جاسوس «القاعدة»: أبو خباب العقل المدبر لتفجير السفارة المصرية في إسلام أباد عام 1995

اختار انتحاريين من معسكر دارونتا بجلال أباد لتنفيذ العملية

TT

من النادر الحصول على نظرة من الداخل لكيفية نشوء تنظيم «القاعدة»، ولذلك كان هناك اهتمام واسع بشهادة جاسوس من «القاعدة» تدرب في معسكرات أسامة بن لادن في جلال اباد قبل ان يدفع مرة اخرى الى لندن. والجاسوس اسمه عمر ناصري، وهو ليس الاسم الحقيقي بل هو اسم حركي لحماية الهوية. ويقول إنه أمضى سبع سنوات عميلا لدى الاستخبارات الأوروبية وكأحد نشطاء «القاعدة». وأمضى بعض هذا الوقت في بريطانيا. وتعرض أقوال ناصري صورة فريدة لكيفية تفوق «القاعدة» تنظيما وتماسكا وعزما في التسعينات مما اعتقدته أجهزة الاستخبارات عنها. وفي كتابه الصادر أخيراً عن دار نشر «هيرست وشركاه»، تحت عنوان «داخل الجهاد العالمي»، يتحدث ناصري عن تجربته وحياته جاسوسا مزدوجا يعمل على حافة القانون. وتبدأ قصة ناصري منتصف التسعينات في بلجيكا بعد أن انخرط شقيقه مع مجموعة من العناصر الإسلامية الجزائرية. دربت «القاعدة» ناصري في مخيماتها بأفغانستان، وأرسلته إلى لندن. وكان عمر ـ دون معرفتهم بذلك، جاسوساً لدى بعض المخابرات الغربية. كل هذه الأحداث وقعت أواخر عام 1990. وعبر تجسسه على قيادات لندنستان وعلى أبو حمزة المصري والإسلاميين المتشددين الذين يعملون في المساجد؛ ومنهم أيضاً أبو قتادة، كان قادراً على إيصال معلومات عن علاقاتهم مع «القاعدة» وكيفية تأثيرهم في أتباعهم. وفي فصل خاص عن ابو خباب، خبير متفجرات «القاعدة»، والذي يُعرَفُ باسم مدحت مرسي السيد عمر،52 عاما، والذي قتل في غارة اميركية اثناء إعداده حفل قرانه على زوجة احد المقاتلين والتي تبلغ من العمر30 عاما، في يناير (كانون الثاني)، يكشف ناصري ان ابو خباب كان مهندس عملية تفجير السفارة المصرية في اسلام اباد عام 1995. وقال ناصري ان معسكرات «القاعدة» في دارونتا وخلدن ازدحمت بالتكبير واطلاق النار من بنادق المتدربين لدى تسرب اول خبر عن تفجير السفارة المصرية على لسان مدرب المتفجرات اسد الله. وقال انه شاهد لاول مرة ابو خباب في معسكر دارونتا. وكان محاطا بحراسه الشخصيين ويرتدي عمامة سوداء وليس باكولا مثل بقية الافغان والعرب في المعسكر. وعرف بعد ذلك ان اشرف شخصيا على اختيار انتحاريين من معسكر دارونتا لتفجير السفارة المصرية. واوضح أنه عرف بعد ذلك ان ابو خباب هو صانع قنابل «القاعدة». وذكر ان خطة التفجير وضعها ابو خباب، وكانت تقضي بتفجير سيارتين يقودهما انتحاريان؛ الاولى لتدمير مدخل السفارة وجذب الانتباه، والثانية انطلقت الى داخل مجمع السفارة بهدف إلحاق اكبر ضرر بالمباني والعاملين في السفارة. وتفيد معلومات أن أبو خباب انضم منتصف التسعينات إلى تنظيم «القاعدة، وأصبح الرجل الثالث في التنظيم بعد بن لادن والظواهري. واشار الى ابو خباب درب ايضا في المعسكر احمد رسام الاصولي الجزائري العضو المفترض في تنظيم «القاعدة»، المتهم الرئيسي في تفجيرات الألفية نهاية عام 1999، والذي خطط لمحاولة تنفيذ اعتداء بالمتفجرات في مطار لوس انجليس نهاية عام 1999. واشار الى ان ابو خباب درب ايضا البريطاني ريتشارد ريد الذي يقضي عقوبة سجن في الولايات المتحدة بعد إدانته بمحاولة تفجير طائرة فوق المحيط الاطلسي اواخر عام2001، وكذلك درب زكريا موساوي الخاطف رقم 20، المحتجز في الولايات المتحدة بتهمة التورط في قضية هجمات 11 سبتمبر 2001. وفي موضع آخر، تحدث ناصري عن احمد سعيد خضر ممول «القاعدة» الذي تردد انه مول عملية تفجير السفارة المصرية من التبرعات التي كانت تأتيه من كندا حيث كان يقيم. وقال ان خضر كان أحد المقربين شخصيا من بن لادن. وقتل خضر الملقب «الكندي»، في شهر أكتوبر (تشرين الاول) 2003 في منطقة وزيرستان الحدودية في باكستان وكان معه نجله كريم. وقال انه شاهد شخصيا خضر يتجه الى داخل معمل للمتفجرات في معسكر خلدن بصحبة ابن الشيخ الليبي المحتجز حاليا لدى الأميركيين. وكان ابن الشيخ وقتها أميرا لمعسكر خلدن. وابن الشيخ الليبي بحسب اصوليين في لندن اسمه علي عبد العزيز الفاخري، وهو من مدينة اجدابيا شرق ليبيا تم القبض عليه على الحدود الباكستانية مع أفغانستان بعد انسحاب المجاهدين من تورا بورا أواخر 2002، وذلك بسبب خيانة بعض القبائل الشيعية الباكستانية. ويقول ناصري انه تعرف ايضا إلى عبد الرحمن نجل خضر الكندي الذي اعتقل في غوانتانامو لمدة ثمانية أشهر، وتعرف عليه باسم حمزة، وتعرف كذلك على عمر الكندي الذي كان يستخدم كنية اسامة، وهو حاليا معتقل في غوانتانامو بتهمة قتل جندي اميركي بقنبلة يدوية، مشيرا الى ان عمر كان كثير الحديث عن معارف والده من مشايخ الحركة الجهادية. يذكر ان بن لادن الذي عاش في جلال اباد اكثر من مرة منذ وصوله الى افغانستان عام1996 كان يدير6 معسكرات تدريب بالقرب من المدينة. وفي موقع آخر، يقول «عندما ودعت (أبو زبيدة) مدير عمليات «القاعدة» (معتقل هو الآخر لدى الأميركيين)، بمنزله في بيشاور، المدينة التي تقع عند حدود باكستان، أعطاني رقمي هاتفيه الجوالين، وأيضاً رقم حسابه المصرفي وتردد (الراديو). وكان عليّ أن ابقى على اتصال به وان أبعث النقود حالما أحصل على عمل».

