الأمين العام للحركة الشعبية: بعض قيادات المؤتمر الوطني تقود السودان نحو الهاوية

باقان أموم لـ«الشرق الأوسط»: الحركة في حالة انتشار غير مسبوق في شمال السودان

TT

حذر الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان اموم من ان تعقيد ازمة دارفور سيقود الى انهيار السودان ووقوعه في حالة الفوضى الشاملة وسيكون لذلك تبعات داخلية وخارجية خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والسلام العالمي مؤكدا وقوف حركته مع نشر قوات من الامم المتحدة في الاقليم لحماية المدنيين، مطالبا شريكهم في الحكم حزب المؤتمر الوطني بقبول القرار (1706) الصادر من مجلس الامن الدولي في هذا الصدد .

وقال اموم في حوار عبر الهاتف مع «الشرق الاوسط» من عاصمة حكومة جنوب السودان جوبا، ان بعض قيادات المؤتمر الوطني تحبذ ان تختار مواجهة المجتمع الدولي وتدعو لمواصلة الازمة في دارفور وفي نفس الوقت يختارون العودة للحرب في جنوب السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق. وشدد على التزام الحركة بتنفيذ اتفاقية السلام الشاملة في الجنوب وإنهاء الحرب المستعرة في دارفور.

وأقر اموم بوجود تباين في المواقف بين الحركة والمؤتمر الوطني في العديد من القضايا، وقال ان رفض المؤتمر الوطني واصراره في عدم دخول قوات الامم المتحدة والتمادي في عدم تنفيذ اتفاقية السلام يعقد الاوضاع في البلاد.

وفي ما يلي نص الحوار:

* يواجه السودان هذه الايام تعقيدات سياسية كبيرة تتمثل في بطء تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة والقضية الاكبر في ازمة دارفور ودخول القوات الدولية.. كيف تنظرون لهذه الاوضاع ؟

ـ أولا السودان يمر بمرحلة خطيرة جدا كبلد ، ونحن الآن امام مفترق الطريق بين الاتجاه الى تحقيق سلام شامل في السودان وبناء مجتمع ديمقراطي مستقر وهذا هو الاتجاه لكي تتفجر طاقات السودان وتحقيق الرفاهية لكل المجتمع هذا من جهة .

أما من جهة اخرى فان الخطر الماثل الآن هو عدم تنفيذ اتفاقية السلام وتعقيد مشكلة دارفور، وهذا سيقود الى انهيار السودان الكامل ووقوعه في حالة من الفوضى الشاملة وهذا ستكون له تبعات داخلية وخارجية في المنطقة وعلى السلام العالمي.

* وما هو موقف الحركة من هذا الخطر الداهم ؟

ـ نحن في الحركة الشعبية خيارنا استراتيجي وهو الدفع بالسودان في طريق السلام والحرية والديمقراطية لتحقيق الرفاهية والعيش الكريم لجميع السودانيين، وذلك يمر عبر العمل على تنفيذ اتفاق السلام الشامل في نيفاشا والعمل على حل مشكلة دارفور بتحقيق سلام شامل وعادل وذلك يتم عبر نشر قوات دولية في الاقليم لحماية المدنيين وخلق الاجواء الملائمة بوقف اطلاق النار من جميع الاطراف المتصارعة في دارفور اي المؤتمر الوطني والقوات المدعومة من جانبه المعروفة بميليشيا الجنجويد وحركات المقاومة في الجهة الاخرى، والعمل على ان تجلس الاطراف على مائدة المفاوضات للوصول الى حلول وسلام شامل وعادل متفاوض عليه ومن ثم تحقيق السلام الشامل في كل انحاء السودان.

هذا هو الاتجاه الذي نعمل لأجله بهدف الدفع بالسودان الى طريق السلام والحرية، وهذا يفسر دعوة الحركة لشريكها المؤتمر الوطني بتنفيذ اتفاقية السلام الشاملة كما تسعى الحركة الى اقناع المؤتمر الوطني بقبول قرار الامم المتحدة 1706 وحثه كذلك على عدم الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي وتفادي تلك المواجهة حتى لا تتعقد مشكلة دارفور .

* لكن بعض القيادات في المؤتمر الوطني هددت بالغاء اتفاق نيفاشا الموقع مع الحركة الشعبية في حال موافقتها على دخول القوات الدولية. ما رأيكم ؟

ـ هذا كلام خطير للغاية وهو يعني ان هؤلاء القادة اختاروا المواجهة مع المجتمع الدولي ويدعون الى مواصلة الازمة في دارفور، وفي نفس الوقت يختارون العودة للحرب في الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق، لذلك هذه القيادات اصبح خيارها واضحا وجليا وهو ان ينهار السودان ويدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي اي انهم يقودون السودان نحو الهاوية والخراب الشامل.

