«الناتو» يطالب بإرسال مزيد من القوات لجنوب أفغانستان

حلف الأطلسي يسلم المسؤولية للقوات الأفغانية عام 2008

TT

بدأ حلف شمال الأطلسي أمس مؤتمره السنوي في العاصمة الليتوانية ريجا، وهو أول مؤتمر يقام فوق أرض كانت تابعة للاتحاد السوفياتي، وذلك بحضور جميع الدول الأعضاء الـ26 حيث تهيمن الأوضاع العسكرية الصعبة في أفغانستان والمسألة الأمنية على محاور أجندة المؤتمر. ويدل حضور كل من الرئيس الأميركي جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والرئيس الفرنسي جاك شيراك، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للمؤتمر على أهمية القضايا المطروحة أمام التحالف في الظروف الراهنة. ومارس ياب دي هوب شيفر، سكرتير عام(الناتو)، ضغوطا أمس على دول الحلف لحملها على إرسال مزيد من القوات إلى منطقة جنوب أفغانستان الهشة ورفع القيود التي تفرضها على عمليات نشر جنود هناك والتي تعوق عمليات القتال ضد طالبان التي تزايدت عملياتها مؤخرا.

وقال شيفر في خطاب ألقاه فيما يتوافد قادة دول الحلف الـ26 لحضور قمة تستمر يومين في العاصمة اللاتفية «إما أن نواجه التهديدات أينما وجدت وإلا فإننا سنجدها على أبوابنا».

وقال شيفر إنه لأمر «غير مقبول» أن يفشل أعضاء (الناتو) في إرسال 20 في المائة من القوات والمعدات المطلوبة لمواجهة العمليات القتالية في الجنوب.

واعترف زعيم بالحلف أول من أمس أن أيا من الدول الأعضاء لم تقدم حتى الآن أية تعهدات جديدة بإرسال قوات لتشكيل القوة الإضافية المطلوبة من الجنود وقوامها 2500 جندي.

وانتقد شيفر «المحاذير» التي تفرضها الدول الأعضاء على قواتها العاملة في أفغانستان ضمن قوات التحالف. فألمانيا على سبيل المثال تصر على وجود قواتها البالغ قوامها 2700 جندي في مناطق أكثر أمنا بشمال أفغانستان.

وهذا يعني أن القوات البريطانية والكندية والأميركية والهولندية فضلا عن القوات الاسترالية غير المقاتلة العاملة ضمن قوات الحلف تشارك في عمليات قتالية في جنوب أفغانستان وأنها تتعرض لخسائر بشرية.

وأعلن شيفر أمس أن قوات الحلف يجب ان تكون قادرة على تسليم المسؤولية لقوات الأمن الأفغانية تدريجيا عام 2008. وأعطى لمحة عن استراتيجية خروج الحلف من أخطر مهمة له في خطاب ألقاه أمام مؤتمر أمني قبل ساعات من بدء قمة لزعماء الحلف في لاتفيا.

وقال«آمل انه بحلول عام 2008 نكون قد حققنا تقدما ملموسا. وأوكلنا فعليا السيطرة لقوات الأمن الأفغانية تدريجيا»، مناشدا الحلفاء تقديم مزيد من القوات وتقليص القيود التي تحكم عملها. وفي توبيخ واضح لألمانيا، فضلا عن إسبانيا وفرنسا التي تقصي جنودها هي أيضا عن الجنوب، قال شيفر «مثلما نحتاج إلى قوات مقاتلة تشارك في عمليات الإعمار فإننا لا نقبل بجيوش إعمار لا تستطيع أن تشارك في عمليات القتال».

يذكر أن «الناتو» نشر 32 ألف جندي في أفغانستان بموجب تفويض من الأمم المتحدة.

وبينما واجهت قوات الحلف ما سماه شيفر «صيفا صعبا» فإنه يصر على أن الصراع الأفغاني يمكن الانتصار فيه وأن «أفغانستان مهمة ممكنة».

ويؤيد شيفر دعوات الرئيس الفرنسي جاك شيراك بتشكيل «مجموعة اتصال» أفغانية لتطوير عمليات تنسيق الجهود العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية».

على جانب آخر لمح شيفر إلى أن قمة ريجا لن تحدد أية مهلة لضم أعضاء جدد إلى الحلف الذي يضم 26 بلدا. ويذكر أن ألبانيا وكرواتيا ومقدونيا دول مرشحة رسميا للانضمام للحلف. وثمة قائمة انتظار تضم صربيا والبوسنة والهرسك وجورجيا وأوكرانيا.

كما يبحث الحلف مطالبة الولايات المتحدة بعلاقات أوثق مع أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، ولكن هذا قوبل بالرفض من جانب فرنسا التي تخشى من أن مشاركات من هذا القبيل يمكن أن ينظر إليها باعتبارها تحول الحلف إلى رجل شرطة عالمي.

وقال شيفر إن الحلف بحاجة إلى المضي قدما في عملية تطوير هياكله واستراتيجية التعامل مع التهديدات الكونية.

وأضاف «إن هناك هياكل عديدة تعود لأيام الحرب الباردة ولا تزال موجودة في الحلف حتى يومنا هذا».

وفي إطار جهود دعم الإصلاح، دعا شيفر الحلف للاتفاق على ما سماه «استراتيجية كبرى» خلال قمة عام 2009 الذي يوافق الذكرى الـ60 لتأسيس الحلف.

وقال شيفر «إن صياغة مفهوم استراتيجي جديد من شأنه إعادة تحديد أدوار الحلف ومهامه وكذلك حدوده». وقال بيان صادر عن مقر حلف شمال الاطلسي ببروكسل إن محادثات قادة الدول الأعضاء الـ26 خلال القمة ستتمحور حول العديد من الملفات الهامة تتعلق بخطط الناتو المستقبلية، فضلا عن تقييم أداء الحلف في العديد من المهمات التي أوكلت اليه خلال الفترة السابقة .وأشار البيان الأطلسي الى ان هناك العديد من الملفات تتضمنها أجندة القمة ومن ابرزها تطورات الأوضاع المسجلة حاليا في أفغانستان وارتباطات الحلف في مناطق أخرى مثل كوسوفو والعراق ودارفور والبحر الأبيض المتوسط.

وفي الوقت الذي تشير فيه جميع تصريحات قادة الحلف و كبار أعضائه الى أنه لن تتم دعوة أي دولة جديدة للانضمام لحلف شمال الأطلسي، فإن دول البلقان وأوروبا الشرقية التي لا تزال خارج إطار الحلف، تعتقد أن فرصة دعوتها للانضمام لبرنامج الحلف، الشراكة من أجل السلام، ضعيفة، مثل صربيا والبوسنة والجبل الأسود ومقدونيا وكرواتيا، وإن كانت الدولتان الأخيرتان تشاركان بقوات عسكرية في أفغانستان.

وقد أكد شيفر، خلال مؤتمر صحافي بمقر الحلف ببروكسل نهاية الاسبوع الماضي أن اجتماع رؤساء الدول الأعضاء في الحلف، سيبحث سبل تغيير دور الحلف على ضوء التطورات السياسية التي يشهدها العالم حاليا. وأشار شيفر الى أن المشاركين في هذه القمة، سيبحثون سبل دعم علاقات التعاون عبر الأطلسي لمواجهة القضايا الأمنية، والعمليات التي يقوم بها الحلف حاليا في العالم، وأضاف «خاصة في أفغانستان، حيث لدينا قوة مؤلفة من 30 ألف جندي تعمل بموجب تفويض أممي».