خبراء يؤكدون حاجة حكومة إقليم كردستان إلى موافقة بغداد على تصدير النفط

TT

أقر نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح المكلف رئاسة لجنة صياغة قانون النفط العراقي الجديد، بوجود «مشاكل» فيما يتعلق بمسودة قانون النفط لاقليم كردستان. وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط» انه «على الرغم من المشاكل الحالية، انني واثق بأن ارادة الخيرين ستتغلب على هذه المشاكل وسنأتي بقانون يضمن تطوير الثروة والاستفادة من الاستثمارات الخاصة بما يؤمن مصالح كل الاطراف». ورفض نائب رئيس الوزراء الخوض في تفاصيل الاختلاف بين بغداد واربيل حول قانون النفط الكردي، ولكنه اكد ان «المباحثات بشأن استكمال قانون النفط العراقي ستستأنف قريباً ويشارك في المباحثات ممثلون من كردستان». واضاف انه من المتوقع ان تقدم لجنة صياغة قانون النفط العراقي مسودة القانون الى البرلمان العراقي قبل نهاية العام، وانه سيحدد مسؤولية الأقاليم والحكومة المركزية بشأن صناعة النفط وحقوق كل طرف. إلا ان مسودة قانون النفط لاقليم كردستان اصبحت جاهزة ومن المتوقع الموافقة عليها قريباً، مما قد يعني اصدار قانون الاقليم قبل قانون الحكومة الفيدرالية.

من جهته، أكد الناطق باسم حكومة اقليم كردستان خالد صالح لـ«الشرق الأوسط» عزم الحكومة الكردية على المضي قدماً بتطبيق قانونها، موضحاً: «القانون يتماشى مع الدستور العراقي الذي يقر بوضوح تفوق قانون الاقليم (على قانون الحكومة الفيدرالية) في هذه المسألة». ويذكر ان مسودة القانون تعتمد على المادة 115 من الدستور العراقي التي تنص على ان «كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما». وأوضح خالد صالح ان مسودة قانون النفط لاقليم كردستان لم تقدم رسمياً الى البرلمان الكردي بعد، وانما اكمل وزير الموارد الطبيعية الكردي اشتي هورامي العمل على مسودة القانون وقدمها الى مجلس الوزراء (لاقليم كردستان) وستقدم الى البرلمان الكردي خلال ايام. ويأتي هذا القانون قبل تقديم حكومة بغداد المركزية مسودة نص قانون النفط العراقي الذي من المتوقع ان يوضح الشكل النهائي لتوزيع الثروات النفطية على الشعب العراقي ودور الاقاليم في ادارتها، مما أدى الى معارضة في بعض الأوساط العراقية.

