السنيورة باقٍ في السرايا ويواجه المطالبين برحيله بدعوة للحوار

فرعون لـ«الشرق الاوسط» : اقتحام مقر الحكومة خط أحمر

TT

اصوات المعتصمين في ساحة رياض الصلح من انصار المعارضة اللبنانية مسموعة بوضوح في «السراي الكبير» حيث يعتصم في المقابل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزراء حكومته. وبين موعد وآخر، يأخذ السنيورة نظرة سريعة وتعليقه الوحيد ابتسامة خفيفة ترتسم على وجهه الهادئ، متمسكاً باقتناعه بانه «ما هكذا تورد الابل»، قائلاً لزواره وشركائه في السكن القسري بالسراي من وزراء حكومته انه باق ما دام يتمتع بالشرعية الدستورية التي اسبغها على حكومته مجلس النواب، جازماً بأن طاولة الحوار هي المرجع الاخير لجميع اللبنانيين، وانه ينتظر عودة الجميع اليها ولن ييأس.

ويرى السنيورة ان في مطالبة المعارضة اسقاط الحكومة «اعترافاً بشرعيتها». وقال:

«نحن لسنا دعاة سلطة ولسنا ساعين وراءها، نحن هنا لنمثل الشعب اللبناني. الحكومة تستمر ما دامت تتمتع بالتأييد والدعم من السلطات الدستورية في البلاد، واهمها المجلس النيابي. والمحاسبة للحكومة تتم من خلال المجلس النيابي. الى جانب ذلك، نقول ان ما تطالب به المعارضة، هو تشكيل حكومة اتحاد وطني، ونحن لم نتنكر لذلك على الاطلاق ونقول ان ذلك هو امر ضروري ولكن يجب ألا يكون مدعاة للتعطيل بل مدعاة للتفعيل، وبالتالي علينا ان نتفق على كل الامور التي تؤدي الى عدم التعطيل. اما القول اننا لم نكن نشارك، فأظن ان واقع الحال يثبت عكس ذلك، فكل جلسات الحكومة تتم الموافقة على جميع القرارات بحضور جميع الوزراء الاعضاء، وبشهادة الرئيس (نبيه) بري فانها كانت تتم بالتوافق والإجماع باستثناء امر واحد، والذي على ما يبدو انه هو الذي تسبب عمليا بالانسحاب الاول من الحكومة الاستقالة التي قدمت والتي لم نقبلها. نحن نقول ان في لبنان قضايا كثيرة بين اللبنانيين، بداية ان ما يجمع اللبنانيين هو اكثر بكثير مما يفترقون عليه، وبالتالي علينا ان نعود الى رشدنا، وان نجلس معاً لأن كل الماضي يعطينا اثباتات بان الامور لا تحل لا بالشارع ولا بالضغط ولا بالاكراه ولا بالتخوين ولا بالتهديد، وهذه لغة آن الاوان ان ننتهي منها، واللبنانيون سئموا من كل هذا الكلام الذي لا يأتي برغيف خبز زيادة ولا يعطي اي نتيجة على الاطلاق». واضاف: «يجب عدم اضاعة وقت اللبنانيين في كل هذا الامور، الطريق الوحيد هو الجلوس معاً لنبحث في كل نقطة من النقاط ونتوافق عليها، وهذه ايضا دعوة برسم الاخ والصديق والزميل الرئيس نبيه بري الذي نكن له دائما كل الاحترام واعتقد ان له دوراً وعليه مسؤولية ايضا في ان نقوم بهذه المبادرة وان نحاول ان نطفئ فتيل المشكلة»، منبها الى ان «بقاء هذه العملية سيؤدي الى مشكلة نحن في غنى عنها، ولبنان في غنى عنها، والمنطقة في غنى عنها، وبالتالي ليس من مصلحة أحد، وليس من مصلحة اولئك الذين وقفوا امس (الاول) وعبروا عن رغبتهم في اسقاط الحكومة». وقال: «نحن نعلم جميعا ان هناك اناساً ينزلون اعدادا، واشخاصاً آخرين بدورهم ينزلون اعدادا اكبر، هذه قصة اخرى. انتهينا من الارقام وبالتالي لم نصل الى نتيجة، علينا العودة الى الهدوء، ولا حل لدى اللبنانيين على الاطلاق ولدى كل محبي لبنان والاصدقاء والاشقاء وهم لا يرون اي مجال لحل اي مشكلة على الاطلاق الا بالجلوس مع بعضنا البعض، والفرق يكون بتأجيل الموضوع وهذا يستتبع كلفة اكبر، ومن سيدفع هذه الكلفة؟ الكلفة سياسية واجتماعية واخلاقية واقتصادية ومالية وسيدفعها اللبنانيون ولا احد سواهم. علينا التزام الهدوء والصبر لانه ليس هناك من طريقة اخرى، والنزول الى الشارع لن يوصل الى نتيجة. الحل بالعودة الى الجلوس الى الطاولة للبحث في هذا الموضوع، وهذا ما ادعو اليه».

