جلسة مجلس النواب تحولت إلى «محاكمة» للحود بعد «ملاحظاته» حول المحكمة الدولية

نواب الأكثرية يتهمونه بالتورط في اغتيال الحريري

TT

تعرض الرئيس اللبناني اميل لحود لحملة عنيفة في مجلس النواب الذي انعقد امس في جلسة تشريعية عادية تحولت الى «محاكمة» لرئيس الجمهورية على موقفه من المحكمة الدولية و«الملاحظات» التي ادلى بها حول هذا الموضوع. فقد شن نواب الاكثرية سلسلة هجمات على لحود، فيما تمنى عليه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان «لا يلجأ الى هذا الاسلوب».

وقد وصل الامر بنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الى القول لـ«الشرق الاوسط» ان «الذين مددوا للحود هم الذين قتلوا الرئيس الحريري» معتبرا ان «لحود واسياده في دمشق واذناب دمشق خائفون وقلقون من المحكمة الدولية» واصفا الرئيس لحود بانه «قاتل وقح».

وقال مكاري تعليقا على «الملاحظات» الرئاسية: «بعد سنة و8 اشهر من اغتيال الرئيس الحريري تذكّر اميل لحود صلاحيات رئيس الجمهورية» معتبرا انه «لا يحق لاميل لحود او لغيره ان يضعوا الموقع المسيحي الاول في الدولة اللبنانية في دائرة الاتهام بهذه الطريقة». واضاف: «كلنا نعلم ان الذين مددوا لاميل لحود (ولايته الرئاسية) هم الذين اغتالوا الرئيس الحريري وهم الذين اصدروا الاوامر لاميل لحود كي يحول الموقع المسيحي الاول في الدولة الى متراس في وجه المحكمة الدولية. والسبب معروف وهو ان اميل لحود واسياده في دمشق واذناب دمشق في لبنان خائفون جميعا وقلقون من المحكمة الدولية». وقد استهلت الجلسة بمداخلة للنائبة بهية الحريري ذكّرت فيها بأن شقيقها الرئيس رفيق الحريري والنائب باسم فليحان «غادرا قاعة الجلسات هذه في الرابع عشر من فبراير (شباط) الماضي على امل ان يعودا اليها لمتابعة مسؤوليتهما لكن القدر كان بالمرصاد. وان كشف الحقيقة ومحاكمة المجرمين لن يعيدا الينا الرئيس الشهيد ورفاقه بل سيعيدان الى هذا الوطن امنه واستقراره».

وتناولت ملاحظات الرئيس لحود قائلة: «لقد طالعتنا رئاسة الجمهورية (...) بمحاولة للالتفاف على المحكمة الدولية من خلال التذرع بحجج لا قانونية ولا دستورية. وان ما طالعنا به رئيس الجمهورية هو محاولة واضحة لنسف المحكمة الدولية واخفاء الحقيقة لان المفاوضات والقرارات تمت بحضور رئيس الجمهورية وعدم ممانعته عليها ضمن المهلة الدستورية والاصول. واننا امام هذه الهجمة نخاف على المؤسسات وعلى الوطن من المؤتمنين على حمايته».

بدوره سأل النائب اكرم شهيب، عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، اذا كان المطلوب إلغاء ما تم التوافق عليه حول طاولة الحوار. وقال: «ألا يستدعي اندفاع رئيس الجمهورية في حربه على المحكمة ذات الطابع الدولي التوقف مليا عند ازمة الحكم التي يعاني منها لبنان منذ التمديد؟». من جهته، قال عضو كتلة «تيار المستقبل» النائب محمد قباني: «ان صحة المخاوف اسقطت الاقنعة واظهرت النوايا. وبعد جوقة المشاغبين على المحكمة الدولية انبرى كبيرهم (لحود) بالامس ليضع الحواجز أمام قطار الحقيقة».

وسأل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب ايلي عون عن سبب «التوقيت المشبوه الذي تعمده بيان بعبدا لاثارة موضوع المحكمة الدولية في الوقت الذي يتطلع فيه اللبنانيون الى مبادرة تجمعهم في حوار تشاوري». فيما رأى النائب انطوان اندراوس (اللقاء الديمقراطي) «ان مستوطن بعبدا، رغم مهارته في السباحة يغرق في مستنقع التورط في الجريمة الكبرى». وقال: «ان مأمور ريف دمشق يصبح مشتبها به بمجرد محاولته طمس الحقيقة ونسف نظام المحكمة الدولية. وان ملاحظاته حولها هي دعوة صريحة الى مزيد من الاغتيالات».

أما وزير الاتصالات النائب مروان حمادة (كتلة جنبلاط) فرأى ان «المشكلة ليست حول طاولة الحوار او في المجلس النيابي او في الحكومة، بل المشكلة منذ سبتمبر (ايلول) 2004 هي في بعبدا. فبعد القبض على السلطة وعلى المؤسسات، جاءت بيانات بعبدا» منتقدا «اختلاق» الرئيس لحود «الملاحظات والمسودات لتعطيل المحكمة حماية لنفسه وللمجرمين الاخرين».

واعتبر النائب بطرس حرب ان «البلد لا يمكن ان تسير فيه العملية الديمقراطية وهناك خلل في رأس الهرم». وسأل: «لماذا سكت لحود حتى اليوم؟ ولماذا يعتبر ان تشكيل المحكمة الدولية هو ادانة له ولضباطه؟».

وفي ختام الجلسة علق الرئيس السنيورة على المداخلات النيابية، مشيرا الى ان القرارات المتعلقة بالمحكمة الدولية «اتخذت في مجلس الوزراء بحضور رئيس الجمهورية. فبدلا من ان يتم التداول مع رئيس الحكومة وفقا للاصول، وصلتني نسخة من الملاحظات على (مشروع) المحكمة بعدما اطلعت عليها في الاعلام. وهذا مخالف للاصول. وكنت اتمنى على الرئيس لحود الا يلجأ الى هذا الاسلوب، فما هكذا تكون العلاقة بين المؤسسات».

واعتبر السنيورة في رده على مداخلات نواب من المعارضة «ان هناك استعجالا لانهاء ولاية الحكومة من قبل البعض» مؤكدا ان حكومته «لن تنهي ولايتها قبل ان ترسل الموازنة الى المجلس».

ومن جانبه، قال الرئيس السابق للحكومة الدكتور سليم الحص ان الرئيس لحود «أخطأ بإعلان اعتراضاته على مشروع المحكمة الدولية قبل مناقشتها مع رئيس الوزراء حسبما ينص الدستور، لا بل قبل مناقشتها في مجلس الوزراء». وقال: «يجب في أي حال الا تحمل اي ملاحظات معنى الرفض للمشروع من قريب او بعيد، فالمحكمة الدولية مقرة من مجلس الامن ومن مؤتمر الحوار الوطني ومن الحكومة اللبنانية. وهي ضرورة لا عوض عنها باعتبار ان في لبنان ما يشبه الاجماع على ان القضاء اللبناني لا يستطيع القيام بأعباء محاكمة في حجم جريمة اغتيال المغفور له الرئيس رفيق الحريري في ظل الظروف السياسية والامنية التي تهيمن على لبنان هذه الايام».