وعلى الرغم من الثقة الواضحة الذي يبديها المسؤولون في حكومة إقليم كردستان في المضي قدماً بتطوير حقول النفط في الإقليم، إلا ان النقطة الرئيسية التي قد تقف عقبة في تصدير النفط من الاقليم والاستفادة من ارادته هي مسألة نقل النفط، خاصة وان انابيب النفط عائدة الى الحكومة المركزية. ومن المتوقع ان يذهب وفد كردي، برئاسة رئيس الوزراء الكردي نيجيرفان بارزاني، الى بغداد في الايام المقبلة لحل الخلافات حول مسودة القانون الكردي والتشاور بشأن صياغة قانون النفط العراقي. وعلى الرغم من ان مسودة سابقة لقانون النفط العراقي حدد 3 اشهر لحل الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة اربيل حول القانون الكردي منذ تاريخ اقراره، إلا ان المسودة الاخيرة لا تحدد فترة زمنية لذلك. ويوضح البند 24 من مسودة القانون انه في حال عدم التوصل الى اتفاق بين حكومة العراق وحكومة الاقليم لاتفاق حول تقاسم الثروات وإدارة النفط، فان حكومة الاقليم ستسير كلياً على العمليات النفطية، بما فيها السيطرة على الايرادات النفطية. وشرح وزير النفط العراقي السابق عبد العزيز الوتاري، ان القانون الحالي المطبق في العراق هو «قانون شركة النفط الوطنية» العائد الى عام 1964. وقال الوتاري لـ«الشرق الأوسط» ان القانون يضع جميع العمليات النفطية تحت تصرف الحكومة المركزية لتعود ايراداته الى الخزانة المركزية. وبالنسبة الى قانون النفط الكردي والخلافات حول توزيع الثروات النفطية، قال الوتاري الذي كان وزيراً للنفط في وقت سن القانون العراقي قبل أكثر من 30 عاماً، ان «المسألة تعتمد على شرعية هذه الثروة، والاعتراف الدولي بكردستان وحقها في التصرف بثرواتها النفطية». وبالنسبة الى تصدير النفط من اقليم كردستان، شرح الوتاري انه يجب «نقل النفط عبر انابيب النفط العراقية، وحتى تصديره عبر الشاحنات بكميات قليلة يجب ان يكون بالتعاون مع دول الجوار». ولفتت فالري مارسيل المختصة بشؤون النفط في «المعهد الملكي للشؤون الدولية» في بريطانيا الى ان «نقطة القوة الاكبر للحكومة العراقية في مفاوضاتها مع حكومة اقليم كردستان هي سبل نقل النفط». وشرحت ان «نقل النفط لتصديره سيتم اما عبر الاراضي العراقية (خارج اقليم كردستان) أو عبر تركيا (الى ميناء جيهان)، وكلا الطرفين له مصلحة في تأخير استقلال الاقليم، ولذلك قد يعرقلان تصدير النفط اذا لم يتم بالاتفاق معهما». وقالت مارسيل ان هناك «عدة نقاط تثير الخلافات» حول النفط في العراق. وقالت ان أولى تلك النقاط هي «عن الحقول الحالية والحقول المستقبلية، فالتفسير الدستوري للحقول الحالية والمستقبلية غير واضح». وأضافت: «من الممكن حل مشكلة آلية تقاسم الايرادات، ولكن المشكلة هي اية ايرادات بالضبط ستعود الى أي طرف». من جهته، أوضح الناطق باسم حكومة الاقليم، ان أربيل لم تستلم حتى الآن «اعتراضاً رسمياً او حتى تعليقاً رسمياً» على القانون، موضحاً انه حتى الآن كانت الاعتراضات بشكل «تصريحات اعلامية». ولكنه اردف قائلاً انه «ليس من حق الحكومة الفيدرالية الاعتراض على القانون، لأنه يأتي ضمن الدستور العراقي». واضاف خالد صالح: «نريد تجنب المشاكل وحل هذه المسألة من خلال المناقشات العلنية». ولم تحدد في مسودة القانون بعد النسب التي ستقدم الى حكومة اقليم كردستان من الحكومة المركزية من ايرادات النفط، بالاضافة الى العائدات المحددة للحكومة العراقية من ايرادات النفط في كردستان. وتنص المادة 5 من مسودة القانون الكردي أن «حكومة الاقليم ستقتسم الادارات من النفط مع الشعب العراقي بحسب الدستور العراقي»، من دون تحديد النسب. وينص الملحق (أ) على ان توزيع حصة الحكومة الكردية من «جميع ايرادات الحكومة العراقية من الحقول الحالية» ستكون «نسبة عادلة». وشرح خالد صالح ان هذه النسب لم تحدد لأنه يجب مناقشة النسب في البرلمان الكردي للتوصل الى نسبة نهائية، بينما قالت مارسيل ان ذلك يجب ان يوضح في قانون النفط العراقي الصادر من بغداد. إلا ان مسودة القانون حددت بأن 10 في المائة من جميع الايرادات ستوزع سنوياً على «كل مواطن في اقليم كردستان»، بالإضافة الى تخصيص 7 في المائة لـ«صندوق استثمارللاجيال القادمة من مواطني إقليم كردستان»، بالإضافة الى تخصيص ما لا يقل عن 1.5 في المائة من ايرادات النفط لـ«مواطني اقليم كردستان الذين عانوا أو ما زالوا يعانون من مصاعب بسبب سياسات النظام العراقي السابق». وكان وكيل وزير المالية الاميركي روبرت كيميت قد قال لـ«الشرق الاوسط» في وقت سابق، ان الجدل بين بغداد واربيل ليس حول توزيع الثروات، وانما على الحق في منح العقود للشركات الدولية للتنقيب واستخراج النفط في اقليم كردستان. وأضاف: «هناك اتفاق عام على توزيع الايرادات، ولكن ما زالت هناك بعض النقاشات على مسؤولية الحكومة والاقليم حول العقود واية شركات دولية تنقب وتستكشف آبار النفط». ورأى ان هذه المناقشات «تأتي في سياق المناقشات العامة حول الفيدرالية في العراق». ويؤكد الجزء الثاني من البند السابع لمسودة القانون الكردي، ان وزير اقليم كردستان هو المسؤول عن التفاوض والموافقة على اية اتفاقات نفطية، وتنفيذها. كما تنص المادة 80 من المسودة انه يجب مراجعة اية اتفاقات من قبل الحكومة العراقية تتعلق بالنفط في اقليم كردستان، وانه يجب «ادخال هذه الاتفاقات تحت سيطرة الحكومة الاقليمية». ولفت الدكتور محمد علي زيني، خبير في شؤون النفط في «مركز دراسات الطاقة العالمية» في لندن، الى ان الوضع في كردستان فريد من نوعه، قائلاً: «عادة ما تعود العمليات النفطية الى الحكومة المركزية، فعلى سبيل المثال، النفط في بريطانيا يقع في البحر الشمالي الذي يعود الى اسكتلندا، ولكنه مع ذلك تشرف الحكومة المركزية في لندن على العمليات النفطية». وبالنسبة الى الضرائب المستحقة للعمليات المتعلقة بالصناعة النفطية، ينص الجزء الخامس من البند 49 لمسودة القانون الكردي، على ان «ضرائب الحكومة الاقليمية ستكون الضرائب الوحيدة» المطبقة على العمليات النفطية. ويشير البند الى المادة 115 والجزء الثاني من المادة 121 من الدستور العراقي اللذين يسمحان بذلك. وتقول المادة الاخيرة انه «يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية».

