الكنيسة المارونية تدعو إلى «لملمة» الوضع المتفجر وإلى حكومة وفاق وانتخابات نيابية ورئاسية مبكرة

المطارنة الموارنة يناشدون بري دعوة البرلمان إلى الانعقاد..«لعله» يجد مخرجا للأزمة اللبنانية

TT

دق السينودس الاسقفي للكنيسة المارونية في لبنان ناقوس الخطر تنبيها الى «ان اللبنانيين، وخاصة الموارنة، يعيشون فترة حرجة من تاريخهم.. وان الوطن في مأزق يهدد وجوده وكينونته، وينذر بارتدادات بالغة الخطورة على المنطقة باسرها». ولفت الى «ان الدولة (اللبنانية) اصبحت مهددة بتقطيع أوصالها وتطغى عليها الانتماءات الطائفية وصراعات القوى والمصالح الفئوية».

ودعا السينودس في ورقة أعدها وتليت في ختام الاجتماع الدوري للمطارنة الموارنة امس، وهي بعنوان «اعلان ثوابت الكنيسة المارونية» القيادات المارونية والوطنية الى «بت ميثاق شرف يؤكدون فيه تمسكهم بمبادئ الحوار وحل الخلافات في اطار الديمقراطية التوافقية والقانون ورفض الاحتكام الى العنف.. واقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، وعدم الانجرار الى المحاور الاقليمية والدولية، ولملمة الوضع المتفجر بتأليف حكومة وفاق تؤمن مشاركة واسعة.. او تأليف حكومة من مستقلين تعمل على اقرار قانون جديد للانتخابات على اساس الدوائر الصغرى.. وتقريب موعد انتخاب رئيس للجمهورية واختيار شخص يتم الاتفاق عليه.. واستكمال تطبيق اتفاق الطائف ورفض توطين الفلسطينيين وحل مسألة سلاحهم وحصر السلاح اللبناني في يد القوى الامنية الشرعية».

وجاء في «اعلان ثوابت الكنيسة المارونية»: «يعيش اللبنانيون اليوم، وبخاصة الموارنة من بينهم، فترة حرجة من تاريخهم، تكثر فيها الاسئلة حول مصيرهم ومصير وطنهم، ويتعاظم الخوف على مستقبلهم والخشية من عودة الاقتتال الداخلي بسبب الصراعات الدائرة وما يرافقها من شحن للنفوس وإثارة للغرائز. فالوطن اصبح في مأزق يهدد وجوده وكينونته، وينذر بارتدادات بالغة الخطورة على المنطقة باسرها. والشعب راحت تتجاذبه تيارات متناقضة ومحاور اقليمية متناحرة فاخذ بعضه بالاصطفاف وراء هذا المحور او ذاك. ووقفت الاكثرية الصامتة حائرة ضائعة عاجزة عن الصمود بوجه التيارات وعن اختيار موقع لها. والدولة اضحت مهددة بتقطيع اوصالها تطغى عليها الانتماءات الطائفية وصراعات القوى والمصالح الفئوية، وبات دور المسيحيين فيها مهمشا ولم تعد تقوى على القيام بدورها في توحيد المجتمع اللبناني والحفاظ على أمنه وكرامة الانسان فيه ونيله حقوقه الاساسية».

وافاد الاعلان: «لذا انطلاقا من تعليم الارشاد الرسولي «رجاء جديد للبنان» والمجمع البطريركي الماروني، يهمنا اولا ان نذكر ببعض المبادئ الاساسية التي تشكل ثوابت وطنية يجب التقيد بها والانطلاق منها لمعالجة الامور الملحة:

اولا ـ الثوابت المارونية:

1 ـ الحرية: لقد تمسك الموارنة عبر تاريخهم بالحرية الايمانية، وعاشوها منذ البدء وسط نزاعات دينية متنوعة. وقد لازمتها سائر الابعاد التي تعرفها الحرية، من فكرية واجتماعية وسياسية.

2 ـ العيش المشترك: لم يمنع الموارنة تمسكهم بالحرية من الانفتاح على الاخرين والمشاركة معهم في السراء والضراء، اذ ناضلوا على ارض لبنان مع اخوان لهم من سائر الاديان والطوائف. واسسوا معا كيانا واحدا في جو من المساواة بين الجميع ومن الكرامة المحفوظة للجميع، فكانوا على الدوام مندرجين في العيش المشترك مع اخوانهم ومواطنيهم في لبنان، اولا، ثم في كل بلد حلوا فيه واستوطنوه. 3 ـ الديمقراطية التوافقية: لقد ارتضى اللبنانيون نظام الديمقراطية التوافقية وكرسها الدستور حفاظا على جميع مكونات المجتمع اللبناني التعددي وافساحا في المجال لها جميعا لان تشارك مشاركة متوازنة في الحياة الوطنية والقرارات المصيرية وفي ادارة شؤون الوطن وفي بناء مشروع الدولة وتنميته وتطويره.

4 ـ نهائية الكيان اللبناني: لقد اكد الدستور اللبناني في مقدمته الاعتراف بلبنان وطنا نهائيا لجميع ابنائه الى جانب قاعدة العيش المشترك في ما بينهم، وانتماءه الكامل الى العالم العربي وهذا يستتبع حتما الدفاع عن استقلال هذا الوطن وسيادة دولته الكاملة على كل اراضيه، وحرية ابنائه في اخذ قراراتهم المصيرية.

