الأمير نايف: سنتمكن من توفير الحصانة الفكرية لمواطنينا من مخاطر الغزو الفكري والانحرافات العقدية

في كلمة ألقاها أمام وزراء الداخلية بدول الخليج أمس في أبوظبي

TT

أكد الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، أن التعامل مع مقتضيات أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستقرارها ومواجهة ما يحيط بها من تحديات ومتغيرات، لا يمكن ان يتم من خلال بعد واحد، بل لا بد ان يكون من خلال نظرة شاملة تستوعب كل الابعاد والمؤثرات، سواء كان ذلك في الجوانب الوقائية او العلاجية او التقويمية او الردعية. مبينا أن هذا «ما جعلنا نعمل في اطار من التنسيق والتعاون بين أجهزتنا الأمنية، وصولا الى تكوين ارضية صلبة قادرة على مواجهة متطلبات أمن دولنا ومجتمعاتنا وصياغة منهج مثالي من التكامل والتنسيق المشترك».

وشدد الأمير نايف، في كلمته التي ألقاها أمام نظرائه بدول المجلس، خلال اجتماعهم الخامس، الذي عقد أمس في العاصمة أبو ظبي، على ان نجاح الجهد الأمني لا يتوقف على مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية لدول الخليج فحسب، «وانما لا بد ان تمتد جسوره الى تحقيق تواصل مستمر وتنسيق مثمر بين هذه الأجهزة وكافة المؤسسات الاجتماعية والتربوية والإعلامية والفكرية، وذلك من منطلق ان المحافظة على الأمن مسؤولية مشتركة». وقال «ان كان لأجهزة الأمن الدور الأساس في هذه المسؤولية، الا ان لغيرها من مؤسسات المجتمع وهيئاته ادوارها المهمة في نجاح رسالة الأمن ومساندتها، ذلك ان عمل اجهزة الأمن ورجالها المخلصين انما يتجه الى الوطن والمواطن اولا واخيرا، وبتعاون الجميع سوف نتمكن، بإذن الله تعالى، من توفير الحصانة الفكرية لمواطنينا من مخاطر الغزو الفكري والانحرافات العقدية والانزلاقات في المتاهات المجهولة».

وأضاف وزير الداخلية السعودية «إننا في اطار ما تمتلكه دولنا من عناصر وامكانات التعاون وفعاليات الاقتصاد القوي والتماسك الاجتماعي، وما تحقق لمسيرة التعاون والتنسيق الأمني بين دولنا، نتطلع الى المزيد والمزيد من التنسيق والتعاون وتطوير كافة الانظمة والإجراءات المحققة لذلك وصولا الى بلوغ اهدافنا الإستراتيجية، وهي ضمان مستويات عالية ودائمة من الأمن الفكري والاستقرار الاجتماعي لدولنا ومجتمعاتنا الخليجية، بما يعزز الأمن في محيطنا العربي والمجتمع الإنساني على وجه العموم».

ودعا الأمير نايف وزراء داخلية المجلس الى الاجتماع القادم في دورته السادسة والعشرين، المقرر عقدها في السعودية، معربا عن سعادته بقدومهم واستقبالهم في المملكة.

وكان وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد اختتموا في وقت لاحق مساء أمس اعمال اجتماعهم الخامس والعشرين في ابو ظبي، حيث تلا عبد الرحمن بن حمد العطية أمين عام المجلس، خلال الجلسة الختامية، بيانا ختاميا جاء فيه، أن الوزراء استعرضوا مسار التنسيق والتعاون الأمني بين الدول الاعضاء وما تحقق في هذا المجال من انجازات ونشاطات متنوعة خلال فترة ما بين الاجتماع السابق وهذا الاجتماع.

وأكد الوزراء اهمية استمرار تلك الفعاليات وتكثيف الاتصالات والتنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية في الدول الاعضاء، لما يحقق تعزيز مسيرة العمل المشترك في المجال الأمني بوجه خاص وفي مختلف مجالاته بشكل عام. وعبر الوزراء عن اهمية استكمال حلقة تنقل المواطنين بين الدول الاعضاء، مع العمل على الاسراع في اصدار البطاقة الذكية في الدول الاعضاء، التي لم تصدرها بعد والتي ستسهم في تسهيل حركة تنقل المواطنين.

ورحب الوزراء بتوصيات هيئة جائزة مجلس التعاون للبحوث الأمنية، التي اوصت بمنح جائزة هذا العام 2006 مناصفة بين باحثين من ابناء دول المجلس وموضوعها «الشراكة المجتمعية وأثرها على الأمن الوطني بدول المجلس»، مؤكدين في هذا الجانب على اهمية البحوث الأمنية ودورها في اثراء المكتبة الأمنية بالبحوث القيمة التي تحقق اهداف الجائزة.

