الصومال: اتفاق مبدئي بين رئيس البرلمان والمحاكم على الإطاحة برئيس الحكومة

ميليشيات المحاكم تحرر سفينة إماراتية مخطوفة

TT

رد رئيس الحكومة الانتقالية الصومالية علي محمد جيدي، على إعلان تشكيل لجنة للتفاوض بين رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم والشيخ حسن طاهر عويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية في ختام أول جلسة عمل لمحادثاتهما في غرب مقديشو، بتوجيه رسائل عاجلة إلى أعضاء البرلمان الصومالي المرافقين لآدم، تدعوهم إلى التخلي عنه والعودة فورا إلى معقل السلطة الانتقالية في مدينة بيداوة الجنوبية. فيما قال مصدر في المحاكم الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البرلمان عرض على المحاكم الانضمام إلى الحكومة، ملمحا إلى أن الشيخ حسن طاهر عويس رئيس المحاكم رحب من حيث المبدأ بهذه الفكرة شريطة إعادة توفيق أوضاع السلطة الانتقالية على نحو يسمح للمحاكم بتعيين شخص محسوب عليها في منصب رئيس الحكومة الصومالية بدلا من جيدي.

وتساءل جيدي في رسائله إلى الأعضاء البالغ عددهم 67 برلمانيا: لماذا توجدون خارج مقركم الرسمي؟ وقال لهم: «العالم كله يستغرب هذا الوضع، ولا بد من إعادة تصحيحه على الفور». لكن أعضاء استهدفتهم رسائل جيدي أبلغوا «الشرق الأوسط» أنهم لا يعتزمون الانصياع إلى هذه الرسائل والعودة إلى بيداوة، واتهموا في المقابل جيدي بتعميق الخلافات بين الحكومة والبرلمان بسبب ما وصفوه باستمراره في إخفاء حقيقة وجود القوات الاثيوبية في المدينة والإصرار على إغلاق الأبواب أمام أي محاولة للتوصل إلى تفاهم بين السلطة الانتقالية والمحاكم الإسلامية. وكان رئيس البرلمان الصومالي قد وجه غداة اجتماعه الرسمي الأول مع الشيخ حسن طاهر عويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية، انتقادات علنية وعنيفة غير مسبوقة إلى حكومة جيدي واتهمها بالتعنت في تحقيق السلام والمصالحة بين الفرقاء الصوماليين.

ودعا آدم إلى توحيد الجهود والعمل المشترك بين السلطة والمحاكم، معتبرا أن السلام فقط هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد منذ انهيار نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991.

من جهته، قال الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم ورجلها الثاني، إن حكومة جيدي بلا شعبية ولا يمكن لها أن تستمر لأنها فقدت التأييد الشعبي بسبب تحالفها مع اثيوبيا.

وقال عضو في البرلمان الصومالي، اشترط عدم ذكر اسمه، «إن البرلمان سيطيح مطلع العام المقبل بجيدي»، كاشفا عن اتجاه لإعادة طلب سحب الثقة منه مجددا على غرار المحاولة السابقة التي قادتها مجموعة من أعضاء البرلمان نهاية شهر يوليو ( تموز) الماضي عبر طرح مذكرة بحجب الثقة عنه، لكن جيدي نجا لأن المذكرة لم تحصل سوى على تأييد 126 نائبا من أصل 215 شاركوا بالتصويت في حين عارضها 88 فقط.

وأضاف البرلماني في تصريح لـ«الشرق الاوسط»: «جيدي لن يفلت هذه المرة وسنتمكن من طرده خارج الحكومة، وسيتعين على الرئيس أن يختار شخصا معتدلا لكي يحل محله»، مشيرا إلى أن النواب ينتظرون مرور مهلة الستة أشهر التي حظي بها جيدي بعد تعثر المحاولة الأولى لإقالته.

ولا يسمح الدستور الصومالي الانتقالي بتكرار محاولة إقالة رئيس الوزراء من قبل البرلمان أو التصويت بسحب الثقة من الحكومة قبل مرور ستة أشهر على المحاولة الأولى.

وبموجب الدستور الانتقالي الذي تمخضت عنه مفاوضات السلام التي عقدت في العاصمة الكينية نيروبي قبل أكثر من عامين، يتعين الحصول على 138 صوتا على الأقل لإقالة رئيس الوزراء، علما أن البرلمان يضم في عضويته 275 عضوا موزعين على أساس التوزيع القبلي في الصومال.

إلى ذلك، نجحت ميليشيات المحاكم الإسلامية أمس في إطلاق سفينة شحن إماراتية كان قراصنة قد اختطفوها مطلع هذا الأسبوع واحتجزوا طاقمها المكون من 12 بحارا هنديا وقبطانها الاثيوبي الجنسية. وطلب الخاطفون فدية مقدارها مليون دولار أميركي مقابل الإفراج عن السفينة وبحارتها قبل أن تتمكن قوات المحاكم من مباغتة القراصنة وتحرير السفينة وطاقمها.

وتزايدت أمس احتمال وقوع مواجهات جدية بين ميليشيات المحاكم الإسلامية وميليشيات تحالف وادي جوبا المدعوم من السلطة الانتقالية، بعد ورود تقارير عن اتخاذ الأخيرة مواقف دفاعية تحسبا لهجوم قد تشنه قوات المحاكم في مدينة باردهير على بعد 340 كيلومترا غرب مقديشو.

لكن الفيضانات العارمة التي اجتاحت المنطقة وأسفرت، بحسب إحصائيات أولية، عن مقتل 50 شخصا على الأقل، وشردت الآلاف من المدنيين، تسببت فى بطء تقدم الميليشيات الإسلامية التي تحركت باتجاه المدينة تمهيدا للسيطرة عليها، إلا أن التوتر العسكري لا يزال سيد الموقف بين ميليشيات المحاكم الإسلامية وميليشيات أمير الحرب عبدي قايدبيد المدعوم بقوات من إقليم البونت لاند (أرض اللبان)، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، بعد اشتباكات دامت أربع ساعات بين الطرفين في مدينة بناديرالي على بعد 90 كيلومترا شمال شرقي إقليم جالاكايو.

ويحتشد الطرفان منذ بضعة أيام بعدما دشنت المحاكم الإسلامية محكمة جديدة لها في المنطقة، فيما تعهد موسى عدي رئيس البونت لاند بسحق أية محاولة إسلامية للتغلغل داخل المناطق الخاضعة له، وهدد باعتقال المتعاطفين مع المحاكم أو المحسوبين عليها.