5 ـ التمسك بقرارات الشرعية الدولية، والمطالبة بتطبيقها كاملة، اذ انها الوسيلة الانجح للحفاظ على هذا الوطن الصغير وحمايته من مطامع جيرانه، ومنع استعماله كوسيلة لحل بعض مشكلاتهم على حسابه، كأن يجعل منه وطنا بديلا لمن اضاعوا وطنهم، او تعويضا على من فقد جزءا من اراضيه.

6 ـ الحفاظ على الدولة اللبنانية وتحاشي ما من شأنه ان يفكك اوصالها ويضعف دورها .. بل المطلوب اعادة بناء هذه الدولة على اسس الحق والعدالة والمساواة والمشاركة وترميم كل مؤسساتها على اسس الكفاءة والنظافة والاخلاق السوية ومحاربة الفساد المعشش في زواياها.

7 ـ الالحاح على تطبيق اتفاق الطائف بكل بنوده، مع توضيح ما زال غامضا فيه وتصحيح الشوائب التي ظهرت في ضوء الممارسة بغية تحسين اداء الدولة. ودعت ورقة السينودس «القيادات المارونية اولا، ومن ثم سائر القيادات الوطنية الى:

1 ـ بت ميثاق شرف في ما بينهم وامام الوطن، يؤكدون فيه تمسكهم بمبادئ الحوار وحل الخلافات في اطار الديمقراطية والقانون ويرفضون الاحتكام الى اي شكل من اشكال العنف والصدامات المسلحة تحت اي ذريعة او سبب. كما يمتنعون بموجبه عن استعمال عبارات التحقير والاذلال في المخاطبة، وعن اثارة الاحقاد والنعرات الطائفية.

2 ـ العمل على إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، انطلاقا من ايمانهم بمبادئ العدالة والحق ورفضهم الارهاب وادانتهم الجريمة، سياسية كانت أم غير سياسية، وذلك لإحقاق الحق وايقاف مسلسل القتل والاغتيالات الذي يضع لبنان في خانة بلدان تسودها شريعة الغاب.

3 ـ عدم الانجرار الى صراع المحاور الاقليمية او الدولية، او التمحور في أي أحلاف خارجية تخوض صراع مصالح ونفوذ على ارض لبنان وعلى حساب لبنان، مع حرصهم على الانفتاح مع محيطهم والعالم.

4 ـ لملمة الوضع المتفجر من خلال تأليف حكومة وفاق تؤمن مشاركة واسعة على المستوى الوطني، وتجد حلولا لما يعاني منه المواطن، ولاسيما على الصعيدين الامني والاقتصادي. واذا تعذر ذلك، السعي الى تأليف حكومة من مستقلين تعمل على اقرار قانون جديد للانتخاب على اساس الدوائر الصغرى، بغية تأمين تمثيل صحيح لكل فئات الشعب.

5 ـ ايجاد حل لواقع رئاسة الجمهورية الذي لا يعقل ان يستمر مع المقاطعة الحاصلة لها دوليا وداخليا، فمن شأن ذلك ان يزيد من تفاقم الازمة وتزايد الخلل. فلذا يجب تقريب موعد الانتخاب لاختيار شخص يتم الاتفاق عليه. 6 ـ العمل معا على استكمال تطبيق اتفاق الطائف ولا سيما بند اللامركزية الادارية والانمائية الموسعة وتأكيد حق الفلسطينيين بالعودة الى بلادهم ورفض توطينهم في لبنان والعمل على حل مسألة السلاح الفلسطيني في اطار تأمين حقوقهم الانسانية وعلى حصر السلاح اللبناني في يد القوى الامنية الشرعية. وفي الختام نتوجه بالدعوة الى جميع المسيحيين لرص صفوفهم وتوحيد كلمتهم، لا ليشكلوا قوة في وجه الطوائف الاخرى، بل ليتمكنوا من لعب دورهم التاريخي».

إلى ذلك, ناشد المطارنة الموارنة في لبنان الرئيس نبيه بري دعوة مجلس النواب الى الانعقاد «لعله يجد مخرجاً للازمة التي يتخبط فيها البلد»، معتبرين «ان الاعتصامات والإضرابات لن تحل المشكلة، والأجدى العودة الى الحوار». ولاحظوا ان رئاسة الجمهورية والحكومة «أصبحتا موضع جدل».

وقال المطارنة في بيان اصدروه في ختام اجتماعهم الشهري أمس برئاسة البطريرك نصر الله صفير: «ان الوضع المربك الذي يعيشه اللبنانيون في هذه الأيام يدعو الى الأسف الشديد، وكأن الحياة قد تعطلت. فالشلل أدرك المؤسسات الدستورية، رئاسة الجمهورية والحكومة أصبحتا موضوع جدل، ولا يبقى إلا مجلس النواب لكنه لا يجتمع. ولذلك نناشد رئيسه دولة الرئيس نبيه بري ان يدعوه الى الاجتماع لعله يجد مخرجاً للأزمة التي يتخبط فيها البلد».