مبارك وافق على تعديل الدستور لتشجيع أحزاب المعارضة على خوض انتخابات الرئاسة

«التجمع» و«الإخوان» يرحبان بالقرار و«الناصري» يتبنى موقفا متشائما

TT

أعلن رئيس البرلمان المصري الدكتور فتحي سرور ان الرئيس حسني مبارك وافق على أن تشمل التعديلات المتوقعة للدستور المصري المادة 76 الخاصة بآليات الترشيح لرئاسة الجمهورية لتشجيع الأحزاب وتدعيمها. فيما رحب حزب التجمع وجماعة الإخوان المسلمين بهذا الإعلان وحذر الناصري من تفريغه من مضمونه. وأوضح سرور في لقاء مع المحررين البرلمانيين أمس أن هذه المادة تقرر تعديلها لتشجيع الأحزاب على خوض الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أنه تبين أن المعايير التي تم وضعها لم تكن كافية لذلك ولهذا فسوف يتم تعديلها لوضع معايير جديدة لتشجيع وجود الأحزاب في الحياة السياسية وليتوقف الذين تحدثوا عن أن هذه المادة صيغت لأهداف معينة. وفي حين لم يكشف سرور عن طبيعة التغييرات التي ستتم في المادة 76 فإن مصادر داخل الحزب الوطني الحاكم قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التعديلات ستتعلق بإتاحة الفرصة للأحزاب في ترشيح أحد قياديها في الانتخابات الرئاسية سواء بتقليل النسبة التي يجب أن يحوزها الحزب في البرلمان وهي 5% أو بإلغائها تماما، مشيرة إلى أن التعديلات لن تقترب من الشرط الخاص بحصول أي مرشح مستقل على تزكية 250 من نواب مجلسي الشعب والشورى وأعضاء المجالس المحلية في 15 محافظة حتى يتمكن من خوض الانتخابات. وقال وكيل البرلمان المصري عبد العزيز مصطفى، لـ«الشرق الأوسط» إن اقتراح الرئيس مبارك يهدف لتحقيق مبدأ المشاركة من جانب الأحزاب، مشيرا إلى أن الطريقة التي سيتم بها وضع الصياغة الجديدة للمادة 76 سيقررها أعضاء البرلمان وفق مبدأ ترسيخ المشاركة.

وأتاح تعديل المادة 76 من الدستور العام الماضي إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر شارك فيها عشرة مرشحين، لكن المعارضة وبعض الأصوات داخل الحزب الحاكم طالبت بإعادة تعديلها، مشيرة إلى أن الإجراءات المنصوص عليها لن تسمح سوى للحزب الحاكم بخوض الانتخابات الرئاسية فقط حيث تشترط حصول أي حزب على 5% من مقاعد البرلمان للترشيح لرئاسة الجمهورية. وأجرت مصر انتخابات رئاسية العام الماضي فاز فيها الرئيس مبارك على منافسيه من عدة أحزاب معارضة، ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2011.

من ناحيته قال رئيس حزب التجمع اليساري الدكتور رفعت السعيد ان القرار «يدل على صحة موقفنا عندما أعلنا رفض تعديل هذه المادة في المرة السابقة وأكدنا أنها لا تتماشي مع الواقع وجرى تفصيلها على يد عدد من ترزية القوانين ووفق حسابات محددة سلفا ولكن ثبت أنها خاطئة وثبت زيف من أكدوا في السابق أنها أفضل ما يمكن وساقوا الإعلام حول هذا الموضوع بصورة غير مسبوقة».

وأضاف السعيد «أن ما حدث اثبت أن التعديل كان خاطئا من البداية وهم الآن يعودون للحق والحقيقة ونحن نأمل أن يكون التعديل هذه المرة جديا وألا يتم على غرار ما حدث سابقا»، مشيرا إلى أن حزبه سوف يبحث الأمر وقد نبحث تقديم مقترح حول تعديل المادة للبرلمان خلال الدورة القادمة.

من جانبه اعتبر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف أن القرار «طيب»، لكنه عاد ليقول «ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف سيكون التعديل الجديد وهل سيحقق مصالح الشعب وآمال الأمة أم انه سيزيد الأوضاع تأزما وإحباطا؟»، فيما شكك المتحدث الرسمي باسم الإخوان في البرلمان حمدي حسن في الخطوة وأبدى تخوفه من تبعاتها. أما رئيس الحزب الناصري ضياء الدين داوود فكان أكثر تشاؤما وأبدى تخوفه وقال «على الجميع ألا يسرفوا في التفاؤل». وحذر داوود من محاولات التفاف على تعديل الدستور المزمع إجراؤه وقال «ان التعديل بالتقسيط على هذا النحو يعتبر سرقة لآمالنا ويضر بالحياة السياسية والحزبية، وإذا كان النظام صادقا فعليه تشكيل لجنة من كل الأحزاب لمناقشة تعديل المادة الجديد وكذلك مناقشة باقي المواد حتى لا يمارسوا معنا لعبة المجهول التي نفاجأ بها كل مرة».

