أبو مازن يبحث مع «تنفيذية» منظمة التحرير الخيارات بعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود

أمامه خياران.. إقالة الحكومة أو الاستفتاء الشعبي

TT

يترأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) اليوم اجتماعا يعقد في رام الله لأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يشارك فيها رؤساء الكتل البرلمانية للفصائل المنضوية تحت المظلة. وسيخصص الاجتماع حسب ما قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الاوسط» لبحث الخيارات المطروحة أمامه والخطوات التي يمكن اتخاذها على ضوء ما أعلنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب لقائه مع كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأميركية في أريحا امس بشأن وصول مفاوضات حكومة الوحدة الوطنية الى طريق مسدود.

وتصطدم المفاوضات حسب أعضاء مشاركين فيها بعقبة الحقائب السيادية الثلاث، وهي الخارجية والمالية والداخلية. ففي حين يريد ابو مازن شخصيات مستقلة الى هذه المناصب قادرة على التعامل مع العالم الخارجي وتنجح في فك الحصار، تبدي حماس استعدادها للتنازل عن الخارجية ولكنها مصرة على الداخلية وتعارض مرشح ابو مازن للمالية.

ويؤكد مصطفى البرغوثي الذي لعب دورا أساسيا في المفاوضات بين ابو مازن ورئيس الوزراء إسماعيل هنية ان الخلاف الأساسي يتمحور الآن حول الحقائب الثلاث. وشدد لـ«الشرق الاوسط» على انه لا خلاف على الإطلاق على الإطار السياسي الذي سيكون اتفاق الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى).

وكان ابو مازن قد أعلن في المؤتمر الصحافي المشترك مع رايس وذلك لأول مرة منذ بدء الحوار الوطني الفلسطيني في مايو (أيار) الماضي, أن مساعيه الحثيثة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، «التي هي هدف أساسي لشعبنا ومهم له، وصلت إلى طريق مسدود للأسف». وقال «لقد بذلنا جهودا مضنية لتشكيل الحكومة ولكن مع الأسف الان وصلنا إلى طريق مسدود، وهذا مؤلم جدا لنا لأننا نعرف كم يعاني الشعب الفلسطيني منذ تسعة أشهر». وتابع: «لم ننجح ولم نصل إلى النتيجة التي نريدها.. حكومة قادرة على الإقلاع بالوضع الفلسطيني تنهي الحصار، ولكن للأسف لم يحدث ذلك».

وأضاف ابو مازن: «إن ما أريده هو حكومة تفك الحصار ولا أبحث عن أحزاب وأسماء، فهذا لا يهمني إطلاقا بل أريد شخصيات قادرة ومحترمة وخبراء أيا كانت أسماؤهم يؤمنون بأننا يجب أن نقلع، ويقبلون بالشرعية العربية والدولية» وهو بذلك يشير الى الخلاف حول توزيع الحقائب السيادية الثلاث وهي الخارجية والداخلية والمالية، الذي أدى الى توقف المفاوضات. وتصر حماس على التمسك بوزارة الداخلية وعدم استعدادها للتنازل عنها في أي حال من الأحوال، كما قال ذلك يحيى موسى احد نواب حماس في المجلس التشريعي لـ«الشرق الاوسط». لكن حماس مستعدة للتنازل عن الخارجية لحركة فتح وتسليم المالية الى شخصية مستقلة، وقد رشحت الى ذلك الدكتور سمير ابو عيشة وهو ما رفضه ابو مازن، لكنها في الوقت نفسه رفضت مرشح ابو مازن وهو سلام فياض وزير المالية السابق ورئيس كتلة الطريق الثالث في المجلس التشريعي الذي تقول انه فشل مهنيا أثناء وجوده على رأس المؤسسة المالية، كما انه ليس مستقلا.

