عويس: بوش يسعى لإخضاع الصومال لهيمنة أميركية وإثيوبية

قصف متبادل بصواريخ المورتر بين المحاكم والقوات الإثيوبية

TT

نصح الشيخ حسن طاهر عويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية في الصومال إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بالتخلي عن مشروع القرار الذي يعتزم تقديمه اليوم إلى مجلس الأمن الدولي ويسمح بنشر قوات حفظ سلام إقليمية في الصومال لمساعدة السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس عبد الله يوسف من معقلها في مدينة بيداوة الجنوبية.

وقال عويس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو » يتعين على المجتمع الدولي ومجلس الأمن عدم مسايرة المشروع الأميركي«، محذرا مما وصفه بـ«عواقب وخيمة قد تنتج عن نشر هذه القوات على الأراضي الصومالية في ظل معارضة المحاكم الإسلامية لها».

واعتبر عويس أن أميركا التي فشلت في مهمة إعادة الأمل التي قادتها مع قوات الأمم المتحدة( القبعات الزرق) عام 1993 ، تريد أن تشعل حربا أهلية في الصومال عن طريق إدارة حرب بالوكالة من خلال محاولتها إضفاء شرعية دولية على تواجد قوات أثيوبية في الصومال.

وانتقد عويس ما أسماه «الخطة الشيطانية الأميركية الأثيوبية المشتركة» وقال «إن من شأنها تسريع اندلاع حرب جديدة في الصومال قد تمتد آثارها السلبية إلى معظم دول الجوار الجغرافي في منطقة القرن الأفريقي».

وكانت التقارير الواردة من مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك قد أشارت في وقت سابق إلى اعتزام الولايات المتحدة طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يؤيد خطة كان قد أقرها الاتحاد الأفريقي مع الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا( منظمة دول الإيقاد) لنشر قوات حفظ سلام افريقية في الصومال استجابة لطلب ملح من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف.

لكن رئيس المحاكم الإسلامية في الصومال قال في حديثه لـ (الشرق الأوسط) :«ان المحاكم لن تسمح بانتشار هذه القوات على الأراضي الصومالية وأنها ستتعامل معها على أنها قوات غازية مما يستوجب قتالها وإعلان الجهاد ضدها».

واستغرب عويس الاهتمام الأميركي المفاجىء بملف الأزمة الصومالية، معربا عن شكوكه القوية في حقيقة نوايا الإدارة الأميركية الحالية تجاه الصومال.

وأضاف «أن إدارة بوش الابن في البيت الأبيض تسعى لإنهاء ما بدأته إدارة بوش الأب مطلع التسعينات من إخضاع الصومال لهيمنة أميركية وأثيوبية«، مشيرا إلى «أن واشنطن تريد إيهام المجتمع الدولي بأنها جادة في دعم عملية السلام وتحقيق المصالحة في الصومال بينما هي تقود المجتمع الدولي إلى تورط جديد وخطير في بلادنا التي ما زالت تعاني آثار الحرب الأهلية التي وقعت اثر انهيار نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام1991».

وتبنت أمس مجموعة الأزمة الدولية التي تتخذ من العاصمة البلجيكية مقرا لها وجهة نظر المحاكم هذه وحذرت من أن مشروع القرار الأميركي يمكن أن يثير حربا شاملة في الصومال ويشيع عدم الاستقرار في القرن الأفريقي كله.

ودعت إلى استئناف عاجل لمحادثات الخرطوم لمعالجة القضايا الأمنية العالقة في الصومال وحذرت المجموعة فى بيان أصدرته أمس في العاصمة الكينية نيروبي وتلقت( الشرق الأوسط) نسخة منه من أن نشر قوات لحفظ السلام في الصومال غير متفاوض عليها يمكن أن تكون له تشعبات أمنية واسعة.

وحذرت المجموعة أيضا من أن الولايات المتحدة وفي حال مضيها قدما في مشروع قرارها فإنها ربما تعقد أكثر الوضع الأمني الهش في الصومال وتفاقم مما أسمته بتصعيد النزاع بالوكالة بين أثيوبيا وإريتريا إلى مستويات خطيرة جديدة. وقالت ان قرار الأمم المتحدة سيعطي المحاكم الإسلامية الذريعة للانسحاب تماما من مفاوضات السلام المقرر استئنافها منتصف الشهر المقبل بين المحاكم الإسلامية والحكومة الصومالية في العاصمة السودانية الخرطوم برعاية الجامعة العربية ومنظمة دول الإيقاد وسيقضي على أي أمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار عبر التفاوض.

وعلى الرغم من ذلك قال وزير الخارجية الصومالي إسماعيل هرة «ان الحكومة الانتقالية تسعى لحشد التأييد الأميركي والأوروبي لخطتها بشأن جلب قوات حفظ سلام أفريقية».

وأوضح إسماعيل الذي وصل إلى العاصمة الفرنسية باريس في مستهل جولة أوروبية قادما من الولايات المتحدة «أنه يتعين على الأوروبيين الاستفاقة قبل أن تتحول الصومال إلى أفغانستان جديدة».

وعلى الفور ردت المحاكم الإسلامية بتدشين حملة لجمع الأسلحة من سكان العاصمة، وأعلنت على لسان الشيخ يوسف أنديهو مسؤول الأمن فيها «أنها ستلجأ إلى دعوة من أسماهم بالإسلاميين الجهاديين من كل أنحاء العالم للانضمام إلى صفوف الميلشيات المسلحة التابعة للمحاكم الإسلامية إذا ما اندلعت حرب جديدة ضد الصومال».

