محافظة ديالى.. عنف طائفي وأعمال اغتيال وخطف وإعدامات جماعية طالت الآلاف

الجيش الأميركي يسعى لاحتواء التوتر بعمليات عسكرية ومبادرات سياسية

TT

بعقوبة ـ ا.ف.ب: يقول الشيح السني فاضل محمد النيداوي بأسى لدى تقديم التعازي الى الشيخ الشيعي احمد عبد الله الشمري إثر مقتل 27 قرويا شيعيا «لقد كنا متقاربين جدا، لكن الأوقات تغيرت للأسف». ويشبك النيداوي يديه وينظر باتجاه السماء.

وتعتبر محافظة ديالى وكبرى مدنها بعقوبة، عراقا مصغرا كونها تضم خليطا متعدد القوميات والطوائف. وهي من اكثر المناطق خطرا اليوم نظرا لكثرة الاغتيالات والخطف والهجمات وعمليات الاعدام الجماعي التي حصدت أرواح الآلاف منذ مطلع السنة الحالية.

فمن جهة، يتهم قادة الشيعة «المتطرفين» من السنة و«التكفيريين» و«البعثيين» من انصار الرئيس السابق صدام حسين ومنظمة القاعدة «الارهابية»، بقتل أبناء الطائفة. وفي المقابل، يتهم زعماء السنة الميليشيات الشيعية بارتكاب «جرائم» ضد أبناء طائفتهم «بتواطؤ من الشرطة» التي يؤكدون انها «تغض النظر او تقدم معلومات او حتى أسوأ من ذلك».

ويقول رئيس بلدية بعقوبة السني خالد السنجري، ان عملية «تطهير طائفي بدأت. فالسنة طردوا الشيعة خارج المدينة. والشيعة غادروا أولا بسبب الخوف والتهديدات الموجهة اليهم وثانيا بسبب قلة العمل نظرا للاوضاع الاقتصادية المتدهورة بسبب أعمال العنف». من جهته، يقول احسان فلاح عبد الله أحد أعيان عشيرة شمر والعقيد في الجيش ان «المدنيين يدفعون الحساب». ويضيف «تم طرد سبعة آلاف شيعي من بعقوبة، كما قتل 15 الفا منهم في المحافظة وخسر المزارعون محاصيلهم فهم لا يخرجون من منازلهم. فالناس غاضبون، لكننا نصغي الى رجال الدين الذين يطالبوننا بالتزام الهدوء (...) فالدين يقودنا الى طريق الهداية».

ويقر رئيس البلدية قائلا «يحق للشيعة ان يغضبوا والسنة كذلك. وإذا أردنا وقف العنف يجب فتح أبواب الجيش والشرطة أمام أبناء السنة، يجب ان يكون هناك توازن قوى اي 50% شيعة ومثلهم من السنة (...) فالجيش والشرطة لا يحميان السنة وهم لا يأتون عندما تحدث مشكلة ما».

وبمواجهة العنف، تحاول القوات الاميركية التوصل الى حل. وتسعى على الصعيد العسكري الى منع تسلل المجموعات المسلحة عبر تسيير دوريات ومراقبة جوية دائمة. ويقول الكابتن آدم جاكوبز من فرقة الخيالة الاولى المتمركزة في بعقوبة «نقيم حوارا مع السياسيين وزعماء العشائر ورجال الدين او قادة الشرطة والجيش».

وبدوره، بدا اللفتنانت كولونيل موريس غاينز أكثر ارتياحا لدى محاورته بشكل منتظم قادة السنة والشيعة في وسط المدينة او في الأرياف. وغالبا ما يكرر لمحاوريه وجوب «وقف التقاتل وإذا كان هناك ارهابيون ابلاغنا بذلك وسنتولى القبض عليهم وكل من يحمي الارهابيين هو إرهابي». كما يسعى الضابط الاميركي الى الحصول على تواقيع قادة السنة والشيعة على «وثيقة مكة» التي وقعها علماء دين من الطرفين في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي وتحرم الاقتتال بين المسلمين. ويحاول اقناعهم بالدعوة الى انتخابات محلية، داعيا السنة الى المشاركة بعد ان قاطعوا الانتخابات الاخيرة.

ويقول غاينز «هكذا تسير الامور في دولة ديمقراطية. فانا أسود وسلفي كان ابيض ولو كنا في الولايات المتحدة قبل 150 عاما لكنت عبدا له». وعندما تزداد النقاشات حدة وصعوبة، يخرج الضابط الاميركي صورة لفتاة عراقية صغيرة السن من جيبه ليعرضها على محاوره سائلا إياه «كيف تريد ان يكون مستقبلها؟».