علماء: الأفيال بوسعها التعرف على نفسها في المرآة

أدمغتها كبيرة الحجم .. ومجتمعاتها معقدة

TT

توصل باحثون الى ان بوسع الأفيال التعرف على نفسها في المرآة واستخدام صورتها لاستكشاف أجزاء خفية داخلها، وهو امر يتعلق بالوعي الذاتي الذي ثبت وجوده حتى الآن في البشر والقردة فقط. وتؤكد النتيجة التي توصل اليها الباحثون شكوك العلماء منذ فترة طويلة في ان الافيال، رغم ادمغتها الكبيرة الحجم ومجتمعاتها المعقدة وشهرتها بمساعدة الفيلة الاخرى المريضة، لديها حس بنفسها يمكنها من اجتياز اختبار الصورة الذاتية على المرآة. وأثبتت نتيجة الاختبار، الذي تطلب في هذه الحالة تركيب مرآة ضخمة في حديثة «برونكس» للحيوانات، حيث اجريت التجربة، مقدرة الحيوانات على معرفة نفسها. ويعتبر بعض العلماء ذلك نوعا من الوعي الذاتي ويرون انه متطلب لظهور التعاطف والإيثار. ومن المعتقد انه بوسع هذه الحيوانات استخدام ما تعرفه عن نفسها للتوصل الى استنتاجات حول مخلوقات اخرى واحتياجاتها. وفي هذا السياق تقول ديانا ريس، المسؤولة في مكتب الجمعية الاميركية للمحافظة على الحياة البرية، ان النتيجة التي توصلت اليها هذه الدراسة تعتبر عنصرا جديدا في مجال تطور الذكاء. وأضافت ديانا ريس ان نتيجة الدراسة تشير الى إمكانية التوصل الى نتيجة مثلها فيما يتعلق بمختلف المخلوقات الاخرى التي لديها أنواع مختلفة من الأدمغة. وأشاد غوردون غولاب، استاذ علم النفس بجامعة ولاية نيويورك في اولباني ومصمم اختبار المرآة قبل حوالي 40 عاما، بالدراسة التي اجريت في الآونة الاخيرة وتوصلت الى هذه النتيجة واصفا اياها بأنها انجاز علمي قوي مثير للاهتمام. إلا ان هناك من العلماء من اتخذ وجهة نظر اكثر تشكيكا تعكس الجدل الذي ظل يحيط بمجال ذكاء الحيوانات بصورة عامة وعلى وجه الخصوص معنى اختبار مقدرة الحيوانات في التعرف على نفسها في المرآة. إذ انتقد البروفيسور روبين دنبار، الاستاذ بجامعة ليفربول البريطانية، مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، التي نشرت النتائج الجديدة في طبعتها على الإنترنت يوم اول من امس على ما اسماه «المعايير التحريرية الضعيفة». تجدر الاشارة الى ان أعدادا من الباحثين نصبوا مرايا ضخمة أمام مئات الحيوانات، في حدائق الحيوانات وبيئات ومواطن اخرى، إلا ان هذه الحيوانات ظلت باستمرار تتصرف وكأن صورة المرآة لحيوان غيرها. وقال غالوب ان غالبية الحيوانات بدت غير قادرة على تعلم ان سلوكها هو مصدر السلوك الذي يظهر امامها في المرآة، مقارنة بالأطفال الذين يدركون صورتهم على المرآة بنهاية عامهم الثاني، كما هو الحال للشمبانزي وبعض أنواع القردة. ويعتبر الدولفين الحيوان الوحيد من غير القردة الذي اوشك على اجتياز اختبار المرآة، مع ملاحظة ان الدلافين ليست لديها أطراف تستطيع من خلالها تحسس بعض أجزاء جسدها، لكنها تستطيع استخدام المرآة لفحص اجزاء مخفاة من الجسد. اجري الاختبار الذي أوصل العلماء الى النتائج الاخيرة حول مقدرات الأفيال الذهنية بمشاركة ثلاث فيلات إناث في حديقة الحيوانات بمدينة نيويورك. إذ جرى نصب مرآة عملاقة مساحتها 64 قدما مربعا ثبتت على خشب رقائقي وصنع إطارها من الصلب وثبتت ايضا على الجدار الحجري لمكان الفيل داخل الحديقة.

وكانت الفيلات الثلاث قد اكتشفت المرآة عبر سلسلة من التجارب ومدت خرطومها خلفها وانحنت أمامها وحاولت تسلقها، ما يدل على انها اعتبرت صورة المرآة مجرد صورة. كما أتت الفيلات الثلاث بحركات تدل على الاختبار الذاتي مثل استخدام طرف الخرطوم كي يبدو الفم في شكل افضل. كما استخدمت الفيلة ماكسين، 35 سنة، خرطومها في جر اذنها أمام المرآة كي تفحصها، وهذا نوع من السلوك الذي يدل على التوجيه الذاتي لم يره العاملون في الحديقة من قبل. اجتازت فيلة اخرى تدعى «هابي»، 34 سنة، اختبار العلامة، الذي يعتبر الجزء الأكثر صعوبة وتعقيدا. إذ رسم واحد من الباحثين علامة X على خدها الأيسر، ووقفت الفيلة بعد حركة أمام المرآة وبعيدا عنها ايضا ولمست علامة X بطرف خرطومها على نحو مستمر، وهو ما يعتقد العلماء انه إدراك من جانب الفيلة لحقيقة ان هذه العلامة على خدها وليس على المرآة فقط.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»