سئل: ماذا تقول للمعتصمين؟ فاجاب: «انا اقول للمعتصمين كما قلت سابقا مائة مرة، انا ارفع رأسي اعتزازا بكل لبناني يعبر عن رأيه، انا احترم رأيه. ولكن في الوقت نفسه وبقدر ما احترم رأيه اتمنى عليه ان يحترم آراء الآخرين لان هذا البلد ديمقراطي ويدافع عن الديمقراطية وعن الحريات فيه. وبالتالي لن نقطع شوارع. لا يزعجنا على الاطلاق ان نعبر عن راينا بكل ديمقراطية وحرية، وبالتالي انا اعتز بهم وهؤلاء ابناؤنا أيا كان موقفهم، فانا اعتز بهم ونكبر بالناس الآخرين الذين لديهم افكار ونكبر ايضا بالناس الذين لديهم افكار وآراء اخرى. والسؤال كيف سنوفق بين آراء هؤلاء الناس، وبالتالي نجلس حول الطاولة؟ انا واثق انه مهما اضعنا وقتنا في الكلام وتوتير الاجواء ففي آخر النهار هناك طريق واحد سنصل اليه ولا احد يضيع وقته». واضاف: «نريد ان نحاول مرة واثنتين وثلاثاً والفاً وعشرة آلاف ومائة ألف. ليس لدينا أي خيار إلا بالجلوس مع بعضنا البعض».

ويقول وزير الدولة ميشال فرعون لـ«الشرق الاوسط» ان اقتحام السراي هو خط أحمر محلي ودولي، مشيراً الى ان محاصرة السراي هي في حد ذاتها امر خطير جداً يكسر المعادلة القائمة التي امتنعت بموجبها قوى الاكثرية عن طلب اقالة رئيس الجمهورية ومحاصرة قصر بعبدا. وحذر من ان حصار السراي قد ينتج عنه قطع الطرق بين الجنوب والبقاع من جهة وبيروت من جهة اخرى، من جانب انصار الاكثرية، محذراً من ان الامر الخطير هو ان اي توضيح لم يصدر عن حزب الله حول محاصرة السراي ومحاولة اقتحامها مما يرجح صدق النظريات المطروحة. وتساءل عما قد يجري لو تم حصار السراي وصدر نداء لأبناء بيروت لرفع الحصار وما اذا كان هناك طابور خامس يرمي الى اشعال فتنة داخلية.

وأسف وزير الاتصالات اللبناني مروان حمادة لكون حزب الله يقود محاولة انقلابية على الحكومة والشرعية اللبنانية، وسأل «كيف تحولت قوته الضاربة التي كانت تقيم في الجنوب لمواجهة اسرائيل الى الداخل لمواجهة الحكومة وشعب لبنان؟»، واصفاً المظاهرات بأنها «ايرانية ـ شيعية، وضباط المخابرات السورية»، مذكراً بـ«وجود توجه تعيين وزراء مكان الوزراء الشيعة المستقيلين».

وأشاد حمادة في حديث اذاعي بتحرك وزير الدفاع الوطني إلياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان في مواجهة محاولة المعارضة تجاوز البروتوكول السلمي للتظاهر الذي تم وضعه، مؤكداً «ان الجيش بات الضامن لعدم خروج التحركات عن طابعها السلمي».

وعن المخاوف من دخول البلاد مرحلة العصيان المدني، اكد حمادة «ان الوطن لن يتعطل والمرافق الاساسية ستبقى عاملة»، مطمئناً الى «ان طريق المطار الرئيسية هي بين الخطوط الحمر التي وضعتها قيادة الجيش، وستعيد فتحها اذا قطعت».

كذلك، اعتبر رأى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ان الهدف من المظاهرات «إبقاء لبنان ساحة حرب الى الابد، ورفض القرار 1701، عدا رفض المحكمة الدولية وصولا الى اسقاط الحكومة بأمر إيراني ـ سوري، وتدمير الاقتصاد اللبناني للاتاحة لحزب الله السيطرة بوجود نحو 150 الفا يتقاضون منه الرواتب». وتحدث جنبلاط في دارته في بلدة المختارة أمام وفد من نقابة الصيادلة برئاسة النقيب صالح دبيبو، فقال: «صحيح انهم (قوى المعارضة) يتظاهرون بالمظاهر الديمقراطية، انما يتم ذلك عبر اقامة دولة ضمن دولة، وجيش لا شرعي الى جانب جيش شرعي، وامن لا شرعي الى جانب امن شرعي، ومال لا شرعي الى جانب موازنة عادية لا بل اقل من عادية خصوصا بعد حرب تموز (يوليو). وباتت هذه (الموازنة) على شفير الافلاس».

وأضاف «فجأة حولوا سلاحهم السياسي الى الداخل. وبعد هذا ما المطلوب؟ إسقاط الحكومة لان هناك أمر عمليات إيرانياً ـ سورياً بإسقاط الحكومة. قالها (مرشد الثورة الايرانية في ايران آية الله علي) خامنئي بوضوح وقالها ايضا (الرئيس السوري) بشار الاسد بوضوح، لان هذه الحكومة وهذا المجلس النيابي لا يأتمران بأوامر». من جانبه، قال الرئيس اللبناني اميل لحود إن «المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ليست موجهة ضد شخص رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، إنما هي مجرد مطلب محق ودستوري».

وقال لحود في حديث الى محطة تلفزيون يابانية «ان الحكومة وبعد استقالة ستة وزراء منها، اضحت من لون سياسي واحد، ولا يمكن عندها اتخاذ قرارات اساسية لان للآخرين الحق في ان تكون لهم كلمتهم».