مجهولون يغتالون قاضيا شرعيا من حماس بغزة وكتائب القسام تتهم أطرافا في الأمن الوقائي

الفلتان الأمني في الأراضي الفلسطينية يصل ذروة جديدة بالاعتداء على القضاء

TT

وصلت حالة الفلتان الأمني في الساحة الفلسطينية فجر أمس الى ذروة جديدة، باعتداء على القضاء تمثل باغتيال قاض مقرب من حركة حماس في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة. وقالت مصادر امنية فلسطينية أن مسلحين أطلقوا النار على القاضي الشرعي بسام عبد المالك الفرا، 30 عاما، الذي يشغل منصب مدير دائرة الارشاد الاسرى في المحكمة الشرعية بخان يونس. وأشارت المصادر الى أن المسلحين كانوا يستقلون سيارة من طراز «بيجو 504» الفرنسية الصنع، لا تحمل لوحات تسجيل، ومسرعة، عندما أطلقوا النار صوب الفرا عند مفترق بني سهيلا شرق خان يونس، وأردوه قتيلا.

وذكرت المصادر ان القاضي الفرا كان من القادة المحليين لحركة حماس وكان أيضاً قائدا ميدانيا في جهازها العسكري كتائب عز الدين القسام. والفرا الحاصل على الماجستير في العلوم الشرعية يعمل أيضاً محاضراً للشريعة في جامعة القدس المفتوحة، الى جانب عضويته في هيئة علماء فلسطين.

وتوعدت كتائب عز الدين القسام بملاحقة قتلة الفرا. واتهم أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام ما يعرف بـ«فرقة الموت»، التي قال انها تابعة لبعض الجهات في جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة بالوقوف وراء عملية الاغتيال، معتبراً أن ذلك جزء من «مساعي البعض لإرباك الساحة الفلسطينية وخلط الأوراق فيها».

وجاء في بيان صادر عن كتائب القسام «من جديد تقدم فرقة الموت المشبوهة التابعة لبعض المتنفذين في حركة فتح وجهاز الأمن الوقائي.. هؤلاء القتلة المشبوهين يقدمون من جديد على اغتيال قادة المقاومة وقادة القسام الذين عجزت طائرات الاحتلال الصهيوني واجتياحاته أن تطالهم، وينفذون مآرب العدو الصهيوني على هذه الأرض». وشدد على أن اغتيال بسام الفرا بمثابة «تنفيذ لمخططات الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق لمآربه»، متوعداً بملاحقة القتلة وتقديمهم للعدالة «وستطالهم أيدينا بإذن الله تعالى ولن نسمح لهم بالاستمرار في التغول على أبناء شعبنا الفلسطيني وقتل المجاهدين والشرفاء من قبل هذه الحثالة المارقة الذين يدعون الانتماء لفلسطين». وأضاف ابو عبيدة «هذه الفئة استمرأت القتل في أبناء شعبنا الفلسطيني، وهي اعتادت على هذا الأمر وليس جديداً عليها، وهي تحاول أن تظهر أن هذا الأمر جديد لكي تربك الساحة الفلسطينية وتقول إن الوضع الآن وصل إلى حافة الانهيار، لكنها مارست هذا القتل في فترات سابقة»، مشيراً إلى جرائم اغتيال الشهيد ياسر الغلبان وأسرته والشهيد ماجد أبو درابيه والشهيد الدكتور حسين أبو عجوة عضو المكتب السياسي لحركة حماس».

وكشف النقاب عن تلقي الفرا تهديدات مباشرة بالقتل من قبل جهاز الأمن الوقائي عدة مرات بالقتل.

