الأمم المتحدة: الجثث تلوث مياه النيل بعد اشتباكات بجنوب السودان

سلفاكير وطه أعربا عن أسفهما.. ولجنة لوقف النار والفصل بين القوات وتحذيرات من انهيار السلام

TT

تبادلت الحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب) والقوات المسلحة السودانية والمليشيات التابعة لها في جنوب السودان، الاتهامات في اسباب احداث مدينة ملكال ثالث اكبر مدن جنوب السودان الاسبوع الماضي وراح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى في وقت عبر فيه نائبا رئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت وعلي عثمان محمد طه عن اسفهمها للأحداث. وقررت اللجنة العسكرية المشتركة وقفا فوريا لاطلاق النار ووقف العدائيات والفصل بين القوات وفك الارتباط بينما حذرت الحركة من أن بقاء المليشيات التابعة للجيش السوداني سيؤدي الي انهيار اتفاقية الترتيبات الامنية وهي اهم جزء في اتفاقية السلام الشامل.

وقالت الامم المتحدة امس ان جثث من قتلوا في اشتباكات مكثفة بين الجيش السوداني والمتمردين الجنوبيين السابقين لوثت جزءا من نهر النيل الذي يعتمد المدنيون عليه في الشرب. وكان القتال الذي وقع في بلدة ملكال هذا الاسبوع هو الاشد بين القوات الحكومية وخصومها من المتمردين الجنوبيين السابقين منذ توقيع اتفاق السلام بينهم العام الماضي لانهاء أطول حرب أهلية في افريقيا والتي اندلعت عام 1983.

وقالت الأمم المتحدة في بيان «رغم تقديم قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة دعما كبيرا لحكومة ملكال للتخلص من «جثث» القتلى لا يزال النيل ملوثا بالجثث المتخلفة عن القتال».

وأضاف «مبعث القلق بشكل خاص هو حصول الناس على المياه النظيفة في مدينة تظهر فيها الكوليرا بشكل معتاد. وذكرت الامم المتحدة في تقارير أن المدنيين يسحبون مياه الشرب من نهر النيل بسبب تعطل بعض مضخات المياه في البلدة».

وبدأت الأمم المتحدة تقييما لإمدادات المياه في ملكال امس. وأضاف البيان ان الامم المتحدة وشركاءها تصدوا لـ165 حالة كوليرا في منطقة ملكال منذ أكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ولم ترد أرقام رسمية لاجمالي القتلى في الاشتباكات منذ اندلاعها في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) إلا أن مسؤولا جنوبيا بارزا قال ان المئات قتلوا بينهم مقاتلون ومدنيون. وقال بيان الامم المتحدة ان الجانبين اتفقا على هدنة اول من امس.

وقالت الامم المتحدة ان مئات المدنيين والجنود جرحوا أيضا في الاشتباكات ووجهت نداء لممرضات متطوعات لتقديم للمساعدة. واتهم الجيش السوداني الجيش الشعبي لتحرير السودان المتمرد سابقا ببدء الاشتباكات، قائلا في بيان نشر امس ان الحركة الشعبية لتحرير السودان حاصرت حاميته العسكرية في ملكال.

وأضاف ان الهجوم وقع بعد خلاف بين المتمردين السابقين وجبريل تانغ وهو قائد ميليشيا سابق موال للحكومة، وهو جنرال بالجيش حاليا. ويقول الجيش الشعبي لتحرير السودان ان ميليشيات تنتمي الى القوات المسلحة السودانية هاجمت أعضاءه والمفوض المحلي لملكال. ولجأ رجال الميليشيات بعد ذلك الى ثكنات القوات المسلحة السودانية قرب المطار وبدأ القتال الشامل. والجيش الشعبي لتحرير السودان هو الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان.

