أصغر نائبة في البرلمان الموريتاني تدرس بكلية الحقوق في نواكشوط

مريم بنت حيمود تعيش في حي شعبي وهزمت وزيرا سابقا في الانتخابات

TT

فجاة وجدت الشابة الموريتانية، مريم بنت حيمود، نفسها ضمن قائمة البرلمانيين الجدد. الفتاة التي قادتها الصدف إلى أحد أهم مراكز القرار في البلاد، بدت مرتبكة أمام واقع جديد لم تهيئ نفسها له.

بنت حيمود، التي لم تتجاوز السادسة والعشرين من العمر، وتدرس في السنة الأولى بكلية الحقوق بجامعة نواكشوط، قررت دخول الحقل السياسي لأول مرة في الانتخابات التشريعية التي أجريت في التاسع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتمكنت من كسب صراع عنيف خاضته مع أحد أبرز الوجوه السياسية في موريتانيا، هو احمد ولد سيدي بابا، الوزير السابق، ورئيس حزب التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة، المنضوي تحت لواء ما كان يعرف بأحزاب الأغلبية الرئاسية في العهد السابق.

وساهمت عوامل كثيرة في نجاح بنت حيمود في الانتخابات لتصبح أصغر نائبة في البرلمان، من أبرزها اعتماد السلطات قانون منح المرأة نسبة 20 في المائة من المقاعد البرلمانية كحد أدنى، ما يعني وجود سيدة مقابل كل رجلين في اللوائح، الامر الذي دفع المرشحين الأقوياء للبحث عن مرشحات بذات المكانة، في وقت ترفض فيه المؤسسة الاجتماعية التقليدية إقحام بناتها في الصراع السياسي، وهو الأمر الذي مكن كل المرشحات من الفوز دون عناء في هذه الانتخابات.

وتنحدر بنت حيمود من مدينة أطار الشمالية، حيث تلقت تعليمها الابتدائي قبل أن تنتقل مع باقي أفراد عائلتها إلى نواكشوط، التي تقطنها منذ خمسة عشر سنة. وتعيش الشابة اللبقة ذات البشرة السمراء في منزل متواضع بأحد الأحياء الشعبية في نواكشوط، وتقيم علاقة جيدة مع جيرانها الذين توليهم اهتماما خاصا، وتهتم بتسوية مشاكلهم اليومية.

وتنوي بنت حيمود نقل معاناة الفقراء إلى الجهات العليا في أول جلسة برلمانية، والدفاع عن حقوق المرأة من خلال التعجيل بتطبيق مدونة الأحوال الشخصية، التي صادقت عليها الحكومة الموريتانية قبل ثلاث سنوات، كما تعتزم طرح بعض القضايا العالقة الأخرى وفي مقدمتها تطوير قطاعي الصحة والتعليم الذي قالت بشأنهما انها تدرك مشاكلهما أكثر من غيرها بحكم كونها طالبة جامعية، وتعيش معاناة الطلاب.

الشابة البرلمانية التي رفضت الحديث لوسائل الإعلام، بدت حذرة خلال لقائها مع «الشرق الأوسط»، وقالت إن إحساسها بثقل المسؤولية أفقدها نكهة الانتصار، وخفف من حماسها لتولي هذه المهمة التي ناضلت من أجل الوصول إليها. وأضافت بنت حيمود أنها ستبقى في منصبها لولاية واحدة، تاركة المجال أمام جيل جديد من أجل خلق جو ديمقراطي يسمح بالتناوب السلمي على المراكز الحيوية، ويمكن الجميع من المشاركة في صياغة المرحلة المقبلة من تاريخ موريتانيا.

وكشفت البرلمانية عن تلقيها دعما من بعض رجال الأعمال في مدينة أطار، ووقوف وجهاء بارزين إلى جانبها بهدف إقصاء منافسها، إضافة إلى تحالف شريحة كبيرة من الشبان والنساء معها، مما سهل فوزها في الانتخابات رغم العوائق الجمة التي واجهتها خلال تجربتها الأولى في هذا المجال.

وتأمل بنت حيمود أن يستفيد الشباب من أجواء الانفتاح القائمة في البلاد، ويسخرون كافة جهودهم في محاولة التسلل إلى البرلمان الذي ظل حكرا على الشيوخ والوجهاء والمتقاعدين منذ إنشاء أول برلمان موريتاني بعد استقلال البلاد.