من جهة أخرى، نفى الرئيس مبارك التقارير الصحافية التي تحدثت عن نشر خمسة آلاف شرطي مصري على الحدود مع قطاع غزة، وقال «ان هذه التقارير عارية تماما عن الصحة». فيما ذكر اللواء خيري عوض رئيس مركز ومدينة رفح المصرية لـ«الشرق الأوسط» ان الإجراءات الأمنية التي اتخذت خلال اليومين الماضيين وشملت تعزيز الوجود الأمني ووضع كافة المرافق في حالة استعداد هي إجراءات عادية تتم في مثل هذه الحالات، وقال انها لا تعني وجود توتر أو قلق في منطقة الحدود.

وقالت مصادر أمنية مصرية انه تم تخفيف الإجراءات الأمنية المصرية على طول خط الحدود وتقليل عدد القوات وإعادة توزيعها وانتشارها حيث أصبحت تتمركز في مناطق التجمعات السكنية وأماكن وجود المنشآت والمرافق والمصالح الحيوية والحكومية إضافة إلى تأمين المنازل القريبة من خط الحدود.

ودفعت مصر السبت الماضي بأعداد إضافية من قوات الشرطة لتعزيز وجودها الأمني على طول الشريط الحدودي مع غزة بعد نشر صحيفة معاريف الإسرائيلية معلومات عن اعتزام إسرائيل إسقاط قنابل ذكية على الحدود الضيقة بين مصر وقطاع غزة لتدمير أنفاق قالت انها تستخدم في تهريب أسلحة إلى الأراضي الفلسطينية.

ودافع مبارك عن الخطوات المصرية الأخيرة لإنشاء برنامج نووي نافيا بشدة الحصول على موافقة أطراف خارجية، وقال ان مصر دولة مستقلة ذات سيادة وعندما تتجه لإحياء برنامجها النووي للاستخدامات السلمية فهي لا تستأذن أحدا ولا تحصل على موافقة من أحد ولا تأخذ تعليمات من أحد. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد إن مبارك ذكر خلال لقائه مع الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الحاكم أمس إن مصر طرف في معاهدة منع الانتشار النووي، ويربطها اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا يطبق نظام الضمانات الشاملة، مؤكدا أن مصر تحترم التزاماتها الدولية وهي حريصة على الاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية نظرا لمحدودية مواردها واحتياطاتها من البترول والغاز، وبالنظر إلى ما توفره الطاقة النووية من مصادر طاقة نظيفة ورخيصة. وأضاف عواد أن الرئيس مبارك أكد أن مصر عندما تستكمل دراساتها في هذا الموضوع ستتوجه إلى الحصول على تكنولوجيا توليد الكهرباء من الطاقة النووية حيثما كانت وفق أعلى اشتراطات للأمان النووي وأنسب النفقات وأفضل العروض.

وأوضح عواد أن مبارك تحدث خلال اللقاء عن الدورة الهامة المقبلة للبرلمان نافيا تماما الشائعات حول حله قبل انتهاء فترة ولايته، وقال مبارك إن البرلمان مقبل على دورة هامة تتناول التعديلات الدستورية التي طرح معالمها العام الماضي، كما ستتناول أجندة تشريعية هامة تستكمل البنية التشريعية على المستويين السياسي والاقتصادي.

* المادة 76 من دستور 1971

* يرشح مجلس الشعب رئيس الجمهورية، ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه. ويتم الترشيح في مجلس الشعب لمنصب رئيس الجمهورية بناء على اقتراح ثلث أعضائه على الأقل. ويعرض المرشح الحاصل على أغلبية ثلثي أعضاء المجلس على المواطنين لاستفتائهم فيه، فإذا لم يحصل على الأغلبية المشار إليها أعيد الترشيح مرة أخرى بعد يومين من تاريخ نتيجة التصويت الأول، ويعرض المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس على المواطنين لاستفتائهم فيه.

ويعتبر المرشح رئيسا للجمهورية بحصوله على الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم في الاستفتاء، فإن لم يحصل المرشح على هذه الأغلبية رشح المجلس غيره، وتتبع في شأن ترشيحه وانتخابه الإجراءات ذاتها.

* المادة 76 بعد التعديل في 10 مايو 2005

* «ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر،‏ ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم المستقل للترشيح ‏250‏ عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى‏ والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات‏،‏ على ألا يقل العدد عن ‏65‏ من أعضاء مجلس الشعب،‏ و‏25‏ من أعضاء مجلس الشورى‏،‏ و10 أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من ‏14‏ محافظة على الأقل‏،‏ واستكمال الـ ‏20‏ الباقين من المجالس النيابية والمحلية». «وللأحزاب السياسية التي مضى على تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح‏ واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة 5‏% على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلسي الشعب والشورى، أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقا لنظامها الأساسي متى مضى على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل‏. واستثناء من ذلك يجوز لكل حزب سياسي أن يرشح في أول انتخابات رئاسية تجرى بعد العمل بأحكام هذه المادة أحد أعضاء هيئته العليا المشكلة قبل العاشر من مايو (ايار) ‏2005، وفقا لنظامه الأساسي‏.