وردا على سؤال إذا ما كان سيقوم باتخاذ إجراءات دستورية بعد فشل المشاورات، قال ابو مازن: «هذا الأمر يحتاج إلى دراسة» والإجراء الدستوري هو احد الخيارات المفتوحة امام ابو مازن، وهناك بالطبع دوما خيار المواجهة العسكرية والدخول في صدام مباشر بين مؤسسة الرئاسة ورئاسة الوزراء، وهو ما يعتبره خطا احمر.

والخيار الدستوري كما قال لـ«الشرق الاوسط» خلال الحوار الذي أجرته معه في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هو إقالة الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ وهو خيار لن يساعد في حل الأزمة، لان حكومة الطوارئ التي سيشكلها، كما قال ذلك غير مرة، ستصطدم بالاغلبية البرلمانية التي تتمتع بها حماس في التشريعي، بعد 30 يوم من عمرها، وفق النظام الاساسي.

لكن ثمة خيارا آخر وهو الذي قد يلجأ اليه ابو مازن وكان قد لمح باستخدامه اكثر من مرة، وهو خيار الاستفتاء الذي لا تريده حماس في الوقت الحاضر وتعارضه بشدة. وقد يسبق ابو مازن الاستفتاء، كما قال مصدر مقرب منه لـ«الشرق الاوسط»، بخطاب عام الى الشعب الفلسطيني يشرح فيه تفاصيل ما جرى على مدى الأشهر السبعة الماضية، ويطرح الخيارات بما فيها الدعوة الى انتخابات عامة، عليه في إطار استفتاء.

واستبعد ابو مازن في المؤتمر الصحافي الدخول في مواجهة مع أي طرف من الأطراف الفلسطينية في حال اتخاذ إجراءات دستورية قائلا: «نقطة واحدة نستثنيها ونستبعدها.. وهي الحرب الأهلية».

الى ذلك حمل أحمد عبد الرحمن، الناطق باسم فتح، حماس مسؤولية المأزق الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وقال في حديث لإذاعة صوت فلسطين «منذ تولي حماس مقاليد الحكم وهي تسير بالشعب من فشل إلى آخر». وأضاف «أخيرا أدركت حماس أن عليها التكيف مع الأوضاع الوطنية التي تحتاج إلى وحدة وطنية، لا يمكن لحماس ان تنفرد بالحكم حتى وإن لم يكن هناك حصار، حتى لو كان الوضع الدولي مهيأ والوضع العربي مهيأ بالتعامل مع الحكومة الفلسطينية فالحكومة بانفراد حماس بقيادتها ولدت ردود فعل ليس أقلها الفلتان الأمني الموجود في الشارع».

واتهم خليل أبو ليلى القيادي في حماس ما سماه بالتيار الانقلابي في فتح بإفشال جهود الحوار بشأن تشكيل حكومة الوحدة مؤكداً أن «هذا التيار المعروف لدى الفلسطينيين سعى منذ البداية لإفشال هذه الجهود» وقال أبو ليلى، في تصريح نقله المركز الفلسطيني للأعلام: «يبدو أن التيار الانقلابي في حركة فتح في طريقه لإبطال وإفشال المفاوضات حول تشكيل حكومة الوحدة»، مشيراً إلى أن هذا التيار حقق أهدافه بتصريح ابو مازن وصول الحوار إلى طريق مسدود.

وأكد ابو ليلى أن الحوار لتشكيل حكومة الوحدة اعترضته بعض الصعاب، «وكان يجب أن يتم استكمال النقاشات حولها للقفز عن هذه الخلافات، لو كانت النوايا صادقة لتشكيل هذه الحكومة».

وبشأن من يقود التيار الانقلابي في حركة فتح، أكد أبو ليلى أنهم هم الذين صرحوا قبل أيام، وفي ظل استمرار المشاورات، بأنها وصلت إلى طريق مسدود، في الوقت الذي جرى الاتفاق مع حركة فتح أن لا يتم إصدار أي تصريحات لوسائل الإعلام، مؤكداً أن الجميع يعرفهم.