البيت الأبيض يوسع من رهاناته في العراق باستضافة الحكيم غدا

مسؤولون أميركيون قالوا إن اللقاء يعطي بوش فرصة لفتح قناة مع الإيرانيين

TT

في خطوة ربما تكون الاخيرة، التي تقوم بها الإدارة الأميركية في محاولاتها لتقوية الحكومة العراقية الهشة، قال البيت الأبيض إن الرئيس جورج بوش سيلتقي مع عبد العزيز الحكيم، رئيس أكثر الأحزاب الشيعية قوة في العراق.

وتأتي هذه المبادرة جزءا من استراتيجية البيت الأبيض، التي تدعو إلى بناء جسور مع دائرة أوسع من السياسيين العراقيين، لتوفير دعم أكبر للحكومة العراقية الضعيفة، التي يرأسها نوري المالكي وتقليل اعتماده على مقتدى الصدر، رجل الدين المعادي للولايات المتحدة. لكن ذلك قد يجر واشنطن أعمق إلى وهاد عالم السياسة المعقد القائم حاليا في بغداد، وقد يتم تأويله في بغداد بأنه علامة على أن بوش يوسع من دائرة رهاناته.

وقال مسؤول رفيع في إدارة بوش: «إذا كنت تظن أن المالكي لن يتمكن من البقاء، فعليك أن تتوثق من أن الرئيس سيتمكن من التحدث مع الرجل الآخر، الذي قد يقوم بتشكيل الحكومة اللاحقة». ويقود الحكيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وهو ذو أواصر قوية بإيران، وظلت واشنطن منذ عدة سنوات تتجنب التواصل مع هذا التنظيم. وتم تشكيل هذا الحزب في إيران وقاتل جناحه العسكري: لواء بدر، ضد العراق خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية في الثمانينات من القرن الماضي.

ويأتي هذا الاجتماع في وقت تراجع إدارة بوش مقاربتها السابقة في التعامل مع قادة العراق، على الرغم من أن الجدل، حول عمق مشاركة واشنطن في سياسات العراق خلال هذه الفترة السياسية المضطربة، ما زال قائما داخل البيت الأبيض. وهناك سؤال ما زال موضوعا للدراسة يتمثل في ما إذا كان على واشنطن أن تقدم دعما كبيرا للحكومة ذات الأغلبية الشيعية بدلا من الأقلية السنية.

وقال مسؤول رفيع في البنتاغون، إن إدارة بوش تتدارس ما إذا كان عليها أن تتراجع عن جهودها للتحاور مع السنّة المتطرفين، لأن تلك المقاربة لم تعط أي نتائج إيجابية، وهي في الوقت نفسه خلقت نفورا لدى المنظمات الشيعية المعتدلة.

لكن مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية أصروا خلال مقابلات جرت معهم، إنهم لم يتخلوا عن جهود بذلت خلال العامين الماضيين من أجل تحقيق المصالحة مع السنّة، بمن فيهم مناصرو صدام حسين السابقين.

من جانب آخر، سيتسلم الرئيس بوش، بعد غد، تقرير «مجموعة دراسة العراق»، الذي يتضمن استراتيجية دبلوماسية تطالب بوش بتغيير السياسة والتعامل مع الإيرانيين، في مسعى لتحقيق استقرار العراق. وعن طريق الالتقاء بالحكيم يمتلك الرئيس الأميركي فرصة لفتح قناة مع الإيرانيين واستباق انتقادات المجموعة له بأنه كان بطيئا جدا في التعامل مع انداد الولايات المتحدة في المنطقة، أو أنه يستطيع أن يبعد الحكيم عن طهران.

وفي الوقت الذي يشير مسؤولون حكوميون الى أن الحكيم هو الذي طلب اللقاء، قال ابنه الأكبر عمار الحكيم، عبر مقابلة هاتفية، إن الدعوة جاءت من بوش. وسيناقش الحكيم الوضع في العراق مع الرئيس الأميركي، وإجراء مفاوضات معه وزيارة العراقيين المقيمين في الولايات المتحدة. لكن الابن عمار رفض التحدث عما إذا كان أبوه سيناقش مع الرئيس بوش قضايا تتعلق بإيران، التي للحكيم الأب أواصر وثيقة بها. وأضاف الابن: «إنهما سيتكلمان فقط عن مسائل تخص العراق».

وجاء إعلان زيارة الحكيم، في وقت يسعى القادة العسكريون الأميركيون الى إقناع المالكي بالابتعاد عن الصدر، الذي تمردت ميليشياته، جيش المهدي، مرتين ضد الأميركيين وهي تعمق اليوم الانشقاق الطائفي القائم في العراق من خلال قتل السنّة العرب. وظل المالكي متمسكا بالصدر، لأنه يفتقد دعم الحكيم. وكان التحالف بين المالكي والصدر قد تحقق في الربيع الماضي حينما قام ائتلاف الأحزاب الشيعية، الذي فاز بـ275 مقعدا برلمانيا، بتصويت داخلي لاختيار مرشح لرئاسة الحكومة. بادر الصدر الذي يمتلك 30 مقعدا في البرلمان إلى الوقوف مع مرشح حزب الدعوة الإسلامية المالكي، لإبقاء مرشح الحكيم بعيدا عن الحصول على أعلى منصب حكومي. ويعتبر الصدر والحكيم متنافسان لدودان، ويعود الخلاف إلى أيام والديهما اللذين كانا من رجال الدين المشهورين، واللذين تنافسا في ما بينهما على مكانة أكبر.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»