سعود الفيصل : هيكلة جديدة للخارجية السعودية والتركيز على طبيعة العلاقات مع الدول

قال في مؤتمر بالرياض حضره 102 من سفراء المملكة: قطعنا شوطا في مجال توظيف العنصر النسائي

TT

حدد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أمس، أمام أكثر من 102 سفراء المملكة لبلاده حول العالم، السياسة التي ستتبعها وزارته في المرحلة المقبلة، من جهة التعاملات الداخلية، حيث أكد أن التنظيم الجديد سيركز على طبيعة العلاقة مع الدول ونوعية التعامل التي تربطها بالرياض.

وأعلن الفيصل، أن وزارته تسعى إلى تحديث وتطوير الأنظمة الإدارية فيها، موضحا أن الوزارة وضعت هيكلا تنظيميا جديدا، يهدف إلى إيجاد آلية فاعلة ومرنة تدار بها شؤون الوزارة، لتلافي المشكلات التي يعاني منها الوضع الراهن.

ويمتاز التنظيم الجديد، الذي أعلن عنه وزير الخارجية خلال لقائه برؤساء البعثات الخارجية السعودية في الخارج، بأنه سيؤدي إلى الاستخدام الأمثل للموارد التي هي بالضرورة وتحت كل الظروف، أقل من الحد المأمول، على حد قوله، في وقت شدد فيه على ضرورة العمل من أجل الاستغلال الأفضل للموارد المتوفرة في حدود ما هو متاح من وسائل وإمكانات.

وأفاد الفيصل أن من أهداف الهيكل الجديد، القضاء على ظاهرة الازدواجية وطول الإجراءات وكثرة اللجان، في الوقت الذي بينت الدراسات فيه، أن من أهم المشكلات التي تعاني منها وزارة الخارجية، تشتت الموضوعات التي تخص علاقات السعودية مع الدول بين الإدارات المختلفة، نظرا للاعتماد على الموضوعات كأساس لتقسيم العمل في الوزارة، وهو الأمر الذي حال دون إيجاد ملف واحد خاص بتلك الدولة يمكن من خلاله معالجة العلاقات من مختلف جوانبها وأبعادها.

ويركز التنظيم الجديد، الذي فضل الفيصل أن يطلع كافة سفراء بلاده عليه، على طبيعة العلاقة ونوعية التعامل بين السعودية ودول العالم، بدلا من الأخذ بالتقسيم الجغرافي أو الموضوعي، حيث يستند هذا النوع من التنظيم إلى محورين أساسيين، يتمثل الأول بالعلاقات الثنائية مع الدول، أما الآخر، فيتناول العلاقات المتعددة الأطراف مع المنظمات والهيئات والتجمعات، أو أي مواضيع وقضايا تمس أطرافا متعددة مثل: حقوق الإنسان والإرهاب، وغيرهما.

وطلب الفيصل من سفراء بلاده، ألا يفهموا من التقسيم أو التصنيف المقترح، أنه يهدف إلى فصل وظيفي أو هيكلي لأجزاء التنظيم، لأن المقصود به، أن تكون خدمات الإدارات المختلفة متاحة للجميع، وليست محصورة بالأقسام التي تنتمي إليها دون غيرها.

وعلى الرغم من أن التنظيم الجديد، بحسب الأمير سعود الفيصل، فصل التخصصات، إلا ان مبدأ توافر وسير المعلومات، ربط أجزاء التنظيم عمليا ومنهجيا، حيث إن ذلك يتم بفتح باب الاتصال المباشر، ضمن ضوابط أمن المعلومات بين الإدارات المتخصصة، غير أن سير وخروج ومتابعة تلك المعلومات سيكون محصورا في ملف الإدارة المختصة، الأمر الذي يمنع الازدواجية ويضمن مرجعية المعلومة، لتتمكن اليد اليسرى من معرفة ما تفعله اليد اليمنى، على حد تعبير الوزير السعودي.

