الخطة «ب» على نار حامية إذا لم تسقط الحكومة ... والمهلة يومان

عطلة الأحد أضفت جوا عائليا على الاعتصام فعمت رقصة الدبكة وتدخين النارجيلة

TT

قال المسؤول الاعلامي عضو الهيئة التنظيمية في «حزب الله» غسان درويش لـ«الشرق الاوسط» إن صيغة الاعتصام الحالي في وسط بيروت ستستمر يومين آخرين قبل الانتقال الى الخطة «ب». ورفض بالطبع الكشف عن آلية التحرك المقبل للمعارضة التي لن تتوقف قبل سقوط الحكومة. وأكد: «لا عودة الى الوراء. لم ننزل الى الشارع لنغادره قبل تحقيق المطالب. ولن ندخل منازلنا إلا اذا وصلنا الى اهدافنا الوطنية. فالخروج من الشارع لن يتم بمقايضة. لم نكن نهدد او نلعب. نحن نعرف من نقارع. ونحن لم نعمل على تجييش الناس لأهداف طائفية».

وعن الترتيبات اللوجستية للاعتصام قال درويش: «الليلة الماضية كان لدينا 500 خيمة مع كل اللوازم من حمامات وفرش واغطية. والعدد سيرتفع يوما بعد يوم في خطة تصاعدية». ونفى ما تردد عن تجاوز للأسلاك الشائكة الموضوعة عند مدخل ساحة الشهداء قبالة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وقال: «نحن اتفقنا مع القوى الامنية بعدم تجاوز الحواجز الامنية. لن ندخل خلفها». وردا على سؤال عن حصار المتظاهرين المدخل الرئيسي للسرايا الحكومية، أجاب: «لو كانت لدينا نية بمحاصرة السرايا لحاصرناها وأعلنّا ذلك. لكن لا قرار بهذا الشأن. ونحن عملنا على إعادة المتظاهرين الذين اقتربوا منها».

وكانت رقعة الخيم قد تمددت في اليوم الثالث للاعتصام وفرزت أطراف المعارضة المشاركة نفسها. ففي ساحة رياض الصلح القريبة من غرب بيروت، حيث الأكثرية المسلمة، تمركز ثقل «حزب الله» وحركة «أمل». وقبالة ساحة الشهداء التي يشكل امتدادها شرق بيروت حيث الاكثرية المسيحية، نصب «التيار الوطني الحر» «مضاربه». وفي ركنين صغيرين الى جانبه بضع خيم لـ«تيار المردة» الذي يرأسه النائب والوزير السابق سليمان فرنجية واخرى لـ«الحزب الديمقراطي اللبناني» الذي يرأسه النائب والوزير السابق طلال أرسلان. لكن الفرز الميداني للخيم لم ينعكس في فرز «الألوان الحزبية». وعلى طريقة «العونة» اللبنانية حرص جمهور «حزب الله» على مزج الاصفر الذي يرمز الى علمه بالبرتقالي الذي يرمز الى علم التيار والذي طغى على الثياب وحتى على الحجاب والوشاح على رؤوس النساء وأكتافهن.

غسان درويش وافق على أن حجم «حزب الله» هو الأكبر في التجمع، لكنه حرص على التأكيد أن لـ«التيار الوطني الحر» حجمه الفاعل فهو يحل في المرتبة الثانية، أي قبل حركة «أمل» وانما من دون أي معطيات احصائية. وأوضح ان لكل من الساحتين منبرها، يشرف على الأول الحزب وعلى الثاني التيار. بحيث يتم التناوب على الخطابة بين المنبرين وفق دوام محدد. واستغرب ان يكون صدر انتقاد للجيش اللبناني من على منبر التيار سجلته «الشرق الاوسط» امس الاول. وأكد أن كل ما يصدر عن منبر الحزب يخضع للرقابة. وقال: «هناك ساحتان. ونحن نرتب البرامج على اساسهما. وآلية الخطابة تفرض ان يكون الموضوع وطنيا. والخطب من حق القوى المشاركة في الاعتصام. ونحاول الاطلاع على محتواها لاننا لا نريد شتائم. ولا يرضينا ان يمدحنا البعض مقابل امرار ما يريد. فنحن نقود تحركا سلميا ووطنيا».

