التغطية الإعلامية.. «حرص» من التلفزيون ومنافسة من مواقع الانترنت

الـ«واشنطن بوست» والـ«نيويورك تايمز» تخرجان بتشابه كبير

TT

كما جرت العادة في الانتخابات الأميركية، كانت شاشات القنوات الإخبارية «قبلة» الأميركيين والمتابعين للحدث مساء أول من أمس للحصول على نتائج انتخابات الكونغرس النصفية أولا بأول.. ومما لا شك فيه هو أن «دروس الماضي» تسببت في ممارسة القنوات التلفزيونية لحرص إضافي لدى إعلانها النتائج، خصوصا بعد جدل دار أكثر من مرة في السابق، كان آخرها قبل عامين عندما أشارت نتائج استطلاع الناخبين التي تجرى لدى خروجهم من قاعات التصويت (exit polls) إلى فوز المرشح الديمقراطي جون كيري بالانتخابات الرئاسية، قبل ان تقلب الأرقام الحقيقية الآية ويعاد انتخاب جورج بوش رئيسا، وكذلك في انتخابات عام 2000 الرئاسية عندما أعلنت وسائل الإعلام فائزا مرتين بناء على تقديرات الناخبين، وتطلب الأمر شهرا بعد ذلك للوصول الى نتيجة فوز جورج بوش الابن بالرئاسة. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولي القنوات الاخبارية توضيحاتهم بشأن عدم اعتماد نتائج استطلاع الناخبين، فقد ذكرت المتحدثة باسم «ان بي سي» اليسون غولست أن «الأرقام كانت بعيدة جدا عن التوقعات». أما جون كلين، رئيس قناة «سي ان ان» الأميركية، فقال «لكونها لا تقدم اساسات صلبة للوقوف عليها، كان لا بد من استبعاد هذه الاستطلاعات». أما شبكة «فوكس» فاعتبرت ان سبب عدم اعتمادها على هذه الاستطلاعات هو «انها تنحاز لجهة الديمقراطيين بنحو سبع الى ثماني نقاط». وبحسب الـ«نيويورك تايمز» فإن شبكة «ان بي سي» كانت اول من اعلن عن انتقال السيطرة على مجلس النواب الى الديمقراطيين حيث أعلنت ذلك قبل 5 دقائق من انتهاء تقرير الانتخابات (الذي تبلغ مدته ساعة) والذي انتهى في الـ11 مساء أول من أمس، المرتبة الثانية كانت لـ«إي بي سي» فيما جاءت الـ«سي إن إن» في المرتبة الثالثة باعلانها الخبر في الحادية عشرة وثماني دقائق. إلا أن عدم اعتماد القنوات التلفزيونية على نتائج استطلاع الناخبين لم يعن ان الكثير من المتابعين لم يتمكنوا من الحصول عليها، فمواقع الانترنت المعنية والمدونات الالكترونية كانت تنشرها فور ورودها، وقام موقع «سي ان ان» بنشر قائمة لأبرز عناوين المدونات. واعتمدت ابرز الصحف الأميركية على تحديث قصصها الرئيسية على مواقعها الالكتروني حتى وقت مبكر من صباح امس. من جهة ثانية تميزت المدونات الإلكترونية كذلك في ذكر تفاصيل مشاكل أجهزة التصويت، وبذلك تحولت الإنترنت الى مرجع في عيوب نظام الاقتراع الحالي.

