مقتل 3 وجرح 20 في انفجاري عربتين مفخختين في العاصمة الجزائرية

العمليتان تحملان بصمات «الجماعة السلفية»

TT

عاشت الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية الليلة قبل الماضية هلعا كبيرا بسبب انفجاري عربتين مفخختين استهدفا مركزي شرطة وخلفا ثلاثة قتلى ونحو 20 جريحا. ونسبت مصادر أمنية العمليتين التفجيريتين لـ «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» على اعتبار أن منطقة شرق العاصمة تعد واحدة من معاقلها.

وقالت نفس المصادر إن أشخاصا مجهولين وضعوا شاحنة خاصة بمعالجة النفايات المنزلية مشحونة بمتفجرات، بالقرب من مركز للشرطة في منطقة رغاية (30 كلم شرق العاصمة) في حدود منتصف الليل. وقد هرب المجهولون قبل لحظات من انفجار الشاحنة الذي خلف قتيلين و14 جريحا من المدنيين، بينما أصيب مبنى محافظة الشرطة وبنايات عمومية وبيوت سكان المنطقة بشظايا القنبلة. وادى الانفجار الى احتراق 18 سيارة وأجزاء من مبنى مكون من طابقين وترك حفرة بعمق متر على الاقل على الرصيف ودمر نوافذ عدد من المباني وألقى بأجزاء من الشاحنة الملغومة الى مسافة أكثر من مائة متر من الموقع. وقال شهود لـ«الشرق الأوسط»، إنهم لم يشهدوا انفجارا بهذه القوة منذ 10 سنوات، وأن حصيلة الضحايا كانت ستكون أثقل لو وقع الانفجار في النهار.

وأفادت مصادر أن الشاحنة كانت معبأة بنحو 60 كيلوغراماً من المتفجرات. وذكرت المصادر الأمنية أن رجال الشرطة خرجوا من مركزهم مذعورين لهول الحادثة، وأنهم حاولوا تعقب آثار منفذي العملية الذين كانوا قد ابتعدوا عن المكان، حيث شوهدوا هاربين على متن سيارة. وأوضح مصدر محلي أن مبنى محافظة الشرطة حديث التأسيس، ويقع في شارع يقود إلى شاطئ قورصو ويشهد حركة كثيفة للمارة والسيارات في النهار. وقال ضابط دركي لـ «الشرق الأوسط»: «لو انفجرت القنبلة في النهار لكانت الحصيلة كارثية». وأوضح شخص آخر من نفس المنطقة، أن «الإرهابيين كانوا يخططون لنسف محافظة الشرطة بما فيها من أعوان أمن، وفي اعتقادي كانوا يريدون توقيف الشاحنة بمحاذاة جدار المحافظة، لكن خشية أن ينكشف أمرهم ويتم إفشال المخطط، أوقفوها على بعد أمتار ما جعل خسائر مبنى الشرطة قليلة لكن الأضرار التي لحقت بالبيوت كبيرة».

وبعد حوالي نصف ساعة من الحادث، سمع دوي انفجار آخر غير بعيد عن رغاية وتحديدا في حي درقانة (20 كلم شرق)، استهدف مركز الشرطة المحلي. وقالت مصادر إن الانفجار، الذي نجم عن سيارة مفخخة، أسفر عن مقتل امرأة وجرح ستة أشخاص من أبناء الحي. وأفاد شهود أن بنايات كثيرة تضررت من شظايا السيارة المتطايرة، فضلا عن حالة من الهلع خلفها الحادث.

وذكر شخص يسكن في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»: «الوقع الذي تركه الانفجار في النفوس، يعادل الخوف الذي تملك الناس في زلزال 2003 (ضرب شرقي العاصمة وخلف أكثر من ألفي قتيل)، فقد خرج المئات من البيوت إثر سماع الانفجار وشاهدنا دخانا يتصاعد من الحي القريب من محافظة الشرطة، وكنا نعتقد أن الأمر يتعلق بانفجار في أنبوب الغاز وكثير منا لم يكن يتوقع تفجير قنبلة في منطقتنا كونها ظلت بعيدة عن العمليات الإرهابية منذ سنين طويلة».

وصباح امس، بدا هيكل العربة المفخخة قرب مركز الشرطة أقل تضررا مقارنة بمنزل مجاور انهار جزئيا جداره الامامي. وقال احد المقيمين في المنطقة: «ظننته قصفا مدفعيا. أولادي كانوا نياما عندما سمعوا الدوي. ومازالوا يعانون من الصدمة».

وقد استنفرت مصالح الأمن رجالها بعد العمليتين، وأطلقت تحريات لمعرفة ظروف تفجير العربتين، ورجحت المصادر الأمنية أن يكون المدبرون استفادوا من دعم أشخاص من المنطقة. وأشارت مصادر أمنية لـ «الشرق الأوسط» إلى وجود خلايا تحشد الدعم للمسلحين في الضاحية، وقالت إن العمليتين تحملان بصمات «الجماعات السلفية للدعوة والقتال».

ويأتي الانفجاران في سياق سلسلة من الأعمال المسلحة شهدتها مناطق شرق العاصمة، نهاية شهر رمضان خلفت قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمن. وقد عززت المديرية العامة للأمن الوطني قواتها خلال رمضان في العاصمة، حيث نشرت عددا إضافيا من رجال الشرطة وضاعفت نقاط المراقبة في مداخل ومخارج المدن.

وأفاد خبراء في شؤون الامن ان انفجاري الليلة قبل الماضية أظهرا بأن الجماعة السلفية التي ترفض ميثاق السلم والمصالحة نجحت في تطبيق استراتيجية للابقاء على الضغط على الحكومة على الرغم من ملاحقة قوات الامن المستمرة لها. وذكر احد هؤلاء الخبراء ان تشرذم الجماعات المسلحة الى مجموعات صغيرة تحت ضغط الجيش حرم أجهزة الامن فرصة الحصول على معلومات عنها، واعرب عن توقعه بتكثيف المسلحين لهجماتهم على المدى القصير.