لحود يرد نظام المحكمة الدولية ويرفض طلب البطريرك «بالإعتزال»

أبلغ أنان أنه يعتبر القرار مخالفا لاتفاق الطائف

TT

رد الرئيس اللبناني اميل لحود القرار الصادر عن مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على مشروعي الاتفاق والنظام المتعلقين بالمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري ورفاقه، طالباً «اعادة النظر فيه من قبل مجلس الوزراء فور قيام حكومة مكتسبة الشرعية الدستورية والميثاقية»، فيما وجه كتاباً الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان جدد فيه تأكيد عدم دستورية هذا القرار ومخالفته لاتفاق الطائف «لافتقار الهيئة التي اتخذته الى الشرعية».

وكان لحود وجه عبر المديرية العامة لرئاسة الجمهورية كتاباً الى الامانة العامة لمجلس الوزراء، رد فيه «القرار الصادر عن الاجتماع (مجلس الوزراء) الذي انعقد في المقر الموقت لمجلس الوزراء في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والخاص بالموافقة على مشروع الاتفاق والنظام المتعلقين بالمحكمة ذات الطابع الدولي، لاعادة النظر فيه من قبل المجلس فور قيام حكومة مكتسبة للشرعية الدستورية والميثاقية على ان يصار الى تصحيح الخلل الدستوري لجهة ممارسة رئيس الجمهورية اختصاصه المحفوظ له في المادة 52 من الدستور بتولي المفاوضة بعقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء العتيد».

واستند لحود في رده القرار الى كونه «يفتقر الى اي قيمة دستورية وقانونية تبعاً لافتقار الهيئة التي اتخذته الى الشرعية الدستورية والميثاقية، وكذلك الأمر لأنه لم يسلك اصلاً المسالك الدستورية التي يجب اعتمادها حتماً لاتخاذه من قبل هيئة قائمة وصالحة».

وأشار الى ان «كل دعوة صدرت وتصدر لانعقاد مجلس الوزراء بعد تقديم جميع الوزراء من طائفة معينة (الشيعية) استقالتهم من الحكومة تقع موقع المخالفة الدستورية... واضحى مجلس الوزراء المناطة به السلطة الاجرائية غير قائم وعديم الوجود. وان اي قرار يصدر عن اي اجتماع وزاري يعتبر باطلاً لأنه مناهض لمبادئ الدستور وأحكامه وميثاق الوفاق الوطني لصدوره عن هيئة غير مستحقة بأي اهلية دستورية لممارسة السلطة الاجرائية».

وجزم بأنه ليس في «وارد تحرير سوابق خطيرة في الممارسة الدستورية»، مبدياً اهتمامه «الشديد في الاسراع بإحالة جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل على المجلس العدلي فور اتخاذ مثل هذا القرار من قبل مجلس الوزراء منزهاً عن اي عيب دستوري، وفور قيام حكومة شرعية ودستورية، بغية التمكن من تعيين محقق عدلي لمباشرة التحقيق في ظروف هذه الجريمة توخياً لكشف ملابساتها وإحالة مرتكبيها على العدالة».

وأكد لحود في كتاب الرد انه «مهتم بضرورة انشاء المحكمة الدولية الخاصة وفقاً لأعلى معايير العدالة الجنائية»، انطلاقاً من حرصه «على ان تكون هذه المحكمة متحررة من اي شائبة قانونية ومحصنة ضد اي تجاذب سياسي».

وفي كتابه الجديد الى انان جدد لحود تأكيده «عدم دستورية القرار الذي صدر عن الاجتماع الذي عقد برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، بالموافقة على مشروع الاتفاق بين الامم المتحدة والجمهورية اللبنانية في شأن انشاء محكمة خاصة والنظام المرفق به، وذلك لمخالفته مبادئ الدستور اللبناني وأحكامه ووثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، والمفتقر بالتالي الى اي نتيجة قانونية، وغير ملزم للجمهورية اللبنانية بأي حال من الاحوال». وابلغ انان انه «سوف يسعى فور قيام حكومة دستورية الى تصويب الخلل الدستوري في موضوع اعتماد وثائق المحكمة الدولية في لبنان تحفيزاً لها ولعملها وفقاً لأعلى معايير العدالة الجنائية الدولية على ما قضى القرار 1664» الصادر عن مجلس الامن الدولي.

وذكّر الرئيس اللبناني، الامين العام للامم المتحدة بأن «المادة 52 من الدستور اللبناني تولي رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة»، مؤكداً انه سيسعى الى تصويب هذا الخلل «فور قيام حكومة دستورية». وخلص الى الطلب منه الاخذ بمضمون هذا الكتاب والكتابين اللذين وجههما اليه في السابق باعتبارها وثائق رسمية توضع برسم اعضاء الجمعية العمومية للامم المتحدة.

