عمرو موسى في بيروت ويعتبر الوضع «خطيرا» ووفد من قوى «14 آذار» ينقل «أفكارا» إلى بري

الجيش يقمع أعمال شغب ويفرق اشتباكا بالأيدي والعصي في منطقة قصقص

TT

في اليوم الثالث للتحرك الشعبي الذي تنظمه المعارضة اللبنانية مطالبة باسقاط حكومة الاكثرية النيابية برئاسة فؤاد السنيورة، بدا السباق على أشده بين تصاعد الاحتقان والتخوف من انفلات يفضي الى فتنة وبين المساعي الناشطة لبنانياً وعربياً لاستيعاب الوضع والعودة بالاطراف الى طاولة الحوار والتشاور بادارة رئيس مجلس النواب نبيه بري على قاعدة «ان اللبنانيين محكومون بالعيش المشترك والتفاهم على المستقبل». وقد سجل أمس اول حادث انفلات أمني في حي قصقص (السني غرب بيروت) حين هاجم قاطنون في الحي موكبا لمعارضين كانوا يهتفون بشعارات لحزب الله. وقد تخلل الاشتباك عراك بالأيدي والعصي وتكسير بعض المحال التجارية، فقمع الجيش اعمال الشغب وسيطر على الموقف ونشر عناصر من قوى الامن في الحي الذي يؤيد سكانه رئيس الغالبية النيابية سعد الحريري. وقد ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن مسعفين، أن اربعة اشخاص أصيبوا بجروح في شجار بين مؤيدين للحكومة اللبنانية ومعارضيها. وتمثلت أمس الخطوة الابرز في مساعي التهدئة بوصول الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت حيث اوضح ان زيارته تأتي «في اطار التحرك العربي الذي يدعم كل لبنان» مشدداً على «التوافق الوطني اللبناني اساساً ومنطلقاً لأي عمل عربي». ووصف الوضع بـ«الخطير». ومن المقرر ان يلتقي الامين العام المسؤولين اللبنانيين ليبحث معهم في التطورات الجارية سعياً الى حل للأوضاع المتأزمة. وقد ادلى لدى وصوله الى مطار بيروت بتصريح قال فيه: «قمت باتصالات مع عدد من العواصم العربية بمناسبة قدومي الى لبنان والمباحثات التي سأجريها هنا بالنسبة الى الصعوبات الحالية التي تعرفونها. طبعاً لقاءاتي وهذه المباحثات اقرأها انا انها هامة جداً في لحظة دقيقة من لحظات الموقف السياسي في لبنان. انما لا استطيع ان استبق الاحداث قبل ان اجري هذه المباحثات والاتصالات لأتحدث عن الموضوع نفسه».

وسئل اذا كانت لقاءاته ستشمل رئيس الجمهورية اميل لحود وسائر المسؤولين اللبنانيين، فأجاب: «نعم، اعتقد ذلك». وعما ذكر عن زيارة مرتقبة للجنة الثلاثية العربية من دول الامارات وتونس والبحرين لمساعدة الجامعة في حل الخلافات، افاد: «نعم ان هذا هو احد الاحتمالات المطروحة وان كنا قد رأينا ان يأتي الامين العام اولاً».

وسئل اذا كانت هناك مبادرة او مشروع حل يحمله معه، فقال: «لا استطيع القول ان هناك مشروع حل ما. انما اقول ان كل الوسط العربي والجامعة العربية على استعداد للتحرك»، موضحاً ان ذلك يكون «بالدخول في عدد من التفاصيل وليس هذا وقت الكلام عن ذلك. انما نحن لا يمكن ان نعتبر مجرد متفرجين على موقف خطير بهذا الشكل من التطور في لبنان».

وسئل موسى اذا كانت زيارته لدعم حكومة الرئيس السنيورة ام انها في اطار التحرك العربي، فأجاب: «الزيارة تأتي في اطار التحرك العربي الذي يدعم كل لبنان. ونريد مرة اخرى ان يكون التوافق الوطني اللبناني هو الاساس والمنطلق لأي عمل عربي».

وسئل عن رأيه في تصريح الرئيس حسني مبارك عن الوضع في لبنان، فأجاب: «تصريح الرئيس مبارك واضح تماماً في تأكيده على خطورة الموقف وخطورة اي لعب بمصير لبنان من اي قوة كانت». وسئل عن احتمال لقائه مسؤولين من «حزب الله» او المعارضة، فأجاب: «الباب مفتوح لكل هذا».

والى الخطوة العربية، سجلت امس خطوة مميزة داخلياً تمثلت باستقبال الرئيس بري وفداً نيابياً من قوى «14 آذار» ضم النواب بطرس حرب، وليد عيدو، اكرم شهيب، انطوان غانم وايلي عون. وحضر اللقاء النواب ايوب حميد وغازي زعيتر وعلي حسن خليل.

وقال النائب حرب: «ان اللقاء مع الرئيس بري تم في ضوء التطورات الحاصلة واخبار وردت حول امكانية اندساس اشخاص كطرف ثالث في محاولة لاشعال فتنة في البلد. واعتبر ان من واجبنا المجيء الى هنا (مقر الرئاسة الثانية) للاجتماع بالرئيس بري كرئيس المؤسسة الدستورية الام وليس كطرف من اطراف الصراع، بغية، البحث معه في الوسائل التي تسمح بتفادي وقوع البلاد في منزلق، وبالتالي التفتيش عن مخرج يشرف كل الاطراف، من جهة، ويحقق المصلحة الوطنية، من جهة ثانية».

