أمير الكويت يدعو في افتتاح البرلمان إلى نقلة نوعية في نظام التعليم

دعا السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى التعاون

TT

افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح دور الانعقاد الجديد لمجلس الأمة (البرلمان) الذي تسيطر عليه قوى المعارضة الإسلامية والوطنية، ودعا في خطابه السلطتين التشريعية والتنفيذية الى «التعاون» و«الالتزام بالقانون» لمحاربة «الفساد».

وطالب الأمير في خطابه الذي افتتح به أعمال البرلمان بعقد مؤتمر وطني لتطوير التعليم في الكويت، قائلا: «انه لا بد أن يكون لنا نصيب بمزيد من التطور من خلال نقلة نوعية بنظامنا التعليمي وقد آن الأوان لعقد مؤتمر وطني يساهم فيه المعنيون والمختصون في وضع الأسس العلمية المناسبة لتطوير التعليم، والاستفادة من تجارب العالم المتقدم وخبراته بما يتوافق مع احتياجاتنا الوطنية، لبناء جيل من أبناء الكويت محب للوطن مبدع في عمله قادر على بناء مستقبله».

كما حث على «استثمار الموارد الوطنية فيما يعود على أبناء هذا الوطن بالخير والرفاه حاضرا ومستقبلا». واضاف قائلا «واني أهيب السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تكون أولى ثمار التعاون بينهما تأكيدا لأهم الأولويات ووضع الضوابط والإجراءات المناسبة لكيفية استخدام تلك الموارد المالية في تطوير وتحسين مرافق الأمن والتعليم والصحة والتنمية والخدمات العامة».

واختتم الشيخ صباح كلمته بأن «الكويت ليست لفئة دون أخرى ولا لطائفة دون غيرها، إنها للجميع، عزتنا من عزتها وبقاؤنا من بقائها مرفوعة رؤوسنا بالانتماء إليها أبناء مخلصين لها بعمل يبني وجهد يثري ودم يفدي، ندرك جميعا عظم المسؤولية وأهمية حمايتها من خلال الإيمان بالنظام الديمقراطي ونبذ الممارسات التي تقود إلى التفرقة والتفكك والترفع عن التحزب والتعصب والتزام الحكمة وتغليب المصلحة العامة فذلك كله سياج حصين لأمن واستقرار هذا الوطن».

من جهته أكد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أمس ضرورة أن يكون العمل الوطني بمستوى المسؤولية وتجسيدا للوحدة الوطنية وبعيدا عن المزايدات والمصالح الشخصية. وقال الخرافي في كلمة له بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الـ 11 لمجلس الأمة إن الدول لا تدار بالعفوية، والمؤسسات لا تحكم بالعلاقات الشخصية، وتطبيق القانون ليس مسألة انتقائية، والديمقراطية ليست نظاما لتقاسم المنافع الذاتية. واضاف «إن القيادة لا بد أن تقوم، والقانون لا بد أن يسود، وهيبة الدولة يجب أن تعود، مؤكدا أن الإصلاح إرادة سياسية لبناء الحكم الصالح وبرنامج عمل لتحقيق أهداف التنمية الشاملة وشأن وطني شامل لا يقتصر على فئة دون أخرى أو تيار دون سواه».

ونبه الخرافي إلى تداعيات الأحداث في المنطقة العربية وما قد يتولد عنها من نتائج تهدد الأمن والاستقرار فيها «فالعراق الشقيق لا يزال يعاني من عدم الاستقرار جراء الفرقة الداخلية والتدخلات الخارجية، والعدوان الإسرائيلي الأخير على الأشقاء في لبنان وفلسطين لا تزال آثاره المدمرة قائمة وانعكاساته الخطيرة المحتملة على أمن الشعبين الشقيقين بادية للعيان، والحوار الدولي مع إيران بشأن ملفها النووي لم يتوصل حتى الآن لما ننشده من استقرار للمنطقة واطمئنان لشعوبها».

أما رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فأكد في كلمته أن الحكومة تستقبل دور الانعقاد الجديد «بفيض من الأمل والعزم الأكيد على العمل الجاد المخلص والأداء المسؤول، ونتطلع إلى التقاء السلطتين التشريعية والتنفيذية على تعاون أكبر، وندعو إلى مزيد من الانفتاح على تقبل النقد البناء وتفعيل الحوار الايجابي وتبادل الرأي والملاحظات، وألا يقف التعاون عند شعار حسن النوايا بل يتعداه ليكون علامة راسخة في العمل والتفاني من أجل المصلحة الوطنية ودفع التجربة الديمقراطية نحو أعلى درجات الارتقاء الحضاري».

وبين الشيخ ناصر المحمد أن «التجارب السابقة أثبتت أن العلاقة بين السلطتين لا يمكن تأسيسها على منازعات مصلحية وصراعات تسلطية وعلى تجاوز أو انتقاص في الصلاحيات وإنما على توافق تكاملي في الرأي والرؤية بما يعزز الدور التشريعي والرقابي لمجلس الأمة ويدعم جهود الحكومة في دورها التنفيذي ضمن أحكام الدستور والقانون، مؤكدين على الفصل بين السلطات وتعاونها وضرورة الالتزام الكامل بحدود ومتطلبات هذا الفصل استجابة لضرورات المصلحة العامة».

