الجاسوس الذي اخترق «القاعدة»: أبو قتادة كان ينفذ إلى قلوب الشباب في مسجد «الريشات الأربع» بلغة التحريض ويحصي بعناية التبرعات المالية

كشف عن شخصية أبو الوليد الأصولي الفلسطيني الذي تلقى العلوم الشرعية في السعودية

TT

خصص عمر ناصري الجاسوس الذي اخترق «القاعدة» فصلا خاصا في كتابه لـ«أبو قتادة» القيادي الأصولي الفلسطيني الزعيم الروحي لـ«القاعدة» في اوروبا، المحتجز حاليا في احد السجون شديدة الحراسة بشمال انجلترا. وعمر ناصري ليس الاسم الحقيقي للجاسوس الذي اخترق «القاعدة» ولندنستان، بل اسم حركي لحماية الهوية، ويقول إنه أمضى سبع سنوات يعمل كعميل لدى الاستخبارات الأوروبية وكأحد نشطاء «القاعدة»، وأمضى بعض هذا الوقت في بريطانيا. وتعرض أقوال ناصري الذي استخدم كنية ابو امام المغربي، صورة فريدة لكيفية تفوق «القاعدة» تنظيما وتماسكا وعزما في التسعينات ما اعتقدته أجهزة الاستخبارات عنها. وفي كتابه الصادر أخيراً عن دار نشر هيرست وشركاؤه، تحت عنوان «داخل الجهاد العالمي» يتحدث ناصري عن تجربته وحياته كجاسوس مزدوج يعمل على حافة القانون. وتبدأ قصة ناصري في منتصف التسعينات في بلجيكا بعد أن انخرط شقيقه مع مجموعة من العناصر الإسلامية الجزائرية. وقال انه لم يتعرف على عمر بن محمود ابو عمر، الذي يعرف باسم ابو قتادة في معسكرات ابن لادن في خلدن وداورنتا القريبة من جلال اباد، ولم يسمع به في باكستان، ولكن في اول محاضرة بمسجد «الريشات الاربع» القريب من محطة بيكر ستريت بوسط لندن، اكتشف انه امام عالم فقيه حافظ للقرآن الكريم، ويحظى بحب واحترام من انصار «الجماعة الاسلامية المسلحة» التي تؤيد الجهاد في الجزائر. ويقول ابو امام المغربي انه بعد كل صلاة جمعة في مسجد الريشات الاربع، وهو ليس مسجد بالمعنى الحقيقي، بل قاعة رياضية كان يتخذها ابو قتادة لالقاء محاضراته، والتي تتشابه كثيرا مع الخطب التحريضية التي سمعها في معسكر خلدن بافغانستان، كان يلتقي اثنين من ضباط الاستخبارات الفرنسية هما دانييا وجيليز، بعد ان أيقنت المخابرات الفرنسية أن العاصمة البريطانية ستكون ملاذاً لأولئك الذين قاموا بالتفجيرات في باريس عام 1995. وكان ضباط المخابرات يسألون جاسوس «القاعدة» في كل لقاء هل يدعو ابوقتادة الشباب الى السفر الى افغانستان، هل يحرض على ارتكاب عنف في بريطانيا، وكانت الاجابة دائما بالنفي. وكان ضباط المخابرات يعرضون عليه في كل لقاء مجموعة كبيرة من صور الاسلاميين، ويسألونه ان كان قد رأي أحدا منهم في مسجد «الريشات الاربع». ويشير ان الملاحظ ان مسجد «الريشات الاربع» الذي كان ابو قتادة يواظب على الخطابة فيه، بات قبلة الأصوليين الجزائريين». وكان الفرنسيون يحثون البريطانيين على اعتقال الأصوليين الجزائريين أو طردهم خارج البلاد. وكان دوره هو التجسس على المتشددين الإسلاميين في المساجد وكتابة تقارير عنهم إلى كل من المخابرات الفرنسية والـM16. واعتقل أبو قتادة الأردني الفلسطيني الأصل، في اكتوبر (تشرين الأول) 2002 مع تسعة أجانب آخرين في بريطانيا بتهمة تشكيل خطر على الأمن القومي. وأبو قتادة مطلوب في الأردن، حيث كان قد أُدين وحُكِم عليه بالسجن لمدى الحياة غيابيا لضلوعه المزعوم في عدد من التفجيرات عام 1998 . ووصفه محققون أميركيون وأسبان بأنه «سفير أسامة بن لادن في أوروبا». ويُزعَم أنه جنّد مفجر الحذاء ريتشارد ريد وزكريا موسوي، المعتقل للاشتباه بضلوعه في التخطيط لهجمات11 سبتمبر (أيلول.