ولعل الميزة هذه السنة، هي في ارفاق تفاصيل المدونات عبر تضمين المقال للرابط الإلكتروني لـ«الدليل المرئي»، وهو في الغالب «كليب» فيديو على موقع «يوتيوب» الشهير. وعلى سبيل المثال، قام اريك اريكسون المسؤول عن مدونة «رد ستايت» بارفاق رابط لـ«كليب» على «يوتيوب» يظهر منع احد مراقبي الانتخابات (المزود بآلة تصوير فيديو) من دخول احدى منصات التصويت في فيلادلفيا. إلا أن السؤال الأهم كان هو هل ستسبق المدونات وسائل الاعلام الاخرى في ذكر النتائج؟ والاجابة كانت «نعم ولا» ففي حين ظهرت نتائج في وقت مبكر على عدد من المدونات، الا ان جميع الارقام كانت مرفقة بعبارة «تحذير: هذه المعلومات غير موثقة وتستند الى نتائج استطلاعات آراء الناخبين». ويعلق البروفيسور جوناثان زيتراين المتخصص في الإنترنت لصحيفة «نيويورك تايمز» بقوله، ان «المدونات باتت في كثير من الطرق تحدد أجندة وسائل الاعلام الرئيسية»، مضيفا ان ما عليها (المدونات) فعله هو «انتاج كم كاف من المعلومات يتمتع بمصداقية كي تكون لها الصدارة». وبرز خلال التغطية عدد من كبار المدونين في الولايات المتحدة، مثل جون ارافوسس من مدونة «اميركبلوغ»، وجون اماتو من «كروكس اند لايرز»، وغلين رينولدز من «انستابوندنت». وفي الصباح، جاءت الصفحة الأولى للجريدتين الأميركيتين الأبرز، الـ«واشنطن بوست» والـ«نيويورك تايمز»، متشابهتين حيث كتب كل منهما «الديمقراطيون يحتلون المجلس (مجلس النواب)»، واستعانتا بنفس الصورة تقريبا. وكتبت صحيفة الـ«واشنطن بوست» ان «حقبة حكم الحزب الواحد الجمهوري في واشنطن انتهت بهزيمة في الانتخابات النصفية البرلمانية ووجهت مؤشرا الى الرئيس المتشبث بأن الناخبين يريدون التغيير لا سيما في ما يتعلق بالحرب في العراق».

واعتبرت الصحيفة أن بوش لا يمكنه المناورة كثيرا الآن وان الانتخابات أظهرت الى أي مدى يمكن لبوش ان يستند الى قاعدته المحافظة.

وأضافت «لقد خسر الجمهوريون المحور السياسي المتعلق بحرب العراق وفقا لاستطلاعات الرأي التي اجريت لدى الناخبين عند خروجهم من مكاتب الاقتراع. والمقترعون الذين اعتبروا أنفسهم مستقلين ابدوا تأييدهم بقوة للديموقراطيين وكذلك فعل أولئك الذين وصفوا أنفسهم بالمعتدلين».

من جهتها كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» ان اتجاه السياسة الاميركية «جنح عن اليمين، ووضع حدا للثورة الجمهورية التي استمرت 12 عاما في مبنى الكونغرس ووجه ضربة قوية للرئيس بوش وحرب العراق». وأضافت ان «عودة الديمقراطيين الى السلطة في احد المجلسين على الأقل وتحقيق مكاسب في الآخر يعني ان بوش سيواجه بالتأكيد ضغطا قويا لإعادة تقييم سياسته في العراق ـ ليس فقط من الديمقراطيين لكن من داخل حزبه ايضا».

وتابعت ان «انهيار نظام حكم الحزب الواحد في واشنطن سيدخل تغييرا على آخر سنتين من ولاية بوش وسيعطي الديمقراطيين تحديا للتحول من معارضة غاضبة الى شراكة في السلطة».

من جهتها حذرت صحيفة «وول ستريت جورنال» من «سنتين يسودهما الجمود». وكتبت ان وضع ما بعد الانتخابات «يظهر الواقع السياسي الجديد في واشنطن، وهو تحد للديمقراطيين وللرئيس الجمهوري على حد سواء: بما ان الديمقراطيين سيسيطرون على مجلس النواب الجديد فان كل طرف سيكون مرغما على التعامل مع الآخر لكي تتمكن الحكومة من مواصلة عملها في السنتين المقبلتين». وأضافت ان «الديمقراطيين مدركون لواقع ان الجمهوريين لا يزال بامكانهم عرقلة مشاريع قوانين مقترحة في مجلس الشيوخ رغم ضعفهم وان بوش يمكنه استخدام حق الفيتو».