وزاد الشيخ ناصر المحمد أن «إستراتيجية العمل الحكومي تقوم على بناء مقومات الثقة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتكون الأساس الراسخ لتعاون وثيق مثمر يقود إلى بلوغ المأمول من الانجازات».

وأشار الشيخ ناصر المحمد إلى أن «الحكومة ترى أن هذه الثقة تمثل صمام الأمان في علاقة السلطتين والإرادة الجامعة على تجنب أسباب الاحتقان وافتعال الأزمات وتصعيد المواقف وبالتالي عرقلة العمل فيما بينهما».

واعتبر الشيخ ناصر المحمد أن «التعاون الايجابي المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هو من أجل مصلحة الكويت التي تدعونا دائما إلى التعالي عن الأهواء والعصبيات والمكاسب الضيقة».

وحدد الشيخ ناصر المحمد رؤية الحكومة للعمل خلال الفترة المقبلة التي سترتكز على «بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة بين الحكومة والمجلس بما يساعد على معالجة الاحتقانات والتجاذبات المتكررة التي تشهدها الساحة السياسية على مستوى هاتين المؤسستين الدستوريتين وتكون كافية لتوجيه جهودهما نحو تحقيق تلك الإستراتيجية».

أما على الصعيد السياسي فقد أكد الشيخ ناصر المحمد أن الحكومة في ظل سعيها لتنفيذ تصورها ستعمل على «الالتزام بمبدأ فصل السلطات ورفض أي تعد على الاختصاصات الدستورية للسلطة التنفيذية» إضافة إلى «تمسكها بأدواتها الدستورية لحماية رأيها وللدفاع عن موقفها في حالة الاختلاف».

واقتصاديا ستقوم الحكومة بمعالجة «المثالب في الاقتصاد الوطني على ثلاثة محاور وهي الإصلاح المالي لمعالجة المثالب الهيكلية في الموازنة العامة، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ومعالجة اختلال سوق العمل وبالأخص فيما يتعلق بالعمالة الوطنية في القطاع العام».

وكشف الشيخ ناصر المحمد في خطابه عن عدة مشاريع كبرى تتبناها الحكومة لتطوير البنى التحتية والفوقية ومنها بناء عدد من المستشفيات في مختلف مناطق دولة الكويت أولها مستشفى جنوب السرة في ديسمبر 2006 بسعة تزيد عن ألف سرير، وبناء محطة الزور الشمالية بطاقة 3000 ميجا وات سيتم التحكم فيها إلكترونيا بشكل كامل، واستكمال عمليات إحلال شبكة الألياف الضوئية في مجال الاتصالات.

الى ذلك استطاعت الحكومة اختراق التزام الكتل النيابية تجاه دعم مرشحيهم للمناصب الرئيسية وعضوية اللجان وهو ما فجر مفاجأة داخل قاعة البرلمان بينت أن الحكومة لا تزال هي المسيطرة على مفاتيح اللعبة السياسية عكس ما بينه النواب في لقاءاتهم المختلفة الأيام القليلة الماضية.

وتمكنت الحكومة من تحقيق مفاجأتين بفضل تحركات قادتها بصمت وهدوء داخل مجلس الأمة من كسر التزام عدد من النواب في الكتلة الإسلامية وإقناعهم بالتصويت لمصلحة المرشحين على حساب مرشحي الكتل، الأمر الذي سيلقي بثقله على النقاشات بالشارع السياسي وعلى مستقبل التعاون بين الكتل على صعيد العمل البرلماني المشترك. وتمثلت المفاجأة الأولى بفوز النائبين المقربين من الحكومة حسين الحريتي ومبارك الخرينج بمقعدي أمين السر ومراقب المجلس بمواجهة مرشحي الكتل النيابية أحمد المليفي (العمل الوطني) وأحمد لاري (العمل الشعبي) حيث أظهرت النتائج حصول الحريتي على 38 صوتا مقابل 26 للمليفي وحصول الخرينج على 39 صوتا مقابل 26 صوتا للاري، الأمر الذي يؤكد تخلي ثمانية نواب التزام الكتل البرلمانية.

أما المفاجأة الثانية فكانت إبعاد عدد من مرشحي الكتل النيابية عن عضوية بعض اللجان التي تمثل للحكومة أهمية خاصة لمصلحة مرشحين مقربين منها.

وستخلق نتائج جلسة الافتتاح التي أجريت أمس جوا من عدم الثقة بالعمل والتعاون بين الكتل النيابية التي ثبت أن بإمكان الحكومة اختراق تضامنها متى ما أرادت خاصة في ظل حديث عن تنسيق مسبق بين الكتل النيابية على عدد من الأولويات والقضايا التي ستطرح في هذه الدورة.