مصر: 262 من الإسلاميين يردون على بيان المثقفين ويطالبون بإقالة وزير الثقافة

وصفوا مؤيدي الوزير بالطابور الخامس

TT

في محاولة من جانبهم لإبقاء قضية تصريحات وزير الثقافة المصري فاروق حسني ضد الحجاب داخل دائرة الضوء وعدم إخمادها بفعل تحركات الحزب الوطني الحاكم، طالب 262 من الإسلاميين، اغلبهم من الأزهريين، ومحامو الجماعات الإسلامية، ومنتمون لجماعة الإخوان المسلمين بإقالة الوزير بسبب تصريحاته التي وصفوها بالمسيئة للمحجبات والعلماء، فيما استنكر بيان أصدره الإسلاميون «اعتبار الثقافة حكرا على مؤيدي الوزير»، مشيرين إلى أنهم في المقابل لا يحتكرون الإسلام.

ورغم أن بيان «الإسلاميين» موجه في ظاهره ضد الوزير إلا انه بدا في مضمونه يخاطب مجموعة المثقفين الذين أعلنوا تضامنهم مع الوزير قبل أيام ضد ما وصفه المؤيدون بـ«عملية الإرهاب الفكري»، وقالوا: إن المؤيدين لا يمثلون جملة المثقفين المصريين. وطالب البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بإقالة الوزير لما أحدثته تصريحاته، المسيئة للحجاب والعلماء، وبسبب استنكافه عن الاعتذار لجموع الشعب الغاضبة، من عباراته واتهاماته المرسلة لغالبية الشعب المصري، وعجزه عن الوفاء لهذا الشعب، من خلال منصبه بما يحفظ له ثقافته وقيمه، ولتعاطيه السلبي مع الأزمة، مؤكدا «أن إقالة  الوزير مطلب عادل ويعد أقل إجراء يمكن اتخاذه تجاهه، تمهيدا لمحاسبته على تعديه، وتحدياته لعموم الأمة».

ودعا البيان إلى عدم إغلاق هذا الملف من دون معالجة، باعتبار أن إغلاقه من دون اكتراث بمشاعر الأمة يمثل خطأ جسيما قد لا تحمد عقباه، وسيفضي إلى مزيد من الاحتقان والغضب وسيخلق أزمة ثقة بين أبناء الوطن الواحد. وفي إشارة إلى انتقادات حادة للمثقفين الذين تضامنوا مع الوزير، قال البيان « يجدر بالمتورطين في التوقيع على البيان المساند للوزير في خطئه ممن احتكروا وصف المثقفين، أن يفكوا الارتباط المتوهم  بين حرية التعبير، والتعدي على حدود الأمة وثوابتها، والنيل من مقدساتها، ويكفوا عن التحرش بحرمات الله وشرائعه وقيم الأمة وأخلاقها، ونهيب في الوقت نفسه بالشرفاء من أصحاب الأقلام والمنابر ووسائل التعبير أن يمارسوا حقهم في الرد على الطابور الثقافي الخامس». وقال البيان الموجه ضد الوزير «إن مرحلة دقيقة من تاريخ أمتنا، تتعرض فيها لهجمة عدوانية غربية ذات وجه عسكري استعماري، وآخر ثقافي، صدم الشعب المصري بتصريحات شائنة، صدرت من وزير الثقافة المصري، تهجم فيها على فريضة الحجاب، وتهكم على العلماء والدعاة، معتبرا إياهم سببا فيما اسماه بـ«العودة إلى الوراء» من خلال الدعوة لارتداء الحجاب.  وأضاف البيان «وجاءت التصريحات متزامنة مع حملة شبه عالمية منظمة على الحجاب، وغيره من شعائر الإسلام، وهو ما أثار الارتياب في بواعثها، وأهدافها، وبخاصة أنها صدرت عن شخص يحتل منصبا منوطا، به تمثيل ثقافة الشعب الذي ينتمي إليه والحفاظ على قيمه وثوابته الدينية والوطنية. وشدد الموقعون على البيان «أنه لا يمكن وضع تصريحات الوزير، وهو ما يزال في منصبه، في خانة الحرية الشخصية المكفولة له ولغيره في إبداء الرأي، لأن حرية الرأي، مشروطة بالحفاظ على ثوابت الأمة والحدود الشرعية وعدم الإيذاء بالغير وبخاصة العلم والعلماء». وتابع البيان: «أن طلب الوزير من الشعب المصري ممثلا في نوابه أن يردوا له اعتباره، ويقدموا له اعتذارا بعد حملة الاحتجاجات ضده، يعد مزيدا من الاستخفاف بهذا الشعب وبمقدساته، ومزيدا من الحجر على حقه في مراقبة ومحاسبة من يتخطون حدود المسؤولية»، مشيرا إلى «أن غضبة الشعب المصري بعامته وخاصته، التي يعبر عنها، البيان لا تعني اختزال دعوة الإصلاح الإسلامية في قضية الحجاب، باعتباره جزءا من مطالب الإصلاح العام، المستمد من الثقافة الإسلامية، لافتا إلى أن التصدي لحملات التطاول على الثوابت والحرمات في الداخل لا يعني التغافل عن حملات العدوان في الخارج لان حرمات الأمة كلها خطوط.

