المحكمة الدولية في اغتيال الحريري تحل الأزمة اللبنانية.. أو تعقدها و«سلة الحلول» تتضمن رئيساً جديداً في فبراير وحكومة مع وزير «ملك»

عمرو موسى «المتشائل» يعود الثلاثاء إلى بيروت لسماع «الخطوات التنفيذية» وإقرارها

TT

«بند واحد» وتنتهي الأزمة اللبنانية التي لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات. وهذا البند هو المحكمة الدولية التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري وعدد آخر من السياسيين اللبنانيين خلال العامين الماضيين. غير ان هذا البند قد لا يمر بسهولة، وخصوصاً ان هذه المحكمة تعقد الامور في لبنان مع كل خطوة من خطواتها. اذ انها غالباً ما ترافقت مع اغتيالات واستقالات وخضات سياسية وأمنية، ما يرسم اكثر من علامة استفهام حول امكانية التوصل الى تفاهم حولها، فقد أنجز التحرك العربي المكثف على خط الازمة اللبنانية اختراقاً لافتاً في المواقف بعدما توصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى «اطار تفاهم» بين المسؤولين حول 3 قضايا اساسية هي: قضية المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية والانتخابات الرئاسية المبكرة.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان موسى، الذي غادر بيروت امس، سيعود اليها الثلاثاء المقبل لسماع اجوبة محددة من الفريق المعارض حول «الآلية التنفيذية» لاقرار المحكمة الدولية. وفي معلومات «الشرق الأوسط» ايضاً ان اطار التفاهم ينص على الآتي: 1 ـ في موضوع المحكمة الدولية: وافقت الحكومة وفريق الاكثرية النيابية على تأليف فريق قانوني مؤلف من القاضيين اللذين اشرفا على المفاوضات في الأمم المتحدة، رالف رياشي وشكري صادر، بالإضافة الى عضوين حقوقيين من فريق المعارضة وعضوين آخرين من فريق «14 آذار». 2 ـ في موضوع حكومة الوحدة الوطنية: تم التوافق مبدئياً مع الطرفين على ان هذه الحكومة تعني حكومة من 30 وزيراً يتوزعون كالآتي: 19 للأكثرية و10 للمعارضة ووزير مستقل سماه البعض «الوزير الملك». وينتظر فريق الاكثرية الحصول على «ضمانات حقيقية» حول هذا الوزير لجهة عدم استقالته او تصويته في القرارات المصيرية بعدما تبين ان الإلزام القانوني غير دستوري ويمكن ان يتعرض للطعن امام المجلس الدستوري. 3 ـ في موضوع الانتخابات الرئاسية: تم التوافق على انتخاب رئيس جديد في فبراير (شباط) المقبل بالتشاور، اي ان يكون رئيس تسوية بين الاكثرية والمعارضة. اما موضوع الانتخابات النيابية المبكرة فمرتبط باقرار قانون جديد للانتخابات سيتم اعتماده بالتوافق ايضاً.

وأكدت مصادر لبنانية متابعة لتحرك موسى انه اخذ ضمانات من المعارضة بانها لن تصعّد تحركها في الشارع حتى عودته الى بيروت، لكن انصارها سيبقون في الخيم المنصوبة في وسط بيروت حتى من دون تحركات لافتة. وقالت المصادر ان فريق الاكثرية ينتظر «ضمانات حول استقرار الحكومة».

وكان موسى عقد مؤتمراً صحافياً في السرايا الحكومية قال فيه: «ان العالم العربي والدول العربية والجامعة العربية تشعر بالقلق الشديد ازاء الموقف الحالي في لبنان وتشعر من منطلق المسؤولية العربية والأخوية والمسؤولية التضامنية، بأن علينا ان نكون موجودين على الساحة اللبنانية السياسية ونحاول ان نبذل كل الجهود والمحاولات لنحيط بهذا الجو المتوتر ليعود لبنان ثابتا مستقرا سالما مزدهرا». وأضاف: «في هذا الاطار أنا أتحدث الى كل لبناني ولبنانية والى جميع من هم على ارض لبنان لكي يقفوا موقفا ثابتا ضد كل ما يهدد سلامة وامن مجتمعهم وكل ما يهدد رخاءهم وكل ما يهدد طمأنينتهم وأمنهم. انها مسؤولية كل لبناني ولبنانية ومسؤولية كل عربي وعربية بالاضافة الى المسؤولين السياسيين الذين عليهم العمل لفك العقدة السياسية القائمة في لبنان».

