كابيلا يبدأ مهامه رسمياً كأول رئيس منتخب للكونغو

أولى تحدياته بسط السلم وإصلاح إدارة البلد المدمر بالحروب

TT

بدأ جوزيف كابيلا مهامه رسمياً كأول رئيس منتخب لجمهورية الكونغو أمس، إثر أدائه اليمين الدستورية، في خطوة تشكل منعطفا في تاريخ هذا البلد الذي دمرته الحروب على مدى اربعة عقود.

وأدى كابيلا، 35 سنة، القسم بحضور آلاف المدعوين في حديقة مقر الرئاسة، بينهم عدد من رؤساء الدول مثل رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي الذي رعى العملية الانتقالية السياسية في الكونغو التي بدأت في 2003 اثر حرب اقليمية استمرت حوالي خمسة اعوام، ورئيسا انغولا ادواردو دوس سانتوس وزيمبابوي روبرت موغابي. كما حضر المناسبة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جان ماري غيهينو، ومفوض الاتحاد الاوروبي لشؤون التنمية لوي ميشال. ويشار الى ان الامم المتحدة نشرت في الكونغو اكبر قوة لحفظ السلام تضم 17600 رجل، كما وظف الاتحاد الاوروبي اكثر من 600 مليون يورو في هذا البلد منذ انتهاء الحرب. وكان كابيلا قد فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت الدورة الثانية منها في 29 اكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، بـ 58 في المائة من الاصوات.

وتنتظر تحديات هائلة اول رئيس منتخب بالاقتراع العام المباشر في هذه المستعمرة البلجيكية السابقة التي لم تشهد منذ استقلالها في 1960 سوى ازمات سياسية وانقلابات وحروب. وفي هذا البلد الذي يملك ثروات طبيعية هائلة لكنه يعاني من الفساد ويفتقد الى البنى التحتية، يموت 1200 شخص يوميا بسبب غياب معدات العناية اللازمة.

ويتميز كابيلا ببساطته لكنه غير معروف كثيرا بين مواطنيه بالرغم من السنوات الست التي أمضاها على رأس هذه البلاد الشاسعة المدمرة بسبب الحرب. وهو أصغر رئيس دولة يمارس مهامه في أفريقيا.

وقد تسلم الرئاسة في زائير سابقا في 2001 كما انه اول رئيس ينتخب في الاقتراع العام المباشر في الكونغو. ويخفي كابيلا، المتين البنية والرياضي، وراء ابتسامته ولياقته شخصية غامضة. ولم تتسرب معلومات كثيرة عن سنواته التي امضاها في المنفى حتى عودته الى البلاد وانخراطه في حركة تمرد مدعومة من رواندا سمحت لوالده لوران ديزيريه كابيلا بتسلم مقاليد الحكم على رأس مناهضين لنظام موبوتو سيسي سيكو (1965-1997).ومنذ ان تبوأ رئاسة الدولة في يناير (كانون الثاني) 2001 بعد اغتيال والده وعد بقيادة الكونغوليين الى اولى انتخاباتهم الحرة والديمقراطية. وسيكون على رأس المهام الاولى الملقاة على عاتقه اكمال العمل لنشر السلام في البلاد التي تهز شرقها معارك جديدة منذ اواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اضافة الى اصلاح ادارة هذا البلد الغني بثرواته لكن الفساد ينخره خصوصا في قطاع المناجم.

وولد جوزيف كابيلا في لولنج بمنطقة فيزي (جنوب كيفو شرق البلاد) معقل حركة التمرد التي قادها والده. وقد رحل وهو في الخامسة من عمره الى المنفى في تنزانيا حيث امضى كل سنوات شبابه تقريبا. لكن منذ اندلاع الحرب ضد نظام موبوتو عام 1966، التحق بوالده الذي كان يقود قوات المتمردين ثم تقدم في ظل الضابط الرواندي جيمس كاباريبي الذي تولى قيادة الجيش بعد وصول كابيلا الاب الى الحكم عام 1997.

وبعد تقليده رتبة جنرال ـ ميجور ارسل جوزيف كابيلا الى الصين لتلقي تدريب عسكري لم يدم طويلا بسبب اندلاع حركة تمرد جديدة عام 1998 كانت شرارة حرب اقليمية. وفي 2001 دفع اغتيال والده به الى الحكم وهو ارث ثقيل قبل به «بدون حماسة» في البداية بحسب مقربين من والده.

لكن بعد مرحلة انتقالية صعبة انطلقت في 2003 حيث تعايش مع اربعة نواب رئيس، اثنان منهم من حركات معارضة، اصبح جوزيف كابيلا «طليق اليدين للمرة الاولى»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن احد المقربين جدا منه. وقال هذا الموالي له انه «سيكشف مزاياه وسيعمر البلاد مع الجميع»، في الوقت الذي يخشى فيه معارضو الرئيس من مصادرة السلطة ومن «انحراف استبدادي». وجوزيف كابيلا متزوج واب لطفلة في الخامسة من عمرها.