ويعتمد التنظيم الجديد، الذي من المتوقع أن يحدث نقلة نوعية في عمل وزارة الخارجية، على مبدأ التكامل والتجانس في الأعمال الأساسية للوزارة، وتجنب الازدواجية، وذلك بضم كل جوانب العلاقة مع أية دولة أو منظمة، كلٌ في ملف واحد، في حين يهدف التنظيم إلى بناء خبرة متعددة الجوانب والأبعاد لدى الموظفين، إضافة إلى أنه يعطي أهمية كبرى للمعلومات وتخطيط الموارد البشرية والمالية والدراسات والبحوث.

وقال وزير الخارجية عن الجهد التطويري الذي تعمل عليه وزارته: إنه لا يتعدى كونه جزءا من التوجه العام للدولة نحو تطوير أدائها، بما في ذلك التخلص من سلبيات الأسلوب التقليدي في العمل الحكومي، خاصة الحقل الدبلوماسي، وتعامله مع القضايا الدولية، والانتقال إلى نهج أكثر حداثة واستجابة لمتطلبات الدولة العصرية، ومستجدات الساحة الدولية.

وبيَن الفيصل أن وزارته شرعت في تطوير أنظمتها الإدارية وتطبيق الأساليب التقنية الحديثة، بما في ذلك وضع استراتيجية تنفيذية للتعاملات الالكترونية في مجال المعلومات والخدمات التي تقدمها وزارة الخارجية لمنسوبيها ولعموم المستفيدين في الداخل والخارج من أجل زيادة الكفاءة والفاعلية ورفع إنتاجية العمل، وتحسين مستوى تقديم الخدمات، والمساهمة في دعم الاقتصاد عن طريق توفير البيئة المواتية للاستثمار في البلاد، بما في ذلك تمكين كافة المتعاملين مع الوزارة من مواطنين ومقيمين وشركات في الداخل والخارج، من الحصول على خدمات راقية متكاملة وسهلة وآمنة بوسائل الكترونية من أي مكان في العالم وفي أي وقت.

وتوقع الفيصل أن تكتمل الاستراتيجية التنفيذية للتعاملات الالكترونية في مجال المعلومات والخدمات في غضون الفترة المحصورة ما بين عامي 2008 و2010، وفقا للامكانات المتاحة.

ووجه الفيصل سفراء بلاده بتحمل مسؤولياتهم تجاه المساهمة الفعلية في إيجاد الحلول الوقائية قبل ظهور المشكلات، حيث ان مسؤولية السفير لا تقف عند حد الشكوى من المشكلات والعقبات، مشددا على ضرورة العمل على سد النقص في كفاءة موظفي السفارات، فيما حمل السفراء ورؤساء البعثات وإدارة الموظفين مسؤولية تهيئة السبل الكفيلة بالنهوض بمستوى الموظف وكفاءته عن طريق برامج التدريب والتطوير الوظيفي، مؤكدا على وجوب أن يكون لإدارة الموظفين وجود في معظم السفارات لمتابعة خطط التدريب والتأهيل.

وقال الفيصل ان وزارته قامت بفتح المجال للعنصر النسائي للعمل داخلها، حيث انطلقت الوزارة في ذلك، وفقا للأمير سعود، من مبدأ أهمية الاستفادة من الكفاءات التي اكتسبتها المرأة في بلاده، من خلال ما وفرته الحكومة السعودية لها، من فرص التعليم والتدريب المكملة للتنشئة الدينية والأخلاقية التي تربت عليها المرأة السعودية، ما يجعلها أكثر ملاءمة للانخراط في العمل، لما تتميز به من العلوم والأخلاق الإسلامية السامية، والتي ستكون المظهر المميز لسفارات المملكة العربية السعودية.

