لبنان أمام «الفرصة الأخيرة» للحل السياسي وإلا فـ «أزمة شارع» والأكثرية مع توسيع الحكومة من دون منح المعارضة الثلث المعطل

عون لـ«الشرق الأوسط»: ما زلت مرشحا لرئاسة الجمهورية

TT

سيكون لبنان اليوم امام امتحان «الفرصة الأخيرة» للوصول الى حل للأزمة السياسية القائمة، قبل تحول مسار الامور الى «ازمة شارع» يتخوف قادة الاكثرية النيابية من تحولها الى ما يشبه الحرب الأهلية.

وسيعود القادة السياسيون اليوم الى طاولة «التشاور» بعد فرصة 48 ساعة استخدموها للنظر في مطلب المعارضة الحصول على ثلث مقاعد الحكومة، ومطلب الاكثرية تغيير رئيس الجمهورية اميل لحود. وقال مصدر في الاكثرية النيابية لـ «الشرق الاوسط» ان رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع تشاوروا امس في الحلول الممكنة وخلصوا الى اقتراح سيطرحونه اليوم على طاولة التشاور يقضي بتوسيع الحكومة بإدخال ممثلين لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، لكن بما لا يسمح بامتلاك المعارضة «الثلث المعطل» الذي يمنع اتخاذ القرارات الهامة من دون موافقتها. لكن النائب عون اكد لـ«الشرق الاوسط» ان هذا الحل ليس مقبولاً الا اذا تبعته انتخابات نيابية مبكرة، متعهداً بتسليم السلطة للاكثرية اذا حازت على مقعد واحد اضافي في هذه الانتخابات عما تمتلكه اليوم.

هذا ونشطت الاتصالات امس بين اطراف السلطة والمعارضة سعياً الى انضاج حل ممكن للازمة. فجال النائب ميشال المر على القيادات السياسية محاولاً استمزاج الآراء بشأن «طبخة» حكومية كلف اعداد تصورها. وعلمت «الشرق الاوسط» ان هذه «الطبخة» تقضي بزيادة عدد الوزراء ليصبح 26 وزيراً (بدلاً من 24 حالياً) بحيث تصبح مسألة الثلث المعطل غير ممكنة حسابياً، بالإضافة الى عدم حيازة الاكثرية الثلثين، لأن الثلث سيكون 8.6 وزير والثلثين سيكونان 17.2 وزير.

وأعرب النائب عون لـ«الشرق الأوسط» امس عن اعتقاده بأن الطريق ليست مسدودة امام الحلول. وقال: «اعتقد انه مع كل التشنج الذي حصل كان هناك اصرار على ايجاد مخارج للأزمة... وانا من جهتي احاول تسهيل الامور، فقد طرحت حلين. الاول ان تكون هناك مشاركة حقيقية فنتمثل نسبياً في الحكومة (بالتوازي مع التمثيل النيابي). وأنا اعتبر ان حزب الله تنازل عندما قبل بوزيرين فقط. والثاني هو اني اقبل بحكومة لا نتمتع فيها بالثلث المعطل، لكن ان تقر فوراً قانون الانتخاب ونلجأ الى الانتخابات المبكرة». واعتبر ان الازمة الحقيقية هي ازمة ثقة، قائلاً: «انا لدي الحق بأن اشك بكل الموجودين في الحكومة، لأن تصرفاتهم معي كانت سيئة. اغلبهم تسبب لي بالاذية خلال 15 سنة (مدة نفيه الى فرنسا). ولا مرة حاولوا ان يتعاملوا معي الا بمحاولة عرقلتي، منذ عودتي الى لبنان وحتى موضوع الاشتراك في الحكومة». وشدد على «ان ضعف لبنان ليس بالمداخلات الخارجية، بل بعدم ثبات رجاله على موقف استقلالي... القضية سهلة جداً اذا كان القرار محلياً، وصعبة جداً اذا كان البعض متورطاً بوعود للخارج». ورداً على سؤال حول وجود ارتباطات خارجية معلنة لبعض اطراف المعارضة، قال عون: «انا اتحدث عن نفسي شخصياً. استطيع ان اقول نعم ولا. ولا انتظر اتصالاً هاتفياً قبل او بعد قراراتي». مشيراً الى ان الهجوم الدائم عليه منبعه ليس علاقته مع «حزب الله» فقط. وأفاد: «قبل ذلك كنت عرضة للهجوم، مرة لأني اريد الرئاسة، ومرة لأني اريد ان آكل القشطة... ان كل ما قمت به مع حزب الله كان عن قناعة، فسلاح الحزب لا ينزع بالقوة، بل بالاتفاق. وسعيت الى ايجاد صيغة لحل مشكلة السلاح وقدمت الحلول، فكان ان رفضته الاكثرية وصُنّف بأنه سوري».