* إزاء هذه التعقيدات ولإيجاد مخرج تطرح القوى السياسية الاخرى مقترح عقد لقاء جامع لحل مشاكل السودان وللنظر في كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها دون المساس بمكاسب الجنوبيين في اتفاقية نيفاشا هل يمكن ان توافقوا على مثل هذا الاقتراح ؟

ـ على القوى السياسية ان تطرح ما تراه وان يكونوا واضحين في ما يطرحونه دون لبس، لكن موقفنا في الحركة الشعبية واضح هو ان يتم تنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه في نيفاشا وتحقيق السلام والأمن في دارفور.

نحن مع تحقيق السلام الشامل في كل السودان وإنهاء الحروب الاهلية الدائرة فيه، ونعتقد ان اتفاق السلام في نيفاشا انهى الحرب بين المركز والجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق وابيي، اذن تنفيذ اتفاقية السلام وتحقيق السلام في دارفور هو ما ندعو اليه ويمكن ان ننظر الى ما تدعو اليه القوى السياسية الاخرى.

* لكن كيف يمكن ان يتم التنسيق بين هذه الاتفاقيات والتي ترى القوى السياسية الاخرى انها ثنائية وهل ستوافقون على اجراء تعديلات على الاتفاقيات ؟

ـ الحل في الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق وابيي تم بين الحركة الشعبية وحكومة المؤتمر الوطني في اتفاق نيفاشا، وهي اتفاقية ثنائية هذا صحيح، لكن الاتفاقية لها ابعادها القومية إذ أنها اعترفت بحل مشاكل السودان ككل بين المركز والأقاليم وتوزيع السلطة والثروة بينهما وهذا لم يكن موجودا من قبل في تاريخ السودان.

من جهة اخرى فان الصراع في دارفور بين الحركات المسلحة وشركائنا في الحكم (المؤتمر الوطني) وليس حكومة الوحدة الوطنية وهذا امر يجب توضيحه لان الحرب في دارفور كانت بين المؤتمر الوطني والحركات المسلحة، اما وجود قوى سياسية خارج الحكومة فانه تم تحقيق دستور انتقالي ديمقراطي وهناك مشاركة جزئية من القوى السياسية.

التنسيق والتنفيذ بين كل الاتفاقيات ضروري وتكاملها يحقق السلام في السودان مع العمل على تحقيق التحول الديمقراطي بمعنى اعادة هيكلة الدولة السودانية بهيئات ومؤسسات مستقلة ومحايدة وقوانين تؤكد الديمقراطية والحرية وكفالة حقوق الانسان التي نص عليها الدستور الانتقالي.

* الشراكة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني تمر بهزات كما ان هناك انعدام للثقة بينكما ومنذ اجتماع الشريكين في مايو (ايار) الماضي لم يطرأ تغيير ملموس، ما هي العقبات التي تقف امام شراكتكم ؟

ـ طبعا اتفقنا على آليات لتطوير الشراكة لتجاوز ما يطرأ لجهة تنفيذ اتفاقية السلام وفي اطار حكومة الوحدة الوطنية، هناك تعقيدات بسبب تباين المواقف في عدد من القضايا، منها اصرار المؤتمر الوطني على رفضه قبول القرارات الدولية الخاصة بدارفور والتمادي في عدم تنفيذ اتفاقية السلام مثل عدم الاتفاق في تنفيذ اتفاق ابيي ودعم المجموعات المسلحة في الجنوب.

* هل هذا يعني فشل آليات الشراكة؟ وما هو المخرج من كل هذه التعقيدات لتنفيذ الاتفاقية ؟

ـ المخرج هو في المزيد من الحوار بيننا وإيجاد حل لهذه القضايا وذلك عن طريق الحوار في الشراكة التي تجمعنا لكن اذا تعذر ذلك علينا ان نتجه الى اشراك المجتمع الاقليمي في منظمة الايقاد التي رعت مفاوضات السلام ومن ثم توقيع الاتفاق النهائي وهناك أصدقاء إيقاد من المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة ودعوتهم للقيام بدورهم للضغط على المؤتمر الوطني لتنفيذ اتفاقية السلام بحكم ان هذه الاطراف كانت شاهدة على الاتفاقية وضامنة لها.

* لكن على مستوى الجنوب يشعر المواطن هناك انه لم يطرأ اي تغيير على حياته منذ توقيع اتفاقية السلام، كيف تنظرون لذلك ؟

ـ نحن في الحركة الشعبية ومن موقعنا السياسي نعمل على شرح الأوضاع كتنظيم سياسي ونملّك المواطن كل ما يجري في الحياة العامة وما يخص مواطني الجنوب في معاشهم اليومي، ونحن كحزب حاكم في الجنوب نعمل علي تحقيق الادارة الرشيدة وتحسين معيشة المواطنين.

لقد تم تحقيق اشياء عديدة في جنوب السودان، اولا هناك استقرار وسلام وتم ايقاف الحرب في الجنوب وتمت اعادة بناء الحياة للمواطن في كل الجنوب، صحيح يتخلل الوضع ما يشبه عدم الاستقرار في بعض المواقع بسبب نشاطات من المسلحين الذين تدعمهم جهات معلومة.