دخل «الطب اللاسلكي» (التيليميديسن) مرحلة جديدة من خلال الثورة التقنية الكبيرة في صناعة الأجهزة، التقنية النانوية وإنتاج المواد «الذكية» الجديدة. وتشير كافة الدلائل إلى أن أجهزة التشخيص والعلاج اللاسلكية تنتقل بسرعة من المستشفى إلى عيادة الطبيب ومن ثم إلى غرفة المريض.
وعرضت في مؤتمر اتحاد شركات الصناعة والإلكترونية الألمانية في آخن (غرب) يوم أمس تقنيات جديدة تشي بهذا التحول الجديد على مستوى التشخيص والعلاج الطبيين. وبين المنتجات التي عرضتها الشركات نعل حذاء ذكي ينظم الحركة الجسدية للإنسان، صدرية انقاذ مزودة بجهاز لتحديد المواقع، جهاز جديد لقياس ضغط الدم وتنظيمه ونظام جديد لمعالجة المعانين من صرير الاسنان ليلا أثناء النوم. وغني عن القول إن كل هذه المنتجات تستخدم الهاتف الجوال كي تخبر الطبيب أو المستشفى عن الوضع الصحي لمستخدمها.
وذكر البروفيسور هاينز جورج شولز من شركة «سيندسور» في المؤتمر أن الوقاية هي خير علاج لجلطات القلب. ووصف شولز هذه الوقاية بأنها مشي الإنسان لـ 2000 خطوة إضافية على المعدل اليومي الذي يمشيه. ويمكن لهذه المسافة أن تضمن للإنسان، وخصوصا من تعدى عمره الخمسين، أن يفقد شيئا من وزنه ويحمي قلبه من الجلطات. ولذا فقد صنعت شركة «سيندسور» نعلاShoe sole ذكيا يحصي خطوات الإنسان، ينسق حركة عضلات قدميه وساقيه، ويقيس النبض والضغط بواسطة مجسات بيولوجية وفيزيائية، وينقلها عبر الهاتف الجوال إلى الطبيب أو المستشفى. وقال شولز بوجود عدة موديلات من هذا النعل، خصص بعضها لتدريب الرياضيين أيضا، ويمكن تحميل البرامج إليها من الانترنت بواسطة كومبيوتر.
وللمعانين من الربو وأمراض القصبات المزمنة، عرضت شركة «سيندسور» جهازا يجمع بين التشخيص والعلاج والتقنية اللاسلكية. وهو جهاز من اختراع البروفيسور هانز جورج جروبر من جامعة ميونخ التقنية، ويمكن أن يعين اكثر من 10 في المائة من الألمان ممن يعانون أمراض الرئة المزمنة. والجهاز عبارة عن نظام يجمع جهاز استنشاق الدواء، تقنية قياس كفاءة الرئتين وجهاز الهاتف الجوال لكي ينقل المعطيات مباشرة إلى المستشفى. واستعرض البروفيسور بيرنهارد فولف، من معهد هاينز نيكسدورف التابع لجامعة ميونخ التقنية، جهازا مصغرا لقياس ضغط الدم بالتعاون مع شركة «اومرون» لصناعة الأجهزة الطبية. والجهاز يستخدم مجسا لقياس الضغط، سهل الاستعمال، خفيف الوزن، يسجل قراءات ضغط الدم السابقة ويرسم بها منحنى بيانيا يظهر على الشاشة أمام الطبيب بواسطة الهاتف الجوال. ويمكن للطبيب، أو المريض، في ضوء النتائج تحديد جرعة الدواء وتقدير حالة لمريض الصحية.
ونظام «حارس النوم» هو طريقة لمساعدة المعانين من حالة صر الأسنان عند النوم. فصرير الاسنان يؤدي إلى تعرية طبقة ميناء الاسنان، يصيب عضلات الفكين والوجه بالتعب، يسبب الصداع ويقلق النائم. ويعود الفضل في حارس النوم إلى شريحة إلكترونية مرنة اسمها «بيو بايت»، تحتوي جهاز استشعار حساسا ضد الضغط (العض) ويخبر المريض والطبيب عبر الهاتف الجوال عن حالة صرير الاسنان وضرورة الاستيقاظ لوقفها. وتجري حاليا تجربة «العضّاضة الإلكترونية» (بيو بايت) في بعض عيادات طب الأسنان في بافاريا (جنوب). ويعمل بيرنهارد فولف وفريق عمله لتطوير التقنية بغية استخدامها مستقبلا للكشف عن السكر في الدم من خلال العينات التي تقسها «بيو بايت» بواسطة تقنية استشعار بيولوجية.
وصدرية الانقاذ الذكية من شركة «نوت ياكة» مزودة بنظام إلكتروني يكشف موقع الشخص (الغريق كمثل) في البحر. كما أنها تتيح للابسِهِ فرصة إرسال الرسائل الإلكترونية وإخبار العالم الخارجي عن الوضع الصحي للغريق من خلال أجهزة الاستشعار التي تقيس الضغط والنبض. والصدرية مزودة بشاشة مرنة مضادة للماء وهاتف جوال مخبأ داخلها يتولى نقل المعطيات لاسلكيا.