وحول مكافحة الارهاب، اكد الوزراء المواقف الثابتة لدول المجلس من هذه الآفة الخطيرة والمدمرة، تلك المواقف التي تنبذ الارهاب بمختلف اشكاله وصوره وايا كان مصدره، منوهين بأن الارهاب «أصبح جريمة عالمية خطيرة وان أمر مكافحته والتعامل معه يتطلب تنسيقا وتعاونا اقليميا ودوليا، ينطلق في رؤاه وتحليلاته لهذا الخطر من المكونات الاساسية له، حتى لا يرتبط بدين او شعب او امة».

كما يجب التعامل معه على اساس انه ظاهرة فكرية متطرفة، سبقتها ظواهر مماثلة اتخذت اشكالا والوانا من الايديولوجيات المتطرفة، كما يجب الابتعاد والتخلص من كل ما يؤجج سعير هذا الداء ويساعد على نمائه وانتشاره، فالمواقف والتصريحات ووسائل الاعلام غير المسؤولة، التي تحاول الصاق الارهاب بالعرب والمسلمين، من خلال ربطه بالدين الاسلامي السمح والاستفزاز المتتالي لمشاعر المسلمين في عقيدتهم وفي رسول الرحمة الى العالمين جميعا، عوامل لا تتفق مع المواقف المتسامحة ولا تساعد على استمراريتها ولا تحقق الدعوات المعلنة الى حوار الاديان والحضارات وتخليص الاديان والمعتقدات من روح التعصب والتطرف والعدائية.. وفي هذا الاطار قرر وزراء الداخلية تشكيل لجنة دائمة لمكافحة الارهاب، يحال لها كل ما له صلة.

واستعرض الوزراء المستجدات والمتغيرات الأمنية، اقليميا ودوليا، وعبروا عن قلق دول المجلس ومخاوفها من امكانية حدوث اضرار وكوارث بشرية وبيئية للمفاعلات النووية الايرانية تطال آثارها دول المجلس بحكم القرب الجغرافي ووجود المنشآت الحيوية، الامر الذي يتطلب معالجة هذا الملف بالوسائل الدبلوماسية والتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرحبين في هذا الشأن بنتائج اعمال مؤتمر مخاطر وتداعيات الانتشار النووي الذي نظمته وزارة الداخلية في مملكة البحرين خلال الفترة من 10 الى 11 سبتمبر (ايلول) 2006.

وعن الأوضاع في العراق، اعرب الوزراء عن أسفهم الشديد لاستمرار تدهور الاوضاع الأمنية في العراق وتزايد سقوط الضحايا من الشعب العراقي، نتيجة الاعمال الارهابية والصراع الطائفي، واكدوا ضرورة اعادة الأمن والاستقرار للعراق من خلال تعاون الشعب العراقي بمختلف اطيافه وطوائفه ونبذ الخلافات والتدخلات الخارجية في شؤونه وتغليب وحدة العراق ومصالحه الوطنية على كل اعتبار، مؤكدين في الوقت نفسه وقوف دول المجلس الى جانب العراق في المحافظة على وحدته الداخلية وأمنه واستقراره وسيادته. وقد اشاد الوزراء بنتائج اجتماع وزراء داخلية دول الجوار، الذي عقد في جدة في سبتمبر الماضي والمتضمنة التوقيع على البروتوكول بين العراق ودول الجوار في المجال الأمني.

وعبر الوزراء عن ترحيب دول المجلس بوثيقة مكة المكرمة، التي اجمع عليها الاشقاء العراقيون بمختلف طوائفهم ووقعوها في مكة المكرمة في العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك، واكدوا دعم دول المجلس لهذه الوثيقة، كونها تحقق انتشال العراق الشقيق من دوامة العنف والاقتتال غير المبرر والحفاظ على وحدة اراضي العراق وطاقاته ومكتسباته. منوهين بأهمية تفعيل بنود الوثيقة والالتزام بها حتى لا يكون العراق ساحة للصراعات وتصفية الحسابات والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية.

وفي الشأن الفلسطيني، اعرب الوزراء عن استنكارهم الشديد لما تمارسه اسرائيل من مجازر وحشية في حق الشعب الفلسطيني من قتل واختطاف وتذليل وتدمير وترويع وحصار اقتصادي خانق. كما دعوا المجتمع الدولي الى ممارسة مسؤولياته في وقف الغطرسة الاسرائيلية، داعين في الوقت نفسه كافة القوى الفلسطينية الى وحدة الصف والكلمة والمواقف وتغليب المصالح الوطنية على كل اعتبار، لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة لتحقيق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وأكد البيان رفع الوزراء برقيات عبروا فيها عن خالص شكرهم وتقديرهم لدولة الامارات العربية المتحدة، وعلى رأسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على كرم الضيافة وحسن الوفادة، وللفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية على جهوده وكبار مساعديه في التوجيه بالإعداد والترتيب المتميز لعقد الاجتماع، الامر الذي اسهم في نجاح اعماله.