وفي مقدمة الكتاب يقول جاسوس «القاعدة» اسمي في الحقيقة ليس عمر ناصري، أفراد أسرتي الذين يعيشون في المغرب سيكونون في خطر إن افصحت عن اسمي الحقيقي.

لقد نشأت بالمغرب وعشت في أوروبا. وهذه القصة تبدأ عندما أصبح أخي الأكبر، حكيم، منغمساً في الدين، وعلمني أن أحذو نفس السبيل. لقد عشت أعواماً مع أفراد من «القاعدة»، على الرغم من أنهم لم يطلقوا على مجموعتهم ذلك الاسم. اشتريت أسلحة لهم، تم خزنها في منزل أخي بالقرب من بروكسل، ثم أرسلت بحراً إلى أنحاء مختلفة من العالم. كما قمت بتهريب المتفجرات التي تعود إليهم إلى شمال افريقيا، حيث استعملت في الجزائر إبان الحرب الأهلية. كنت أعرف قادتهم البارزين في أوروبا، وقد عاشوا في منزلنا. بعد أوروبا ذهبت إلى أفعانستان، حيث أكلت ونمت وأديت الصلاة مع «القاعدة» في مخيمات التدريب، لمدة عام واحد.

ومع «القاعدة أصبحت مجاهداً، وتعلمت كيفية استعمال جميع أنواع الأسلحة، من الكلاشينكوف إلى صواريخ ضد الطائرات. تعلمت قيادة الدبابة، وكيف أفجرها. وكيف أزرع الألغام. وكيف أرمي القنبلة لتسبب أكبر ضرر ممكن، وكيفية القتال في المدن، وأساليب الاغتيالات والخطف. تعلمت كيفية مقاومة التعذيب، وتعملت كيف أقتل بيدي».