ومن جهة اخرى كشف النائب بطرس حرب من قوى «14 آذار» ان البطريرك الماروني نصر الله صفير «ارسل قبل نحو ثلاثة اسابيع كتابا الى رئيس الجمهورية اميل لحود بواسطة احد المطارنة يطلب منه الاعتزال. لكن الرئيس لحود رفض الكتاب وابلغ حامله انه باق حتى آخر دقيقة في منصبه».

ودافع عن خيار «الأكثرية» عدم النزول الى الشارع في مواجهة شارع المعارضة، فقال: «ان قوى الرابع عشر من آذار اتخذت قرارا بعدم المساهمة في تعطيل البلاد. ونحن لسنا في حاجة الى عرض العضلات وأي عاقل يدرك ان ثمة تحولا لمصلحة هذه القوى. فالحكمة لا تعني الخوف، كما ان ضبط النفس لا يعني ان هذه القوة غير موجودة». وجدد تأكيد دستورية الحكومة وشرعيتها «مع الاقرار بوجود خلل سياسي فيها يجب معالجته من جراء استقالة وزراء طائفة منها». وقال «ان النموذج الكبير جدا الذي قدمه المواطنون خلال مشاركتهم في تشييع الوزير الشهيد بيار الجميل، يدل على ان الناس متعاطفون وملتزمون مواقفها (الحكومة) وهم اذا دعا الواجب لن يترددوا في دعم معركة الاستقلال». ورأى «ان ما تطرحه المعارضة ليس المشاركة، إنما الحصول على حق الفيتو للتحكم في مصير الحكومة وقراراتها»، لافتا الى ان «الاكثرية تقبل إعطاء المعارضة الثلث الضامن اي عشرة وزراء من اصل ثلاثين وزيرا، لتصبح مشاركة الاقلية فاعلة في القرارات، لكن هم يطالبون بالثلث زائد واحد اي احد عشر وزيرا من اصل ثلاثين. وخطورة هذا الامر تتمثل في الاستحقاق الرئاسي المرتقب لأنه بذلك تستطيع المعارضة اذا ارادت، ان تفرض رئيسا على الاكثرية وان تستقيل قبل موعد الاستحقاق. ومع انتهاء الولاية الدستورية لا تنتقل صلاحيات الرئاسة الى الحكومة لانها تكون في مرحلة تصريف الاعمال، وبذلك تقع البلاد في الفراغ». ورفض حرب «تسليم قرار مستقبل لبنان للأقلية وحدها وندعوها الى المشاركة معنا ولكن ذلك لا يعني السماح لها بتعطيلنا»، مؤكدا موقف قوى «14 آذار» «الرافض لرئيس جمهورية لا لون ولا طعم ولا تاريخ له ولا تطور ولا قدرة على قيادة البلاد». وأسف لخطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، معتبرا انه تضمن «لهجة تصعيدية واتهامية لا يجوز ان يستعملها رجل في مكانته»، لافتا الى انه «في المقابل، تضمن الخطاب موقفا مطمئنا لجهة تأكيد رفض الفتنة الداخلية لاسيما بين السنة والشيعة». وتمنى حرب على لحود «الا يرتكب الخطأ القاتل من خلال توقيع مرسوم اقالة الحكومة لان ذلك سيؤدي الى قيام حكومتين في البلاد». وأعلن «ان حصيلة اللقاءات والاتصالات مع الرئيس (مجلس النواب) نبيه بري افضت الى الاتفاق على مبدأ الوصول الى صيغة ما للحل لكن الصيغة المطلوبة لم تطرح حتى الان». وأفاد ان بري «ابدى استعداد المعارضة للتوافق على مواضيع المحكمة الدولية و«باريس 3» والقرار 1701، طالبا تأجيل موضوع الرئاسة. وهذا ما يرفضه فريق الرابع عشر من اذار الذي يعتبر انه لا يمكن اجراء اتفاق بمعزل عن موضوع الرئاسة». وأكد وجود معلومات جديدة حول استمرار مسلسل الاغتيالات، مشيرا الى انه في هذا الاطار، قرر الحد من تنقلاته بناء على ايعاز من القوى الامنية. وتمنى «ان يكون هناك حد فاصل بين المعركة الإيرانية الأميركية في لبنان ومساحة المناورة المعطاة لحزب الله»، معتبرا «ان المطلوب هو الاطمئنان الى ان الحزب سيتخذ القرار حتما لمصلحة لبنان عندما تصطدم المصلحة اللبنانية بتوجهاته العقائدية». وأشار الى «ان التطور الحالي في لبنان والكلام الايراني الصريح لوزير الخارجية الايراني الذي امل فيه ان ينتصر حزب الله على الحكومة اللبنانية، يكشفان حقيقة الموقف الايراني اي تحويل الشرق الأوسط الى ساحة معركة ضد الولايات المتحدة الاميركية». وأكد ان العصيان المدني لن يحل المشكلة، مناشدا المعنيين «عدم المغامرة بمستقبل لبنان في سبيل تحقيق مصالح آنية».