وأعلن عون ان الحل المقبول منه هو الانتخابات المبكرة. وقال: «لقد طرحته وقلت لهم اذا اخذتم مقعداً اضافياً واحداً فسأعطيكم السلطة كلها. وأنا رجل معروف باني احترم كلمتي».

وأشار الى ان «الخطوات ما قبل الشارع» التي تحدث عنها ليست بيده «وهي قد تتخذ او لا تتخذ». وقال: «اقدّر انها ستكون استقالة الوزراء الشيعة. ماذا ستفعل عندها الحكومة؟ قال الرئيس بري انه لن يقوم بشيء اذا عينت الاكثرية وزراء شيعة آخرين. لكن الى اي مدى يستطيع الوزير الشيعي ان يصمد من دون دعم امل وحزب الله؟».

وعما اذا كان يخاف من خطر الصدام في الشارع، قال عون: «لا يحق لهم ان ينزلوا بمواجهتنا في الشارع. هم الاكثرية لديهم قوى الامن. نحن سنتظاهر. وإذا حدث شغب لديهم الحق بقمعه» منتقداً كلام رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب اكرم شهيب (كتلة النائب وليد جنبلاط) لقولهما ان الاكثرية ستكون خلف القوى الامنية وبإمرتها. وسأل: «لماذا تكون هناك حرب اهلية؟ لا احد سينزل للتظاهر حاملاً السلاح. الكلام عن انهم لن يردوا على الرصاص بوردة في غير محله، فلا احد يهدد بالرصاص. نحن سننزل غير مسلحين ولا حتى بالعصي. وحزب الله تعرض اكثر من مرة لضغوط وقتل له ناس في الشارع خلال مظاهرات وتجمعات، ولم يطلق رصاصة واحدة في المقابل، بل استوعب الوضع».

ورفض عون تحديد مهلة التشاور، معتبراً انه اذا اقر مبدأ التغيير غداً (اليوم) فلا حاجة للنزول الى الشارع. وقال: «انا لم اكن اريد التشاور اساساً، لأني جربتهم سابقاً ووجدت انهم لا يقدمون الاجابات ويريدون اضاعة الوقت. ولذلك اشك في ان السيد حسن نصر الله سيقبل بتمديد المهلة» مشيراً الى انه لا ينسق الآن مع نصر الله «لكن من المؤكد اننا سننسق اذا تقرر التظاهر». ونفى بشدة وجود «ساعة صفر»، قائلاً: «وهل هذا امر عمليات؟ (ضاحكاً) هذا يجب ان تبعث به سورية وإيران، ولم تفعلا بعد». وقال: «في النظام الديمقراطي لا توجد طرق مسدودة. اذا تعذر الاتفاق هناك الانتخابات. لقد قلت في جلسة التشاور ان اتفاق الطائف اخطأ لأنه لم يجد حلاً للوضع القائم الآن». وختم عون رداً على سؤال اذا كان لا يزال مرشحاً لرئاسة الجمهورية: «وما الذي تغير حتى اغيِّر موقفي؟».

وصعّد «حزب الله» موقفه من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ورأى نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم، امس، «ان اقل الحلول كلفة حكومة الوحدة الوطنية». وقال: «جربت الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة السنيورة حظها لمدة خمسة عشر شهرا ولم تفلح في توفير الاستقرار السياسي، ولا في معالجة المشكلات المستعصية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وبرز تباين واضح في الساحة بين اكثرية نيابية مؤلفة من 71 نائبا تمثل 55 في المائة من المجلس النيابي وهي في الوقت نفسه تمثل 40 في المائة من الواقع الشعبي، ومعارضة نيابية مؤلفة من 45 في المائة من المجلس النيابي تمثل 60 في المائة من الواقع الشعبي، هذا التباين له طابع سياسي جلي، وليس مجرد اصطفافات طائفية عابرة.