بوادر إيجابية تمهد لـ«كوة حوار» حول الأزمة اللبنانية

وزير المهجرين: مبادرة عمرو موسى لم تقبل ولم ترفض

TT

لاحت في لبنان امس بوادر ايجابية قد تؤسس لفتح «كوة» ولو صغيرة في جدار الازمة السياسية القائمة بين فريقي «14 آذار» والمعارضة التي لا يزال انصارها يعتصمون في وسط بيروت مطالبين برحيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتأليف حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وتتداول الاوساط اللبنانية فكرتين متشابهتين في الشكل والمضمون طرحهما كل من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيس السابق امين الجميل، فحواهما الاتفاق على مشروع المحكمة الدولية، ثم تأليف حكومة وحدة وطنية تعطى المعارضة الثلث فيها من دون القدرة على التعطيل. وفي المقابل، يُعطى فريق «14 آذار» الاكثرية التي تسمح له بقيادة الحكومة من دون التفرد بقراراتها عبر «بدعة» الوزير المستقل الذي تطرحه المعارضة وتوافق عليه الاكثرية.

وقال وزير المهجرين اللبناني نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط» أمس، ان فريقي السلطة والمعارضة لم يرفضا الفكرة التي طرحها موسى كليا، كما لم يوافقا عليها كليا، داعيا لإعطاء فرصة للمعالجات. وأشار الى وجود «أخذ ورد» بين السلطة والمعارضة حول هذا الموضوع.

واعترف بوجود «انقسام حاد» في لبنان. لكنه أمل بالوصول الى قواسم مشتركة بين الطرفين، جازما بأن الحل المقترح لا يتضمن تأليف حكومة جديدة، بل توسيع الحكومة الحالية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة الذي تتمسك قوى «14 آذار» ببقائه، داعيا الى الابتعاد عن خيار الشارع والعودة الى الحوار «لأن الشارع لا يمكن التحكم به».

من جهته، أعطى السفير السعودي لدى لبنان عبد العزيز خوجة «جرعة أمل» قوية امس بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري ناقلا عنه انه «شغّل المحرِّك وبدأ بالحل». وقال لـ«الشرق الاوسط» انه «متفائل لأن الجميع لديهم رغبة صادقة في الوصول الى حل» جازما بأن «الحل ممكن».

وقد أوضح السفير السعودي، عقب لقائه بري أمس انه أبلغه «مناشدة المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين لدرء الفتنة الكبيرة الموجودة في لبنان، وان يجتمع الجميع الى كلمة سواء واتباع الطرق الدستورية والعقلانية والتشريعية». وقال: «وبصفته (بري) رئيساً للمجلس النيابي، قائد الحركة التشريعية في البلاد، رجونا ان يدعو جميع الفرقاء الى الجلوس مرة اخرى الى الحوار والتشاور. وقد رأينا ان المعارضة قد نزلت الى الشارع وعبرت عن رأيها في هذه المسيرة الكبيرة وعرف العالم كله ذلك. والآن يجب ان نعود مرة اخرى الى الحوار والتفاهم والعقل. وأنا على ثقة تامة من خلال نقاشي مع الرئيس بري. وانا متفائل جداً اليوم بأن الابواب مفتوحة. وهناك اكثر من بصيص أمل. هناك أمل كبير جداً بأن يجتمع اللبنانيون مرة اخرى، فهم ادرى بمصالحهم وادرى بمشكلاتهم وادرى بجروحهم وواقعهم. ونأمل في ان يجتمعوا مرة اخرى ويفكروا بجد للخروج من هذا المأزق. ويجب ان يجتمعوا ولا يخرجوا إلا بالحل».

وأضاف السفير خوجة: «وجدته (بري) متجاوبا. وقال: لقد شغلت الموتور وبدأنا ان شاء الله بالحل. وقد وجدته متفائلا جداً. وأنا أرجو من جميع اخواننا في الاعلام وجميع المحطات التلفزيونية ان لا يساعدوا على تأجيج المشاعر. هناك فرصة كبيرة جدا لان يجتمع اللبنانيون مع بعضهم البعض. نريد جميعاً، دولة الرئيس وجميع الاطراف، ان لا نساعد في الاعلام على تأجيج المشاعر ضد بعضنا البعض او مع بعضنا البعض. .. يجب ان يعيش اللبنانيون على محبة ووفاق وتفاهم مع بعضهم البعض، لا غالب ولا مغلوب. وهذا ما نشعر به».

وتابع: «نحن في المملكة العربية السعودية ـ كما شرحت لدولة الرئيس ـ مع الجميع سواء، وعلى مسافة واحدة. نحن لسنا مع طرف ضد طرف او على مسافة من طرف على حساب طرف آخر. نحن من المملكة العربية السعودية نؤمن بأن كل الطوائف والمذاهب وكل الفرقاء في لبنان يشكلون هذه اللوحة من الفسيفساء الجميلة. وإذا سقطت قطعة منها ربما تشوه كامل اللوحة». مشيراً الى ان لديه «املا كبيراً جداً» بأنه «بين لحظة وأخرى، ستنطلق الامور وتعود الى نصابها، والى الحوار والتفاهم والنقاش. وانا على ثقة كبيرة جداً بأن العقل اللبناني المستنير والتجربة اللبنانية الديمقراطية الكبيرة ستذهل العالم...وانهم على قدر المسؤولية، وانهم سيعودون مرة اخرى لإنقاذ هذا الشعب البريء».

وافاد خوجة ان الرئيس بري لم يحدد موعداً للعودة الى الحوار «لكن التفاؤل عنده اكثر من اي وقت. ولديه التصميم كما عودنا. واعتقد انه من المستحسن ان تترك له فرصة. واعتقد انه لا يمكن إيجاد اي حل إلا من خلال اللبنانيين. وهذا رأيي. وهذه نصيحتي.. واعتقد ان الشارع لا ينتج إلا الشارع. والتشاحن لا يولد الا التشاحن. ولا نخرج منها إلا بفتنة. ونحن لا نريد أي فتنة».

من جهته، أكد وزير الاتصالات مروان حمادة أن «الحكومة باقية وصامدة»، موضحا «أن مبادرة الداعية فتحي يكن كانت تردادا لطيفا لطروحات قديمة أي بوجوب القبول بالثلث زائد واحد مع ترك بعض الأمور الشائكة الأخرى كرئاسة الجمهورية وغيرها من المواضيع الخلافية غير مبتوتة». ولفت الى «أن حديث دولة الرئيس فؤاد السنيورة مع الداعية يكن كان بناء. وقد حمله اقتراحا يدعو الى العودة الى الصيغ القديمة التي طرحت والتي عاد أيضا الأمين العام للجامعة العربية (عمرو موسى) الى تسويقها. وهي صيغة تفقد الأكثرية أكثريتها في الحكومة لكن لا تعطي الأقلية القدرة على التخلص من الحكومة في أي طريقة كالاستقالة». وأفاد: «الرئيس السنيورة، اعتبر أننا تنازلنا عن شيء أساسي وأعطيناكم عشرة مقاعد زائد مقعد تختارونه ونقبل به، وأكثر من ذلك تتخلى الأكثرية عن أكثريتها في الحكومة، أي تعطيل أكثريتها في المجلس في الوقت الذي لا تزال فيه رئاسة الجمهورية في أحضان سوري، ولا تزال رئاسة المجلس النيابي في موقع 8 آذار».