دراسة: الجلوس باستقامة 90 درجة يزيد من آلام أسفل الظهر

خلافا للاعتقاد الشائع

TT

خالف باحثون من كندا الرأي الشائع حول الطريقة المُثلى للجلوس على الكرسي، وتخفيف ألم أسفل الظهر الناجم عن طول الجلوس، حيث يقولون إن نصائح الأمهات لأبنائهن بالجلوس وظهورهم منتصبة القامة، هو خطأ، بل يرونه سبباً في المزيد من ألم أسفل الظهر لديهم.

ووفق ما قاله هذا الأسبوع، باحثون ضمن فعاليات اللقاء السنوي لمجمع أميركا الشمالية للأشعة الذي عقد في شيكاغو، فإن الجلوس بزاوية 90 درجة للظهر يضع عبئاً على عضلات أسفل الظهر، والأفضل هو الجلوس بزاوية أكثر انفراجاً، وتحديداً 135 درجة فيما بين الظهر وبين خط جلوس الفخذين على سطح مقعد الكرسي. وما حاول الباحثون الإجابة عليه، هو ما هي الوضعية المثالية للجلوس على الكرسي دونما التسبب في ألم أسفل الظهر ما أمكن، حيث قال الدكتور وسيم بشير، المتخصص في الأشعة في جامعة مستشفى البيرتا في كندا، الكل يعلم أن الجلوس على الكرسي لفترة طويلة يُسبب ألماً في الظهر.

وقام الدكتور بشير وزملاؤه باستخدام جهاز للفحص الأوتوماتيكي الوضعي للتصوير بالرنين المغنطيسي، وهو نوعية خاصة من هذه الأجهزة، بدراسة تأثير وضعية الجلوس على الكرسي لدى 22 شخصا سليما من أي شكوى لألم في أسفل الظهر، وممن لم تتم لهم في السابق أي جراحة في أسفل الظهر، حيث تم تصويرهم بالرنين المغناطيسي أثناء اتخاذهم ثلاثة أوضاع مختلفة للجلوس على الكرسي. إذ طُلب منهم في الوضع الأول الجلوس على هيئة بالغة من الترهل والخمول، أي بانحناء للأمام، ما يجعل الظهر يأخذ شكل الحدبة، أي كما يجلس غالب الناس حين العمل على لوحة المفاتيح لأجهزة الكومبيوتر المكتبية أو الطباعة على الآلة الكاتبة. وفي الوضعية الثانية طُلب من المشاركين الجلوس منتصبي قامة الظهر، أي بجعل الزاوية بين سلسلة فقرات الظهر قائمة ومتعامدة، أو في زاوية 90 درجة، مع مستوى الفخذ، والإبقاء أيضاً على مفصل الورك ومفصل الركبة في خط مستقيم وعلي مستوى واحد. وفي الوضعية الثالثة طلب منهم الجلوس باسترخاء واستلقاء على الظهر، بحيث تكون الزاوية بين العمود الفقري أو الظهر وبين مستوى الفخذين زاوية منفرجة بمقدار يفوق 135 درجة، أي أن تندفع الفقرات إلى الأمام قليلاً مع الإبقاء على الانحناء الطبيعي للفقرات جميعا، كي تُعطي دعماً لفقرات أسفل الظهر تحديداً، مع وضع مفصل الركبة والساقين تحت مستوى مفصل الورك، ما يعني أن الظهر سيرتاح أقصى ما يُمكن.

ووجد الباحثون بعد تحليل نتائج الصور حول المفاصل والعضلات والأربطة بأن وضعية الانحناء إلى الوراء، (وضعية الاستلقاء)، أثناء الجلوس هي الوضعية المثالية للجلوس على الكرسي لأنها تمثل وضعية متوازنة ومتعادلة مع وضعية الاستلقاء على الظهر فوق سطح السرير.

ووجد الباحثون أن أكثر وضعيات الجلوس إضراراً بحركات أقراص ما بين الفقرات، ألتي تُسمى خطأ بالغضاريف الفقرية، هي وضعية الجلوس بزاوية قائمة للظهر. وأن أقلها إضراراً بأقراص ما بين الفقرات هي وضعية الاستلقاء أثناء الجلوس، أي بزاوية 135 درجة وأكثر، لأن الوضعية هذه هي الأقل في التسبب بوضع ضغط وإجهاد على الأربطة والعضلات. بينما في وضعية الزاوية القائمة للظهر فيقول الدكتور بشير الجلوس بزاوية 90 درجة يتسبب في أن الظهر يُصبح مستقيماً تماماً، وبالتالي فإن الجالس هكذا يضع إجهاداً على الظهر.

وكما كان متوقعا لدى الباحثين وغيرهم، فإن أسوأ وضعيات الجلوس على سلامة الظهر كانت وضعية الترهل والخمول بالانحناء إلى الأمام، على حد قول الدكتور بشير.

ولذا فإن الأشخاص الذين أعمالهم المكتبية تتطلب منهم الجلوس لفترات طويلة على الكرسي، وتتطلب في نفس الوقت درجة عالية من الحماية للظهر من مسببات الألم فيه، فإن الباحثين ينصحون بالبحث عن الكرسي الذي يُمكن من الجلوس عليه بزاوية تعادل 135 درجة أو أكثر.

وهو ما قال الدكتور بشير عنه هو كل ما يلزم للوقاية من ألم أسفل الظهر، بدلاً من البحث عن أي علاج آخر لذلك الألم في أسفل الظهر الناجم عن اتخاذ وضعيات سيئة أثناء الجلوس على الكرسي.

وأضاف، من ناحية اقتصادية فإن توفير مثل هذه الكراسي سيكون حلاً لمشكلة ألم أسفل الظهر، التي تعتبر أكبر سبب للإعاقات الناجمة عن العمل في الولايات المتحدة، والسبب الرئيس لتغيب الموظفين عن الحضور للعمل.

وتفتح الدراسة هذه مجالات جديدة في البحث الطبي لمشاكل الظهر ووسائل العلاج الطبيعي لآلامه، وأيضاً في تصميمات أنواع كراسي المكاتب لتحقيق وقاية أعلى من ألم أسفل الظهر الشائع جداً.