وحول اتهام حركة حماس بالوقوف خلف جريمة اغتيال أطفال ضابط المخابرات بهاء بعلوشة بغزة قبل أيام، رد أبو عبيدة قائلاً: «جريمة اغتيال الأطفال نحن أول من أدانها؛ فقد مست المشاعر ومست القلوب.. هذه جريمة غير مقبولة ومدانة من قبلنا، ونحن على ثقة أن هؤلاء التوتيريين يحاولون إخفاء الحقيقة». وأضاف «هم يحاولون إخفاء أن جهاز المخابرات الفلسطينية مليء بالخلافات الداخلية ومليء بالتصارع على الكراسي والمناصب، وقد تعرض ذات المقدم بعلوشة لمحاولة اغتيال قبل عامين من قبل فتح نفسها وفي حينه تم لملمة الموضوع وإخفاؤه، كما أن المقدم بعلوشة لم يتهم حركة حماس بهذه الجريمة وهو يعرف أن من يقف وراء هذه الجريمة هم الذين حاولوا اغتياله في السابق». وتابع القول إن «هناك من يحاول خلط الأوراق، واتهامنا بأمور نحن براء منها.. قتلة الأطفال هم ذاتهم الذين قتلوا اليوم الشيخ بسام الفرا وهم ذاتهم الذين قتلوا سبعة أطفال قبل سنوات في مخيم جباليا.. هؤلاء هم الذين يجب أن توجه لهم تهمة قتل الأطفال».

وتوعد حماد الرقب الناطق باسم حركة حماس في خان يونس بالانتقام لمقتل الفرا. وقال الرقب «الذين قتلوا الشيخ الفرا في هذا الصباح لن يكون لهم من حماس إلا ما كان يخطر في أذهان بعضهم بالموت الزؤام وغيره من وسائل الردع التي ستتخذ لا محالة بحقهم، ولكننا هنا نريد أن نردع باسم القانون». وأعلن قاضي قضاة فلسطين ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ تيسير التميمي عن تعليق العمل في المحاكم الشرعية في فلسطين امس حداداً على روح القاضي الفرا وتنديدا بجريمة اغتياله. واعتبر التميمي في بيان صادر عنه أن هذه الجريمة تمثل «مساساً خطيراً بالسلطة القضائية وبسيادة القانون».

وحذر من أن الفلتان الأمني والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم والمؤسسات الفلسطينية على نطاق واسع ينذر بكارثة ونكبة جديدة على الشعب الفلسطيني. وناشد التميمي الأجهزة الأمنية ضرورة ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة وإيقاع أقسى العقوبات عليهم لردعهم ومن تسول له نفسه المساس بأمن المواطنين وبوحدة الشعب الفلسطيني. وفي مدينة رام الله في الضفة الغربية أصيب أحد عناصر حماس بجراح عندما اطلق مسلحون النار على مجموعة من عناصر الحركة كانوا يعلقون ملصقات على الجدران بمناسبة قرب حلول ذكرى انطلاقة الحركة التاسعة عشر. واشارت مصادر في حماس أن المسلحين اختطفوا اثنين من عناصر حماس اطلق سراحهم لاحقا.

وفي جنين اصيب الليلة قبل الماضية احد قادة حماس وهو إبراهيم صعابنة، جراء اطلاق النار عليه من قبل مسلحين اعترضوا طريقه وهو متوجه الى منزله في كفر راعي.

واتهم النائب مشير المصري، أمين سر كتلة حماس في المجلس التشريعي، من اسماهم بـ «التيار الانقلابي» في حركة فتح بشأن السعي إلى جر الساحة الفلسطينية إلى الفوضى. وقال المصري: «إن التصريحات التي يدلي بها التيار الانقلابي في حركة فتح، تهدف إلى خلق حالة من الفوضى والانقلاب على الحكومة الفلسطينية»، معتبراً اغتيال واختطاف والاعتداء على قادة حماس ونوابها «ناتجا عن سياسة التحريض والتشهير التي خرج بها عدد من قادة ونواب فتح ضد الحكومة».

وندد خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، باغتيال الفرا، مؤكداً أن البنادق التي قتلت الفرا هي نفسها التي قتلت أبناء الضابط بعلوشة. وقال إن مرتكبي الجريمة هم فئة مأجورة تسعى لخلق حالة من التوتر في الساحة الفلسطينية خدمة للأهداف الإسرائيلية. وأضاف «هذه البنادق لا يتم توجيهها إلا عبر مخطط واضح يخدم الاحتلال، ومن أطلق النار هم جزء من هذا المخطط».

وطالب الناطق باسم وزارة الداخلية خالد ابو هلال الجميع بالكف عن إصدار الاتهامات ضد اي طرف كان سواء جهاز أمني أو تنظيم ما، قائلاً: «هذه التصريحات الموتورة يجب ان تتوقف وكل من لديه معلومة عليه تقديمها للاجهزة الامنية ولوزارة الداخلية التي يقع على عاتقها التحقيق في الجرائم التي تحدث».