ويحرص درويش على ان تكون الغلبة للخطابات التي تجيد التواصل مع الجمهور، فيشدد على ان يحظى الشعر الشعبي بحصة «لانه يروق للمعتصمين».

وعن الاستفزازات التي قال بعض المعتصمين انهم تعرضوا لها، اوضح درويش أن «لا تجاوزات ولا استفزازات. لدينا عشرون ألف عنصر يتولون الانضباط . وقد تكون حصلت حالات فردية. ونحن قادرون على استيعابها».

اقتصاد الاعتصام ازدهر مع ارتفاع عدد الوافدين. وتنوعت البضائع التي حملها الباعة المتجولون. بقي الكعك يتصدر قائمة المبيعات. وطاب لأحد الباعة ان ينادي على بضاعته قائلا: «كعك السنيورة بـ500 ليرة ومن دون ضريبة على القيمة المضافة». بدت اكشاك البيع أكثر تخصصا، لا سيما ان عطلة الاحد استقطبت جوا عائليا طغى على المكان حتى حلول ساعة الغداء. ونال الاطفال حصتهم من الحلوى والبالونات التي تميزت بلونها البرتقالي.

تدخين النارجيلة استمر ايضا. وطاب لبعض الشباب ان يحتفلوا على طريقتهم، فقاموا جماعات الى رقصة الدبكة على ايقاع الاغنيات الفولكلورية اللبنانية من الميجانا الى بعض اعمال الرحابنة وزكي ناصيف.

بعد الظهر توافدت الحشود الى الساحة وتسبب وصولها الى وسط بيروت مشيا على الاقدام بازدحام سير خانق في الطرق المؤدية اليه من ضاحية بيروت الجنوبية واوتوستراد سليم سلام في غرب العاصمة.

حجم حضور «التيار الوطني الحر» بدا أكبر مما كان عليه في اليومين الماضيين. وقد برز صباحا خلال القداس الذي اقامه التيار على نية خلاص لبنان في كاتدرائية مار جرجس الواقعة بين الساحتين. كذلك برز حجم تيار «المردة» بشكل واضح. والسبب كما قال المنظمون يرتبط بحشد مؤيدي فرنجية الذين هبوا للترحيب به لدى وصوله ليلقي كلمته. وقد استهلها بانتقاد منع المعتصمين من الوصول الى ضريح الرئيس رفيق الحريري في ساحة الشهداء. وأكد: «ان المعارضة تحافظ على الضريح أكثر من السلطة التي تتاجر بالشهداء». وانتقد الرئيس المصري حسني مبارك. واعتبر انه يهول بحرب أهلية في لبنان. وقال له بلهجة مصرية: «كفاية تدخل بلبنان». وطالب حكومة السنيورة بأن تتمتع بالجرأة وتستقيل. وأكد ان الوضع السليم للبلاد يكون عبر المشاركة الحقيقية وايصال رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الى المشاركة في الحكم. ورفض الفرز الطائفي الذي «تقوم به السلطة التي تدعي انها الاكثرية»، ليعود ويؤكد أن المشهد الذي يعكسه الاعتصام يشير الى أن الأكثرية الحقيقية ليست في فريق السلطة.

الحزب الشيوعي اللبناني سجل حضوره بتنظيم مظاهرة الى مكان الاعتصام وميزه بشعار «المبادرة الانقاذية» التي طرحها الحزب والقائمة على تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات مبكرة على قاعدة النسبية كمقدمة للاصلاح السياسي المطلوب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية». وحرص الامين العام للحزب، خالد حدادة ، على تذكير المعتصمين بتاريخ حزبه. كما وجه تحية الى الشهيد جورج حاوي، واعتبر ان «الحكومة ساقطة ويجب أن تعاقب لانها قصرت في كل المجالات السياسية والاقتصادية والامنية». ورأى «ان الازمة الحالية في لبنان لا تنتهي الا بحل متوازن للازمات الدستورية الثلاث: أزمة رئاسة الجمهورية وأزمة الحكومة وأزمة مجلس النواب الذي سرق بلحظة من الزمن. وهذا الحل يتم بحكومة انتقالية لا يتعايش بها المقاوم والمساوم على الوطن».