وأكد الموقعون على البيان أن المشكلة المثارة بسبب الحجاب لم يؤججها رد فعل الشعب المصري الغيور، وإنما أججتها تصريحات الوزير ذاتها، وما صاحبها، من تداعيات كنا في غنى عنها، ونحن نعيش ظروفا دولية وإقليمية ومحلية فارقة كانت تتطلب من الجميع الاصطفاف لمواجهتها، بدلا من افتعال الخلاف في قضية الحجاب التي هي ليست موضع جدل في مصر. وتصدر قائمة الموقعين على البيان أسماء كل من الشيخ حافظ سلامة رئيس المقاومة الشعبية بحرب اكتوبر ورئيس جمعية الهداية الإسلامية، والدكتور عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، والدكتور عبد العظيم المطعني أستاذ النقد والبلاغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، والدكتور محمد عبد المنعم البري رئيس جبهة علماء الأزهر وعميد معهد الدراسات الحرة، والدكتور عبد الحي حسين الفرماوى أستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجلس الشعب السابق، والدكتور حمودة داود رئيس قسم أصول الدين بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين، والدكتور صلاح العادلي أستاذ العقيدة في كلية الدراسات الإسلامية والعربية، والدكتورة عبلة الكحلاوي الأستاذة بجامعة الأزهر، ومختار نوح رئيس الرابطة الدولية للمحامين المهتمين بالقوانين الإسلامية، ومجدي حسين أمين عام حزب العمل، والمحامون الإسلاميون ممدوح إسماعيل معد البيان، ومنتصر الزيات، وحازم أبوإسماعيل، وحازم رشدي، ومحفوظ عزام نائب رئيس حزب العمل، وكمال حبيب. وكان أكثر من 150 من المثقفين المصريين اغلبهم من المشاهير، بينهم كتاب ومخرجون سينمائيون وفنانون تشكيليون وشعراء ونقاد وصحافيون وأساتذة جامعيون وسفراء أصدروا بيانا أكدوا فيه تضامنهم مع الوزير وشنوا حملة ضمنية ضد جماعة الإخوان من دون ذكرها بالاسم، مؤكدين «أن قوى سياسية دأبت بذاتها على التحدث باسم الدين باعتبارها وصية على الإسلام ـ في إشارة للإخوان ـ ومحتكرة استنباط الأحكام الشرعية، في محاولة لتحقيق أغراضها السياسية راحت تبحث عن معارك وهمية مستغلة حديثا خاصا للفنان فاروق حسني وزير الثقافة، لم يخرج عن كونه مجرد رأي شخصي في قضية لا تمثل جوهر الدين وأهدافه.