وقال الفيصل، ان المؤتمر الذي تحتضنه العاصمة السعودية على مدى الأيام الخمسة القادمة، نابع من الحاجة لإجراء وقفة تأمل ومراجعة حول السبل المثلى للتعاطي مع الأحداث والمستجدات الإقليمية والدولية، بمختلف مظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

واعتبر وزير الخارجية أن لقاءه بسفراء بلاده حول العالم، فرصة >ثمينة< لتبادل الرأي والمشورة بغية الوصول إلى رؤية واضحة وتوصيات ملائمة تسهم في تكوين الخيارات والبدائل التي ترفع للقيادة، لاتخاذ القرار المبني على معلومات واضحة وتقييم سليم.

ورأى الفيصل بسفراء بلاده بأنهم الأقدر على تحسس متطلبات واحتياجات المرحلة الراهنة وما تستدعيه من تطوير وتجديد في أسلوب الأداء والتنفيذ، بحكم ارتباطهم الوثيق ببلورة السياسة الخارجية ومتابعتها، فيما أمل أن يشكل هذا الاجتماع رافدا في عملية النهوض بأداء وزارته، وتفعيل البعثات في الخارج للاضطلاع بمهامها، بما يواكب تطلعات وطموحات القيادة السياسية والشعب السعودي، وينسجم مع النهضة الشاملة التي تشهدها البلاد.

وسيركز هذا المؤتمر، وفقا للفيصل، على تبني تطوير أساليب مهنية تتفق ومعايير الكفاءة والمقدرة، وتضمن في المقابل النهوض بنوعية الأداء.

وأوضح الفيصل في كلمته التي استغرقت زهاء الـ25 دقيقة، أن تحسين الأداء يتوجب ابتكار الوسائل التي تتلاءم مع الإمكانات المتاحة، والأخذ بأفضل السبل الكفيلة بتحقيق الأهداف المرسومة، رافضا حصر عملية تحسين الأداء، بتحليل أوجه القصور فقط.

وفضَل الفيصل عدم الخوض في الموضوعات السياسية خلال لقائه بسفراء بلاده في الخارج، والذين فاق عددهم الـ100 رجل، فيما ركز خلال حديثه على عدد من الموضوعات قال انها أكبر تأثيرا على عمل الوزارة الأساسي، في وقت أكد فيه أن الموضوعات السياسية ستدرج في مجموعة عمل متخصصة.

وأوضح الفيصل أن اجتماعه بسفراء بلاده في الخارج يعد فرصة للوقوف على ما تم بالنسبة لبرنامج تملك السفارات، والخطط التي جرى اعتمادها لتنفيذ ذلك، فيما رأى أنه من الملائم عقد اجتماع عام لكل السفراء كل خمسة أعوام، وتتخللها اجتماعات إقليمية محدودة كل عامين.

ولخص الفيصل النتائج المرجوة من هذا الاجتماع، بأن يحقق الرسالة السامية للمملكة العربية السعودية من خلال ترجمة سياساتها الخارجية المعتدلة والمتزنة بأداء دبلوماسي مهني، وأن يخرج المجتمعون بمنهج واضح وخطة عمل دقيقة لإنفاذ اهتمام خادم الحرمين الشريفين وحكومته بمصالح البلاد في الخارج، وإيلاء الأولوية لرعاية مواطنيها بكل المسؤولية والأمانة.

وتطلع الفيصل أن يعمل سفراء بلاده في الخارج على تحقيق مصالح السعودية الاقتصادية وتفعيل شراكتها على الصعيد الثنائي والمتعدد الأطراف، وإبراز الوجه الحضاري للبلاد في جوانبه الثقافية والاجتماعية، وتفعيل وتطوير الجهد الإعلامي المتزن لمواكبة المستجدات، وتطوير وتحديث أساليب العمل الإدارية والمالية والتقنية، وتسخيرها لخدمة الأداء.

وزاد الفيصل في تطلعاته لنتائج الاجتماع، أن يعمل على تطوير قواعد المعلومات والدراسات وتقويتها، وبناء شبكة متكاملة لها وتفعيل دور الدراسات، والعمل على أن يترجم الأداء المهني والسلوك الشخصي لمنسوبي وزارة الخارجية وبعثاتها في الخارج مبادئ البلاد ومنهجها وتوجهاتها.