وقال: «لقد حدث تقدم وتحرك في عدد من الأمور. وهناك مساحة جيدة للتفاهم عليها. وهناك أمور لا تزال بحاجة الى جهد إضافي يقتضي ربما عودتنا مرة أخرى لاستكمال هذه الجولة. موضوع المحكمة كان على رأس الموضوعات التي بحثت لأنه متصل بتطبيق قواعد العدالة والقانون. وأيضا، كان موضوع الوحدة الوطنية اللبنانية ممثلة في اطارها العام، اي بتشكيل الحكومة. وكان أيضا من الموضوعات الرئيسية التي طرحت بالتوازي مع غيره من الموضوعات وبالذات موضوع المحكمة الدولية. وهنا أظنكم تعلمون بالأرقام (المقترحة للتشكيلة الوزارية) المشار اليها. وهذا يشكل توافقا على موضوع محدد بأرقامه، وبالتحرك نحو مناقشة الضمانات اللازمة لجعل هذه الحكومة مستقرة وتقوم بواجباتها السياسية والتنموية وغيرها. واتفقنا أيضا على تشكيل فريق من القضاة وممثلي الأطراف لإمعان النظر في العناصر الخاصة بالمحكمة، ونستطيع ان نقول انها لجنة سداسية. كذلك اتفقنا على ضرورة تهدئة الأمور وان يتاح للمجتمع اللبناني ان يتجول في عاصمة بلده باطمئنان وان نتحرك بأمان لكي نتعامل مع بقية العناصر المطروحة على طاولة التشاور وصولا الى التوافق». وأضاف: «اتفقنا ايضا على تشكيل لجنة صياغة من مختلف الأطراف يجلسون معاً ونحن معهم لصياغة الاتفاق، على ان يكون اطلاق الاتفاق من طاولة الحوار، الحوار الذي يجب ان يجتمع ليطلق هذا التوافق». وتابع: «بداية، تحدد اطار الموضوعات التي تبحث، وحصل تقدم ويحتاج الامر الى عمل اضافي لتحقيق تقدم اكبر. نحن معتمدون على حسن النيات وعلى الرغبة الشعبية اللبنانية الشاملة في امرين رئيسيين: الأول، حقهم في الحياة المطمئنة في بلدهم ومنازلهم وشارعهم، والمسؤولية الكبرى المترتبة على ازعاج الشعب اللبناني باستمرار. والثاني، ضرورة الوصول الى صيغة لا غالب ولا مغلوب التي يمكن على اساسها التوصل الى اتفاق توافقي ثابت وراسخ يأخذ في الاعتبار مصالح الجميع». وأشار موسى الى ان «كل القادة الذين التقيناهم يشعرون بالرغبة في التعاون والتقدم الى الأمام وفي حل هذه المشكلة القائمة»، معتبراً انه «لا يوجد مستحيل ويوجد اقتراب وتحرك نحو هذا الهدف».

وفي معرض رده على اسئلة الصحافيين، أفاد موسى: «هناك اتفاق في الرأي من كل الأطراف، مثلما تم امس في اتصالاتنا مع الإخوة على مختلف الجوانب، على ضرورة تهدئة الشارع وضرورة وقف المظاهرات والتصعيد الذي يمكن ان يؤدي الى زيادة التوتير. وان الجميع متفق مع هذا المطلب».

وحول الدعم العربي لمبادرته، قال: «هناك دعم مصري ودعم سعودي ودعم عربي. وهناك بيان رسمي صدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب، هامش اجتماع كان مخصصاً لموضوع العراق بدعم جهود الأمين العام لجامعة الدول العربية التي يقوم بها في لبنان». مشيراً الى ان عودته «ستكون قريبة وخلال ايام لمتابعة هذه المبادرة وكل ما لا يزال على طاولة المباحثات». وقال: «سنترك الوقت اللازم لها. وسأقدم تقريراً عما يتم انجازه. وسأقول ان هناك نقاطاً لم يتم بعد انجازها. وسنترك للمفاوضين وللاطراف الفرصة لأن يعملوا بهدوء في هذا الاطار».

واعترف موسى بـ«انعدام الثقة بين الاطراف»، قائلاً: «نعم هناك انعدام ثقة بين الأطراف. ولكن هناك ايضاً مجالاً كبيراً لعودة هذه الثقة. وحسن النوايا موجود. وأرجو ان يكون موجوداً. ومن الضروري ان يكون موجوداً».