وقال أنديهو في مظاهرة حاشدة نظمتها المحاكم في ميدان 21 أكتوبر في العاصمة مقديشو وشاركت فيها عشرات من السيدات المنقبات المدججات بالسلاح «أنه إذا رفع مجلس الأمن الدولي الحظر الذي يفرضه منذ عام 1992 على تصدير الأسلحة للصومال تمهيدا لنشر قوات حفظ سلام أجنبية فإننا سنعتبر ذلك إعلانا للحرب ضدنا وسنرد عليه بالمثل».

من جهته قال إسماعيل محمد مسؤول إدارة التعليم في المحاكم أمام حشد يقدر بنحو 10 آلاف متظاهر رددوا الهتافات وحملوا اللافتات المنددة بالموقفين الأميركي والأثيوبى «أنه سيتم إغلاق جميع المدارس والجامعات في الصومال وضم طلابها إلى معسكرات الجهاد التي تشرف عليها المحاكم الإسلامية لمواجهة المعتدين على أرض وسيادة الصومال».

وكان رئيس الحكومة الصومالية الانتقالية علي محمد جيدي قد تعهد أول من أمس باستعادة القوات الموالية لحكومته السيطرة على العاصمة الصومالية مقديشو التي استولت عليها ميلشيات المحاكم الإسلامية فى شهر يونيو( حزيران) الماضي، لكن رئيس المحاكم الإسلامية قال في المقابل لـ ( الشرق الأوسط): انه يرحب بدخول جميع أعضاء السلطة والحكومة إلى العاصمة بشكل سلمي، مهددا بسحق أي قوات عسكرية تسعى لفرض سيطرتها على المدينة.

وقال جيدي قبيل مغادرته العاصمة الكينية نيروبي في طريقه إلى نيجيريا التي وصلها أمس للمشاركة في القمة الأولى بين أفريقيا وأميركا الجنوبية التي ستبدأ أعمالها اليوم «ان حكومته تعتزم التوجه إلى العاصمة لكنه لم يحدد موعدا قريبا لهذه العودة».

واعتبر جيدي أن أي محاولة لوقف عودة الحكومة إلى العاصمة ستكون فاشلة، وقال » لن نطلب إذنا من المحاكم الإسلامية ولن نسألهم ما إذا كان بامكاننا الذهاب إلى مقديشو، نحن الحكومة الشرعية في البلاد ومن واجبنا أن نتصرف على هذا النحو».

واعترف جيدي بوجود قوات إثيوبية في معقل السلطة الانتقالية في مدينة بيداوة الجنوبية، لكنه استدرك قائلا «لسنا أول من يقدم على مثل هذه الخطوة».

واتهم المحاكم الإسلامية بأنها سبقت الحكومة فى استدعاء العناصر الأجنبية للمشاركة في القتال ضمن صفوفها، وقال إن المحاكم الأجنبية دعت متطرفين إلى البلاد وهذا من شأنه زعزعة الأمن في منطقة القرن الأفريقي وليس فقط في الصومال على حد تعبيره. وأضاف ستكون هذه مسؤولية الإسلاميين إذا ما اندلعت حرب أهلية جديدة في الصومال بسبب مشاركة هذه العناصر الأجنبية.

لكن الشيخ حسن طاهر عويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية قال لـ«الشرق الأوسط»، انه يرحب بعودة السلطة والحكومة إذا كانت سلمية، مؤكدا «أنه لن يسمح للقوات الموالية للحكومة بمحاولة إشعال حرب جديدة في البلاد».

وقال عويس الذي سبق له أن وجه في أكثر من مناسبة دعوات علنية للرئيس الانتقالي عبد الله يوسف ورئيس وزرائه جيدي بالانتقال من معقلهما في بيداوة هربا من تصاعد النفوذ الإثيوبي فيها والقدوم إلى مقديشو، «إذا كانت عودتهما ستتم في هذا الإطار فنحن نمد اليهما أيدينا بالسلام، أما لو كانت عودة بهدف ضرب المحاكم الإسلامية فإننا مستعدون لكل الاحتمالات».

وتبادلت قوات المحاكم الإسلامية والقوات الإثيوبية الداعمة لإقليم البونت لاند (أرض اللبان) قصفا بصواريخ المورتر في منطقة جالاكايو، لكن على الرغم من إعلان مصادر المحاكم أن القوات الإثيوبية أطلقت 15 صاروخا أمس باتجاه قوات المحاكم التي لا يفصلها عنها سوى 5 كلم فقط، إلا أنه لم ترد أية تقارير عن وقوع خسائر بشرية أو مادية.

وقالت مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن سكانها بدأوا عملية نزوح جماعي منها تحسبا لاندلاع قتال وشيك بين هذه القوات والمحاكم الإسلامية التي أعادت الانتشار في محيط المدينة وعززت مواقعها الدفاعية.

وتتوقع مصادر الحكومة والمحاكم اندلاع مواجهة عسكرية خلال الأيام القليلة المقبلة بين الطرفين للسيطرة على المدينة التي تبعد نحو 60 كلم فقط عن معقل السلطة الانتقالية في بيداوة.