الصومال: الحكومة الصومالية تؤيد المشروع الأميركي لإرسال قوات أفريقية والمحاكم ترفضه

الميليشيات الإسلامية تستولي على مدينة جديدة وتتحكم في الطريق المؤدي إلى بيداوة

TT

فيما واصلت الميليشيات المسلحة لتنظيم المحاكم الإسلامية زحفها باتجاه مدينة بيداوة الجنوبية، حيث معقل السلطة الانتقالية الصومالية واستولت بسهولة ومن دون أي قتال يذكر على مدينة ديسنور التي تبعد 130 كيلو مترا منها، فإن ردود فعل المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية تباينت تجاه مشروع قرار تتبناه الولايات المتحدة ويدعو لرفع الحظر الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي على تصدير الأسلحة إلى الصومال توطئة لنشر قوات حفظ سلام إقليمية فى هذا البلد الذي يعانى حربا أهلية منذ نحو 16 عاما. وأكد قياديون إسلاميون لـ«الشرق الأوسط»: أن ميليشيات المحاكم نجحت أمس فى السيطرة على مدينة ديسنور ثاني أهم مدينة فى إقليم باى بعد مدينة بور هكبة التي استولت عليها هذه الميلشيات وتتحكم في الطريق المؤدي إلى بيداوة.

ولم تقع أية أعمال قتال لدى اقتحام المئات من العناصر المحسوبة على المحاكم الإسلامية للمدينة، فيما تستعد المحاكم لتدشين محكمة شرعية فيها تكريسا لسيطرتها الرسمية عليها.

وقال مسؤول بارز فى المحاكم الإسلامية لـ«الشرق الأوسط«: إن السيطرة على المدينة تمت اثر مفاوضات مع كبار قادتها المحليين وأسفرت عن تسليم المدينة للمحاكم من دون طلقة مدفع واحدة، مشيرا إلى «أن السكان المحليين رحبوا بدخول قوات المحاكم والتزموا الهدوء التام».

وكان الشيخ علي مودي الناطق الرسمي باسم المحاكم الاسلامية قد حذر في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الصومالية مقديشيو، السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف من محاولة التفكير فى استعادة المدينة مجددا، وقال مودي «نحن نسيطر الآن على المدينة ولن نسمح لأي جهة بالتفكير في مجرد الاقتراب منها» .

في غضون ذلك، رحبت الحكومة الصومالية على لسان وزير إعلامها على جامع بالاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي، ويدعو إلى نشر قوات حفظ سلام أفريقية تلبية لطب رسمي من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف.

واعتبر جامع «أن الموقف الاميركي ايجابي ويصب في خانة دعم المصالح الصومالية، مشيرا إلى أنه في ظل فرض الحظر الدولي على تصدير السلاح إلى الصومال يستحيل نشر قوات حفظ سلام أجنبية في البلاد».

ولفت إلى «أن حكومته سعت مبكرا إلى حث مجلس الأمن الدولي على الاستجابة لمطالبها في هذا الإطار حتى تتمكن من بسط شرعيتها على كامل الأراضي الصومالية واستعادة الأمن والاستقرار المفقودين منذ سقوط نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991.

لكن الشيخ حسن طاهر عويس رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية الذي يسيطر بالفعل منذ بضعة شهور على العاصمة الصومالية وعدة مناطق في وسط الصومال وجنوبه قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه لا يثق بالإدارة الاميركية، وأن مشروعها لرفع الحظر على تصدير السلاح هو مجرد محاولة جديدة للتغطية على التواجد الراهن لمئات من القوات الأثيوبية بشكل غير مشروع على الأراضي الصومالية.

وأضاف عويس في اتصال هاتفي من مقديشيو: أمريكا لا تريد لنا خيرا وهي تحارب مشروعنا لإقامة دولة إسلامية في الصومال وتدعم عدونا في أثيوبيا ونحن لا نتوقع منها أي شيء ايجابي ودعونا لا ننسى أنها مولت في السابق أمراء الحرب الذين سفكوا الدماء واستحلوا الأعراض وعاثوا فسادا». وأوضح عويس أن المحاكم تدعو المجتمع الدولي إلى عدم الاستجابة للضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في هذا الإطار، معتبرا «أنه ليس من مصلحة الصومال رفع هذا الحظر الذي قد يؤدي حسب رأيه إلى تأجيج الصراع وإحباط المساعي الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».

وانتقد عويس مجددا موقف الإدارة الاميركية من مجمل الأزمة الصومالية، وقال انه يتعين على هذه الإدارة أن تعيد حساباتها وتتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للعشب الصومالي.

وتساءل عويس: من الذي منح أمريكا حق الوصاية على شعب بأكمله، وهل يعتقد الرئيس الاميركي جورج بوش أنه أدرى بمشاكل بلادنا أكثر منا، إنها وقاحة وتطاول لا نظير لهما؟.

ويقول دبلوماسيون عرب إن المشروع الأمريكي يستهدف بالأساس الضغط على المحاكم الإسلامية لطرد مجموعة من العناصر الإرهابية التي تزعم أجهة المخابرات الأمريكية والأثيوبية إنهم محسوبون على تنظيم «القاعدة»، ومتورطون في أنشطة إرهابية ضد المصالح الأمريكية والغربية في منطقة القرن الأفريقي.

وكانت الولايات المتحدة قدمت مساء الجمعة مسودة مشروع قرار، على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، يأذن بنشر قوات من شرق أفريقيا للتدخل في الصومال لمنع سقوط الحكومة الاتحادية الانتقالية التي تنازع في السيطرة على عموم الأراضي الصومالية ولمنع سقوطها على يد الميليشيات الإسلامية التي تعرف بمجلس اتحاد المحاكم الإسلامية.

ومشروع القرار الذي تحفظت عليه بعض الدول الأوروبية يتصرف وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويدعو الاتحاد الأفريقي إلى إنشاء قوة من دول شرق أفريقيا للحماية وللتدريب يتم نشرها في منطقة بيداوة.