«نيويورك تايمز» في مواجهة قانونية جديدة مع رجل الجمرة الخبيثة

TT

طلب محامو صحيفة «نيويورك تايمز» من قاض فيدرالي في مدينة الاسكندرية بولاية فرجينيا، إبطال قضية رفعها ضد الصحيفة العالم البيولوجي الأميركي، ستيفن هاتفيل الشهير في الولايات المتحدة باسم رجل الأنثراكس، (الجمرة الخبيثة) منذ أ‏ن جرى تفتيش منزله عام 2002 أمام مرأى من الصحافيين. وكان خبير الجمرة الخبيثة قد اختار «نيويورك تايمز» منذ عدة سنوات ليبدأ بها مقاضاة مجموعة من المؤسسات الإعلامية بتهمة تشويه سمعته أثناء تغطيتها لقضية الانثراكس الشهيرة التي جعلت منه وسائل الإعلام مشتبها فيه بدون أن توجه له السلطات أية تهمة بشكل رسمي. وهاتفيل خبير في الحرب البيولوجية، وعمل لفترة في مختبر للأمراض المعدية تابع للجيش الأميركي أثناء انتشار رسائل الانثراكس التي حيرت السلطات الأميركية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

وكانت «نيويورك تايمز» قد احتاطت للأمر منذ البداية، ولم تذكر اسم العالم المشتبه به في تغطياتها وتقاريرها التي كتبها الصحافي نيكولاس كريستوف، بل استعاضت عن ذلك باستخدام الرمز (Z) لرجل الانثراكس المشتبه به، لكن العالم الأميركي قال في سياق دعواه إن الصحيفة أوردت تفاصيل كثيرة تشير إلى شخصيته، مطالبا بالتعويض عن تشويه سمعته.

وقالت «نيويورك تايمز» في معرض دفاعها عن موقفها، أمام محكمة الاسكندرية، إنه حتى لو كان الأمر كذلك، فإن العالم المشار إليه بالحرف (Z) في ذلك الحين شخصية عامة، وبالتالي فإن القانون يوسع مجال الحديث عن الشخصيات العامة ولا يجب أخذ الأمر على أنه كان بقصد تشويه السمعة بأي حال من الأحوال. واصرت الصحيفة على أن تغطيتها لمداهمة منزل رجل الانثراكس كانت نزيهة، وأنها أشارت في حينه إلى ما حدث بالقول إن السلطات تحقق في أمره بدون أن تذكر الصحيفة أية عبارة تتهمه فيها بالتورط في أي جرم.

من جانبه، يرى المحامي الخاص بخبير الانثراكس أنه مواطن أميركي عادي يحميه القانون وليس شخصية عامة يمكن تناول أخباره بالطرق التي تراها وسائل الإعلام مناسبة لها.

وكانت المحاكمة الأولية للصحيفة قد انتهت عام 2004 بحكم براءة لـ«نيويورك تايمز» من تهمة تشويه سمعة مواطن أميركي. ورأت المحكمة أن الصحيفة عكست في تغطياتها حقيقة ما قام به مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لكن محكمة الاستئناف أبطلت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة بناء على استئناف تقدم به رافع الدعوى الذي يرغب في جعل قضيته مع الصحيفة الشهيرة مقدمة لرفع سلسلة دعاوى تعويض ضد مؤسسات إعلامية أخرى. وكان هاتفيل قد رفع عام 2003، دعوى ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأميركية، والمدعي العام الأميركي السابق، جون آشكروفت، والذي قال إن هاتفيل «شخص مهم» في تحقيقات الأنثراكس. وكرر هاتفيل مرارا أنه غير متورط على الإطلاق في إرسال رسائل تحتوي على الأنثراكس.

وطلب أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من وزارة العدل تقديم إيجاز ووثائق إلى مجلس الشيوخ حول التحقيقات التي جرت في قضية الأنثراكس، مشيرين إلى أنه ما زالت حتى الآن «توجد أسئلة كثيرة وخطيرة تستلزم إجابات بشأن سير التحقيقات في القضية، وفيما يتعلق بطريقة معالجة مكتب التحقيقات الفيدرالي لها». وقال المكتب ان هاتفيل الذي تم تفتيش منزله كان على قائمة «لأشخاص يثيرون الانتباه»، ولكنه اوضح علنا أن هاتفيل ليس مشتبها به في القضية. واكد المسؤولون ان القائمة تتغير باستمرار بعد التحقيق في الخيوط التي يتم التوصل اليها.

ومن الأشياء التي لفتت الانتباه لهاتفيل هو التصريح الامني الذي انتهى مفعوله في نفس عام الحادث، ورفضت السلطات تجديده. وقال مسؤول في مكتب المباحث «من الواضح انه شخص بوسعه الاطلاع على معلومات علمية والوصول الى مصادر الجمرة الخبيثة. وهذا هو السبب وراء رغبتنا في الاتصال به ـ سواء لإخراجه من قائمة المشتبه فيهم او ضمه اليها. هل قلنا انه الشخص المطلوب او حتى المشتبه فيه؟ لا لم نقل ذلك». وبغضِّ النظرِ عما قامت به السلطات الرسمية، فإن الصحافة الأميركية وجدت نفسها في ورطة أخلاقية بالتعامل مع شخص على أساس أنه مشتبه به من دون أن تتوفر لها معلومات كافية عن طبيعة الاشتباه.