مراسلات سرية بين أعضاء لجنة بيكر تعكس اقتناعهم بخسارة الحرب وشكوكهم في تنفيذ بوش التوصيات

الكونغرس متحمس والمحافظون الجدد يهاجمونها والبيت الأبيض يعتبر توصياتها واحدة من مقترحات عديدة ستدرس

TT

تتابع بعض الاقتراحات في تقرير لجنة بيكر بشأن العراق، اجراءات تنفذها الادارة الاميركية في الوقت الحالي، أو تدرس تنفيذها، ولكن عددا منها يتحدى الرئيس جورج بوش مباشرة في مجالات رفض فيها المساومة. فقد رفض الرئيس التحدث الى ايران وسورية، وقاوم ربط حرب العراق بالقضية الفلسطينية. كما رفض الجداول الزمنية لانسحاب القوات من العراق، على الرغم من ان اللجنة حدت عام 2008 هدفا وليس موعدا نهائيا. كما رفض معاقبة العراقيين على عدم احرازهم تقدما في تحقيق الأمن.

وقال تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، انه على الرغم من ان مجموعة دراسة العراق قدمت خطتها، باعتبارها تغييرا ملحا في التوجه في العراق، فان كثيرا من مستشاريها الخاصين توصلوا، اثناء مناقشاتها، الى خسارة الحرب بصورة جوهرية، وفقا لمراسلات سرية تم الحصول عليها، ومقابلات مع مشاركين. وأفضل ما يمكن ان تقدمه اللجنة يمكن أن يكون «الخيار الأقل سوءا» من كثير من الخيارات السيئة، كما كتب السفير السابق لدى مصر واسرائيل دانيل كيرتزر.

واوصت اللجنة الرئيس بوش بالتهديد بتقليص الدعم الاقتصادي والعسكري لحكومة العراق، اذا ما اخفقت بتلبية معايير محددة هادفة الى تحسين الأمن في البلاد، وحددت أفكارا دبلوماسية وعسكرية ترمي الى تغيير اتجاه الحرب، التي دامت 44 شهرا. وحثت الرئيس على ان يعالج بحزم النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، لتقليص التوترات الاقليمية الحدودية التي تغذي نزاع العراق.

وكانت مسودة سابقة في شهر يوليو (تموز) الماضي، قد شككت في ان أي مستوى من الموارد يمكن أن يحقق أهداف الادارة المعلنة لادارة بوش، في ضوء ان القوى غير الليبرالية وغير الديمقراطية، ومعظمها من الأصوليين الاسلاميين، ستهيمن على اجزاء واسعة من العراق، لفترة طويلة.

وحسب «واشنطن بوست»، فان اعضاء عاملين في اللجنة، وبينهم سفراء سابقون وضباط في الجيش ومحللون من وكالة الاستخبارات المركزية، عبروا في رسائل الكترونية سرية متبادلة، عن مواقف غير متفائلة بشأن العراق، وعن شكوك في ان بوش يمكن أن يقبل توصيات اللجنة.

وكانت بعض النتائج، وبينها الحاجة الى انسحاب على مراحل وتغيير مهمة القوات الأميركية، قد جرى الحديث عنها خلال الأيام القليلة الماضية. غير ان كثيرا من التقرير يؤكد الخيارات الدبلوماسية. وقال مستشارون انهم ضغطوا باتجاه الحوار مع جارتي العراق، ايران وسورية، كسبيل رئيسي باتجاه تحسين الوضع، على الرغم من الاعتقاد بأن بوش سيرفض التوصية بسبب علاقة البلدين بالارهاب.

وطرح بيكر، الذي قضى في منصب وزير للخارجية وقتا طويلا في العمل على تحقيق السلام في الشرق الأوسط بعد حرب الخليج، موقفا شخصيا في التقرير، يدعو الى وضع النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني وتأكيد أهمية ضرورة التعامل معه وتحديد استراتيجية لهذا التعامل، وفقا لمصدر مطلع. وبيكر لديه علاقات قوية بالقيادة السعودية وقد تثير أفكاره معارضة من جانب اسرائيل وحلفائها.

وكان كليفورد ماي، أحد مستشاري المجموعة، والمتحدث السابق باسم الحزب الجمهوري، قد عارضا سحب القوات ودعما استراتيجية بوش، ولكنه قال انه «مستعد للاعتراف منذ البداية بأن ما كان بوش يأمل بتحقيقه قد يكون صعب المنال. ولكن ذلك لا يعني انه لم يتحقق شيء».

من جانبه يبدو الكونغرس متحمسا جدا لتأييد تقرير بيكر ـ هاملتون باعتباره طريقا ممكنا للخروج من المستنقع العراقي، بينما اتخذ البيت الأبيض موقفا الايام الماضية فيه اصرار على أن الوثيقة هي مجرد واحدة من مجموعة اقتراحات سيقوم الرئيس بوش بمراجعتها حالما يبدأ التفكير بإجراء تغييرات في سياسته.

وقال روبرت غيتس مرشح الرئيس بوش لمنصب وزارة الدفاع، أثناء جلسة الاستماع في الكونغرس، أول من أمس: «لا أظن أن تقرير بيكر- هاملتون هو الكلمة الأخيرة». كما بدأ المحافظون الجدد يهاجمون مجموعة دراسة العراق. بينما كان الديمقراطيون الليبراليون يشعرون بالثقة، وهم ينتظرون صدور حكم ضد سياسة البيت الأبيض تجاه العراق، من قبل هذه اللجنة التي تضم حلفاء لبوش. وفي تعليقاته العلنية ظل بوش يعبر عن تأييده للتقرير قبل صدوره. وأصبح قراره بالسماح بإجراء مراجعة داخلية لإدارته، استراتيجيته الجديدة، لإبقاء مجموعة دراسة العراق بعيدة عن أن تصبح المؤلف الاساسي لتغير المسار، الذي سيتم الضغط به على الرئيس كي يقبل بتوصياتها، مثلما هو الحال مع اللجنة التي تشكلت للتحقيق في هجمات 11 سبتمبر (ايلول).

وقال بوش في مقابلة أجرتها معه قناة فوكس نيوز التلفزيونية يوم الاثنين: «إنه صعب جدا بالنسبة لي كما تعلمون، أن أجحف تقريرا على حساب تقرير آخر. إنها كلها مهمة».

وضمن هذا السياق قال أحد المساعدين من البيت الأبيض أول من أمس، إن تقرير بيكر ـ هاملتون «مهم جدا». لكن الرئيس بوش عليه أن يأخذ في الاعتبار مصادر استشارية أخرى. وأضاف هذا المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «لا أظن أنه موقف مسؤول أو معبر عن الاحترام إن هو لم يستمع إلى القيادة العسكرية».