من جهته، اكد هيغا ايده مدير شركة «دي ان او» النرويجية احدى ابرز شركات النفط الاجنبية في اقليم كردستان، ان شركته تواصل عملها والتنقيب في الاقليم، ولا تخشى من مشاكل قد تثيرها مسودة القانون الجديد. وأضاف في اتصال مع «الشرق الاوسط»: «لن تعرقل الخلافات عملنا، فعقدنا مع حكومة اقليم كردستان يتطابق مع الدستور العراقي، وستحل هذه الخلافات في الوقت المناسب»، موضحاً: «نحن نعتمد على ما نسمعه من الاكراد». ولفت الى ان شركته لها عقود مع وزارة النفط العراقية و«خلال السنة والنصف الماضية لم نر اية اشارة من الوزارة الى ان هناك استياء من عملنا في كردستان».

وأكد ايده انه من المتوقع ان يبدأ انتاج النفط في الربع الاول من العام المقبل، بعد اكتشاف النفط في حقلي توكي وطق طق في اقليم كردستان. وأضاف ان «دي ان او» تقيم الحقلين وتتوقع استكشاف المزيد من آبار النفط قبل نهاية العام الحالي. وابدى برهم صالح عزمه على حل اية خلافات حول النفط في العراق. وشدد على انه حان الوقت بأن تصبح الثروة النفطية في العراق نعمة لشعبه، وليست نقمة تسبب المزيد من المشاكل للبلاد بسبب الصراعات على السيطرة عليها. وقال: «نريد ان نحول الثروة النفطية من النقمة التي كانت على العراقيين من استبداد العقود السابقة الى ثروة ينعم بها كل العراق».