وحول الضمانات لتنفيذ ما اتفق عليه، قال: «نحن لم نكن نلعب. كنا نتكلم كلاماً جدياً مع زعماء مسؤولين. وكنا نتحرك من موضوع الى موضوع ونجمع النقاط التي تم الاتفاق عليها والنقاط التي لم يتم الاتفاق حولها. ثم لما يشمل التوافق كل هذه النقاط يطرح بالطريقة التي قلتها». وأعلن موسى عن وجود قرار بـ «التهدئة»، وقال: «حركة الشارع لها رسالة معينة أطلقت واستمع اليها. ومن ثم نحن نتحرك نحو تسوية شاملة للموقف اللبناني تأتي نتيجة حاجة لبنان الى هذه التسوية».

وأضاف: «هناك ديناميكية ولدت وأخرى مستمرة لمعالجة المشكلة المطروحة. وهذا لم يكن موجوداً من قبل. وجامعة الدول العربية مدعومة بكثير من الجهات والقوى السياسية العربية والإقليمية والدولية. ونحن نريد ان نصل الى صيغة لا غالب ولا مغلوب، في كل ما هو مطروح، سواء في موضوع المحكمة الدولية او موضوع الحكومة او موضوع الانتخابات المبكرة».

وعما اذا كانت مهمته ترقيع الحل ريثما تأتي كلمة السر من الخارج لتسوية اقليمية للمواضيع الخلافية، قال موسى: «هناك موضوعات لم يتم التفاهم حولها. وأنا افهم ان هناك تأثيرات لبعض القوى الصديقة او غيرها لأن العالم متداخل الآن. والاعتبارات الوطنية والمحلية والاقليمية والدولية كلها اصبحت مطروحة في كل المنازعات وكل الموضوعات. انما هناك ديناميكية اقليمية وبالذات عربية اصبحت الآن تلعب دورها بالتواصل مع زعماء لبنان. ولديها القدرة على التواصل مع كل القوى الاقليمية الموجودة وذات العلاقة وذات الاهتمام بالوضع في لبنان. وهذا ما نعمله ونحرص على التواصل مع مختلف هذه القوى. وهذه الديناميكية مسخرة لمصلحة التوصل الى حل لهذه المشكلة».

وحول صعوبة الخروج من الازمة قبل التوصل الى تسوية اقليمية، قال موسى: «اريد ان اطمئن ان لبنان لوحده لديه عناصر ايجابية تستطيع ان تحل المشكلة المطروحة والمسببة لهذا الانزعاج. واريد ان اطمئن الساحة اللبنانية الى ان المبادرة التي نقوم بها مبادرة مستمرة ومبادرة لن نقطعها ومطلوب استمرارها».

ورداً على سؤال حول زيارته الى سورية، قال موسى: «يمكن ان ازور سورية في كل وقت. وهي دولة لها مركزها ووضعها في هذه المنطقة. ومن الضروري ان يكون لها رأيها ودورها في أي تسوية عربية. ومن هنا ضرورة التواصل مع سورية ومع كل الدول العربية».

ووصف كلام السناتور الأميركي بيل نيلسون الذي قال انه سمع كلاماً سورياً قاسياً عن حكومة السنيورة بأنه «رجل فتّان». وقال: «الأخ مصطفى عثمان اسماعيل كان موجوداً في سورية منذ ايام وسيحيطكم بما عاد به». فتدخل إسماعيل قائلاً: «انا ذهبت الى دمشق بعد الجولة الأولى والتقيت الرئيس بشار الأسد ونائب الرئيس ووزير الخارجية. وكنت اشير الى اهمية دعم المبادرة العربية لانهاء الاشكال الحاصل في لبنان، فجاءت الاجابة قاطعة من الرئيس بشار الأسد بأنه يدعم المبادرة العربية ويدعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون». وأضاف: «نحن نضع هذا الكلام على المحك. ولم نر حتى الآن تعطيلاً او عرقلة من هذا الجانب او ذاك. والتحدي الآن هو أمام اللبنانيين. وعليهم ان يثبتوا ان بإمكانهم ان يقرروا ان لبنان يجب ان يبقى ويجب ان يكون فوق الأحزاب وفوق المجموعات. واذا نجحنا عبر صيغة لا غالب ولا مغلوب، عندئذ نستطيع ان نقول أننا حافظنا على حرية لبنان وعلى استقلاله».

وكان موسى تابع امس جولته على القيادات اللبنانية، فزار رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة مرتين.

ودخل وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد على خط الاتصالات بعد وصوله الى بيروت ظهر أمس فالتقى أولا رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ثم زار رئيس الجمهورية اميل لحود.