رامسفيلد أوصى قبل يومين من استقالته بخفض كبير في العمليات القتالية بالعراق

كبير مسؤولي استخبارات البنتاغون يستقيل نهاية الشهر الحالي

TT

قبل يومين من استقالته من وزارة الدفاع وجه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مذكرة سرية الى البيت الأبيض توصي بـ«تعديل كبير» في الاستراتيجية بشأن العراق، معترفا بوجود تقدم بطيء هناك. وكتب رامسفيلد في المذكرة المؤرخة في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انه «من الواضح ان ما تقوم به القوات الأميركية في العراق في الوقت الحالي لا يسير بشكل جيد او بالسرعة الكافية».

وكان رامسفيلد قد أبدى تعليقات مماثلة علنا حول التقدم غير الكافي في العراق قبيل وبعد استقالته مباشرة يوم الثامن من نوفمبر الماضي. ولكن مذكرة وزير الدفاع الواسعة على نحو غير مألوف طرحت سلسلة من 21 من التوجهات المحتملة للعمل في ما يتعلق بالاستراتيجية بشأن العراق، بما في ذلك الكثير الذي يمكن أن يحول الاحتلال الأميركي. وكتب رامسفيلد في واحد من الخيارات التي تضمنتها المذكرة انه «يتعين الاعلان عن انه أيا كانت الطريقة الجديدة التي تقررها الولايات المتحدة فانها تفعل ذلك على اساس الاختبار. وهذا سيمنحنا القدرة على اعادة التعديل والانتقال الى وجهة أخرى، اذا ما دعت الضرورة، وبالتالي فاننا لن نخسر». وقدم بعد ذلك النصيحة التي تقول «أعيدوا صياغة المهمة العسكرية الأميركية وأهداف الولايات المتحدة (الكيفية التي نتحدث بها عنها). وكونوا معتدلين». وعلى نحو مماثل أيد رامسفيلد الاعلان عن «طائفة من المعايير» بشأن الحكومة العراقية، من اجل «تحريكهم»، مضيفا وكذلك من أجل «إعادة طمأنة» الأميركيين من أنه يمكن تحقيق تقدم.

وقد اشير الى وجود المذكرة للمرة الأولى ليلة اول من أمس من جانب «نيويورك تايمز» التي نشرتها على موقعها على الانترنت. وأكدت وزارة الدفاع صحة المذكرة. وعندما سئلت عن المذكرة قالت ايرين ويتشر المتحدثة باسم البيت الأبيض ان «الرئيس قال انه غير راض عن التقدم في العراق، ولهذا فان الشيء الصحيح الذي يتعين القيام به هو اعادة تقييم تكتيكاتنا. وهناك عدد من المراجعات الجارية حاليا، والرئيس منفتح على الاصغاء الى طائفة واسعة من الخيارات». ودعا رامسفيلد إلى زيادة كبيرة في عدد المدربين العسكريين الأميركيين الذين يعملون مع القوات العراقية، وإلى برامج معاكسة يوضع فيها جنود عراقيون مع وحدات أميركية، يهدف بشكل جزئي إلى تحسين مهارات الوحدات الأميركية في مجال استخدام اللغة العربية.

وطرح رامسفيلد عدة خيارات من بينها سحب القوات الأميركية من العراق والبالغ عددها 140 ألف جندي كوسيلة للضغط على الحكومة العراقية كي تتحمل مسؤولية أكبر تجاه الأمن في العراق. مع ذلك فإن وزير الدفاع السابق كتب أنه يعارض وبشدة وضع أجل معين للانسحاب. وجاء في مذكرة رامسفيلد: «البدء بانسحاب متواضع للقوات الأميركية وقوات التحالف سيجبر العراقيين على أن يشمروا عن سواعدهم وأن يبدأوا بتحمل مسؤولية بلدهم».

واقترح رامسفيلد استخدام مبدأ الجزرة والعصا في توفير الأمن، حيث لا يمنح ذلك من قبل القوات الأميركية إلا لتلك المحافظات والمدن التي تتعاون كليا معها. كذلك هو الحال مع إعادة الإعمار التي يجب أن تذهب إلى «تلك الأجزاء من العراق التي تتصرف بشكل حسن»، وأضاف رامسفيلد: «لا دعم لإعادة إعمار أخرى في المناطق التي يسودها العنف».

ويأتي تسريب المذكرة في وقت اعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) عن نية كبير مسؤولي استخباراتها ستيفن كامبون الاستقالة من منصبه نهاية العام الحالي. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية قام كامبون الذي يشغل منصب وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات بدور رئيسي في حملة رامسفيلد لتحويل المؤسسة العسكرية الاميركية الى قوة أخف واكثر تقنية وفي اسناد جزء مهم من العمل الاستخباراتي لها.

من ناحية ثانية، قدر مكتب الموازنة في الكونغرس بـ290 مليار دولار المبالغ التي تم صرفها على حرب العراق حتى نهاية السنة المالية 2006 في 30 سبتمبر (ايلول) الماضي بينها 254 مليار من النفقات العسكرية. من جهتها، قدرت هيئة الابحاث في الكونغرس الانفاق بـ319 مليار دولار تمثل 73% من نفقات «الحرب على الارهاب» التي باشرتها الادارة الاميركية بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. كذلك صوت الكونغرس على مبلغ 70 مليار دولار يخصص تحديدا «للحرب على الارهاب» من ضمن موازنة الدفاع للعام 2007، قد تصرف منها 50 مليارا كمبلغ اضافي للعراق.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»