وقال ياسر عرمان وهو مسؤول بارز في الحركة الشعبية لتحرير السودان ان ميليشيات مفوضة تنشط في الجنوب، وتشكل تهديدا للترتيبات الأمنية المتفق عليها مع الحكومة ضمن اتفاق السلام في العام الماضي. واتهم عرمان، وهو نائب الأمين العام للحركة الشعبية، جهات في الجيش السوداني انها وراء احداث ملكال. وقال منذ ثلاثة اشهر ظل النائب الاول للرئيس رئيس الحركة الشعبية الفريق سلفاكير يناقش في الاجتماعات المشتركة لمؤسسة الرئاسة وفي اكثر من مرة قضية المليشيات. واضاف «كانت هناك تقارير مستمرة ان جبريل تانغ لديه ثلاثة معسكرات للتدريب ويتلقى اسلحة من جهات في القوات المسلحة، الامر الذي كانت نتيجته احداث ملكال». وقال عرمان لـ«الشرق الاوسط» ان وجود المليشيات يظل القضية الرئيسة، وهي خرق لاتفاقية السلام الشاملة والدستور. واضاف ان «الاتفاقية والدستور يلزمان الطرفين بحل المليشيات، وان تختار هذه المجموعات إما الانضمام للجيش الشعبي او القوات المسلحة في ظرف عام من توقيع اتفاقية السلام». وتابع هذا الامر لم يتم حتى الآن. وقال «الاخطر في ذلك انه تم القبض على عناصره (خمسة عشر من القوات المشتركة) يتبعون للقوات المسلحة، مشددا على ان «الواجب الآن هو حل قضية المليشيات بشكل نهائي وشامل، وإلا فانها ستؤدي الي انهيار اهم جزء في اتفاقية السلام ألا وهو الترتيبات الامنية».

وقال مصدر في الجيش السوداني ان احداث ملكال اسفرت عن مقتل خمسة ضباط احدهم برتبة عقيد يتبع لقوات حفظ السلام والبقية للقوات المشتركة وعددهم (33) من رتب مختلفة، فيما قال بيان من الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد عثمان الاغبش ان اللجنة العسكرية المشتركة لوقف اطلاق النار قررت الوقف الفوري لاطلاق النار متهما قوات الجيش الشعبي بأنها نفذت الهجوم علي القيادة العسكرية في ملكال في معركتها ضد قوات دفاع جنوب السودان التي تتبع للقوات المسلحة.

واضاف «يجب ان يتم وقف للعدائيات والفصل بين القوات وفك الارتباط». واعتبر الاغبش ان النزاع جنوبي ـ جنوبي يعود الى توزيع المناصب وادارة حكومة الجنوب، مشيرا الي ان المليشيات التي كانت تعمل الي جانب القوات المسلحة انضم بعضها الى الجيش الشعبي وبتلك الخلفيات ظهرت الاشكالات. داعيا الى تنفيذ اتفاقية الترتيبات الامنية وإنفاذ القانون.

من جهتها، حملت قوات دفاع الجنوب التابعة للجيش السوداني الحركة الشعبية مسؤولية احداث ملكال، نافية ان تكون طرفا في الاحداث. وقال العميد محمد شول الاحمر في تصريحات صحافية ان من سماهم المخربين من الشيوعيين داخل الحركة يؤججون الصراع في جنوب السودان.

وابلغ نائب رئيس هيئة الاركان في الجيش الشعبي بيور اجانغ «الشرق الاوسط» ان اجتماع اللجنة العسكرية سينعقد في اليومين القادمين لبحث الاحداث الاخيرة والتحقق من الذي وراءها.

وقال ان «استمرار المليشيات خارج الجيشين السوداني والشعبي يعرقل اتفاقية السلام»، مشيرا لتكرار اعتداءات المليشيات علي المدنيين والجيش الشعبي. وقال «قدمنا العديد من الشكاوى وحذرنا من ان ذلك يقود الى احداث اكبر وهو ما وقع بالفعل، داعيا الى ضرورة معالجة وضع المليشيات كما نصت عليها اتفاقية الترتيبات الامنية». ونفى تانغ ومساعدوه اثارة الاشتبكات وقالوا ان قواتهم في ملكال ليست ميليشيات ولكنها اعضاء في القوات المسلحة النظامية.