( وكان أبو قتادة قد اعتُقِل لفترة وجيزة فيما يتعلق بالإرهاب وأُطلِق سراحه من من دون توجيه أية تهمة له في فبراير (شباط) من عام 2001 . وبعد هجمات 11 أيلول سبتمبر، صودر جواز سفره وجُمِّدَت أصوله، وأُمِر بملازمة بيته. وتحدث جاسوس القاعدة «ابو امام المغربي عن خطبة جمعة حضرها على ابو قتادة، الذي كان يركز على جهاد الدفع وجهاد الطلب، والاول يختص اذا ما حل العدو بأرض المسلمين، أما جهاد الطلب فهو فرض كفاية وليس فرض عين. وأوضح أن أبو قتادة قبل ان ينهي خطبة كان يطلب من الحضور الا ينسوا الركن الثالث من قواعد الاسلام الخمسة، وهي الزكاة، وكان يجلس على الارض بعد الخطبة يحصي التبرعات المالية بعناية، قبل ان يسلمها الى مساعده ابو الوليد، وهو قيادي اصولي فلسطيني، بحسب اسلاميين في لندن، تلقى العلم الشرعي في السعودية مثل ابو زبيدة مدير عمليات «القاعدة»، قبل ان يجيء الى لندن، التي عاش فيها حتى وصول طالبان الى الحكم، وغادر بعدها بريطانيا الى افغانستان، حيث يتردد انه يختبئ الآن في المنطقة الحدودية بين باكستان وافغانستان. ويقول جاسوس «القاعدة» ابو امام المغربي، انه بينما كان حديث ابو قتادة مؤثرا في النفوس بالأحاديث والآيات التي يستشهد بها مثل «ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة»، كان أبو حمزة المصري ديماغوجيا بارعا في اللعب على مشاعر الأصوليين في مسجد فنسبري بارك. وعمل أبو امام المغربي، خلال وجوده في لندن، كهمزة وصل لنقل الرسائل بين معسكرات التدريب ولندن، من محيط أبو زبيدة إلى أبو قتادة، فيما كانت الأجهزة الأمنية البريطانية والفرنسية تتنصت على تلك الرسائل. وتحدث عن تلقيه جوالا من ضابط المخابرات الفرنسية، وطلب منه اجراء اتصال بـ«أبو زبيدة» في افغانستان، ولكنه لم يجد أبو زبيدة، ورد عليه أبو سعيد الكردي، الذي طلب منه ابلاغ رسالة خاصة الى ابي قتادة. ويقول أبو امام المغربي كانت الشرطة والمسؤولون الأمنيون البريطانيون، يركزون حول ما إذا كان الاصوليون يشكلون تهديدا على بريطانيا، ولكنهم لم يركزوا بالضرورة على الصورة الدولية الأشمل وعلى الاتصالات التي كانت تمضي ذهابا وإيابا. كل هذه الأحداث وقعت في أواخر عام 1990. وعبر تجسسي على قيادات لندنستان مثل أبو حمزة المصري وأبو قتادة وأبو الوليد الذين، كنت قادراً على إيصال المعلومات عن علاقاتهم مع «القاعدة» وقد رأيت أيضاً كيفية تأثيرهم على اتباعهم. وعلى الرغم من ذلك، وجدت أن المخابرات البريطانية لا تدرك مدى الخطر الذي يهدد بلادها. ولم يتم القبض على أبي حمزة إلا في 2004.

وفي مسجد «الريشات الاربع» كان ابو امام المغربي يلاحظ ويسجل في خواطره تزايد عدد الاصوليين. يقول كان واضحاً ان عدداً من المتطرفين هناك لقد انتبهت الى كافة العلامات الطريقة التي كان فيها اولئك الرجال يحركون شفاههم في صلاة صامتة، الطريقة التي يسددون أعينهم بها نحو الارض، امامهم، الطريقة التي يرتدون دائماً بها سراويلهم التي تنتهي عند كاحل القدمين والطريقة التي يسير بها بعضهم كانت الخطوة الخفيفة نفسها، التي رأيتها وتعلمتها في المخيمات لاحظت الأصوات الهادئة المنفخضة الأعين الصلبة الهادئة والحلقات السود تحتها.