واضاف: «نحن في بلد كنا ولا نزال نؤمن بأن الحوار هو مفتاح استمراره وبقائه. ونحن نعتبر ان ليس في قدرة اي فريق، اياً يكن، ان يمارس ما يسمى الضغط والغلبة على الفريق الآخر. نحن لبنانيون محكومون بالعيش في ما بيننا، ومحكومون بالتفاهم على المستقبل وذكرنا بأن هناك مؤسسات يجب ان تعمل وان هناك دستوراً يرعى علاقاتنا كلبنانيين، وانه في الازمة التي نقع فيها يجب العودة الى هذه المؤسسات والاحتكام الى احكام الدستور». وتابع حرب: «من هذا المنطلق طرحنا افكاراً عديدة. ونأمل ان تستمر هذه المساعي في محاولة للوصول الى مخارج يمكن ان تؤدي الى سحب الاحتقان من الشارع والعودة الى الحياة الديمقراطية السليمة».

وسئل عن طبيعة الافكار التي حملها وفد «14 آذار» الى الرئيس بري، فقال: «هذه الافكار ليست للبحث بصورة علنية. طرحنا افكاراً عدة سيعلن عنها في الوقت المناسب اذا وجدنا ذلك مناسباً».

وسئل اذا كانت استقالة الحكومة واردة، فأجاب: «لا اعتقد انه في جو كهذا يمكن الحديث عن استقالة حكومة، فالحكومة موجودة بحكم الاكثرية التي تتمتع بها في مجلس النواب». وأضاف رداً على سؤال: «ان هذه الحكومة لا تزال تتمتع بأكثرية في المجلس النيابي. ومن موقع معرفتنا بأن مصلحة البلد تستدعي التفاهم بين القوى السياسية للتفتيش عن مخارج، من هذا الموقع، جئنا لنجتمع برئيس المجلس، اي للتفتيش معاً عن مخرج مشرف لكل الناس يصب في مصلحة لبنان. واعتقد ان اي شرارة يمكن ان تحصل لن تكون في مصلحة اي من الطرفين وستؤدي بالنتيجة الى كارثة وطنية يجب علينا السعي الى تفاديها».

واكد حرب: «ان التشاور لم يسقط. عملية التشاور هي عملية مستمرة. واود ان اذكر بأن قوى الاكثرية وافقت على حكومة الوحدة الوطنية ولم تكن ضدها اطلاقاً. انما البحث هو في كيفية تشكيل هذه الحكومة وفي برنامج عملها وفي وجوب الاتفاق على برنامج العمل... وهذه هي التفاصيل. لم نرفض اطلاقاً حكومة الوحدة الوطنية».

واعلن: «نحن لا نقبل ان تنكسر المعارضة، فالمعارضة جزء من الشعب اللبناني. كما لا نقبل ان ننكسر لأننا ايضاً جزء من الشعب اللبناني. هذه هي الروحية التي يجب ان تتحكم بالمساعي التي نقوم بها».

وعن رد فعل الرئيس بري افاد حرب: «الرئيس بري منفتح على الافكار ونحن ايضاً في المقابل منفتحون ونسعى الى ان نتعاون في ما بيننا، وعلى الاقل العودة الى الحوار. ويجب الا ننسى انه من اليوم الذي اندلعت فيه عملية النزول الى الشارع توقف الحوار. وانا اعتقد ان هذا الاتصال اليوم هو انطلاق لآلية جديدة من الكلام مع بعضنا البعض والعودة الى الكلام العقلاني بعيداً عن ضجة الشارع لنفتش معاً عن مخارج».

بعد ذلك استقبل الرئيس بري النائب والوزير السابق رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» حسين خليل.

وفي مواكبة الاتصالات والمساعي المباشرة، سجلت مواقف لعدد من الاطراف اللبنانية. فدعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الحكومة الى الخروج بحل يخدم الوطن ويرضي الغالبية من اللبنانيين على قاعدة تحقيق العدالة والانفتاح والاستماع الى الآخر».

واعتبر وزير الطاقة المستقيل محمد فنيش (حزب الله) ان «اي تأييد من اي دولة للحكومة انما هو في الحقيقة والواقع تأييد لفريق سياسي وتحريض على عدم القبول بالحلول. وبالتالي فهو سبب لاستمرار التوتر وتعميق الازمة القائمة». ودعا «بعض القادة العرب (من دون ان يسميهم) الى الاهتمام بشؤون اوطانهم والا يصدروا مشاكلهم بالاساءة الى شعبنا وارادته». وقال النائب حسين الحاج حسن (حزب الله) «ان المعارضة كانت تفضل الوصول الى نتائج سياسية عن طريق التشاور والحوار».

من جهته، اعتبر النائب انطوان زهرا (القوات اللبنانية) «ان من يقود التحرك (المعارض) هدفه احباط مشروع المحكمة الدولية». وقال في تصريح له امس: «ان التمويل يأتي من ايران، والأوامر من محور ايران ـ سورية».