المحكمة الإسرائيلية العليا تشرع «الاغتيالات المستهدفة» ضد النشطاء الفلسطينيين

النواب العرب يتهمونها بإقرار جرائم حرب واليمينيون اليهود يؤيدون حكمها

TT

ايدت المحكمة العليا الاسرائيلية أمس سياسة الجيش الاسرائيلي في عمليات الاغتيال المستهدف ضد النشطاء الفلسطينيين، ورفضت التماسا تقدمت به من منظمتين حقوقيتين اسرائيليتين في هذا الصدد.

واثار قرار المحكمة ردود فعل غاضبة في صفوف الفلسطينيين والاعضاء العرب في الكنيست الذين وصفوه «بتفويض لجرائم الحرب»، بينما رحب به نواب اليمين، فقد اعتبر شاي نيتزان نائب المدعي العام الاسرائيلي أن هذا الحكم سيساعد القادة العسكريين على مواجهة عدد كبير من الدعاوى القضائية الفردية لقضايا جرائم الحرب والتي تقام ضدهم أمام محاكم أجنبية، وقال «مثل هذا الحكم يكفل حماية هائلة».

وايد القرار ايضا نائب الليكود يوفال شتاينتس بقوله «ان المحكمة العليا عادت الى حسها» واعترفت بان «التزامات الدولة في الدفاع عن مواطنيها تفوق جميع الالتزامات الاخرى بما فيها التزامات مواطني الدولة المعادية او السلطة الفلسطينية».

واما النائب ايفي ايتام من الحزب القومي الجيني المتطرف فقال معلقا «في عهد الارهاب الذي يرى المدنيين اهدافا، فان الاغتيال المستهدف هو اداة فاعلة واخلاقية تسمح للدولة بالدفاع عن نفسها ضد من يعيثون قتلا وتدميرا».

وفي الطرف الاخر من الطيف السياسي الاسرائيلي، اعتبر النائب جمال زحالقة من التجمع الديمقراطي الوطني «أن المحكمة العليا الإسرائيلية أضفت الشرعية القضائية على جرائم الحرب وتنفيذ أحكام بالإعدام من دون محاكم». وأكد في بيان صحافي، بثته وكالة الانباء الفلسطينية «وفا»، أن قرار المحكمة الإسرائيلية يتوجب على الجامعة العربية أن تطرح القضية على المحكمة الدولية، فهي المخولة بالبحث في قضايا جرائم الاحتلال والحرب، وقال إن «قرار المحكمة يدل على أن السلطة القضائية الإسرائيلية هي شريكة كاملة في جرائم الجيش الإسرائيلي»، واعتبرها النائب الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير «استمرارا لقرارات المحكمة القائمة على اساس امني»، وقال الطيبي إن هذا القرار كان متوقعاً لأن المحكمة أقرت كل موبيقات الاحتلال مثل الاغتيالات والطرد والإبعاد والمصادرة والاستعمار ولم تقدم عوناً للضحايا الفلسطينيين جراء عدوان الاحتلال، وأضاف أن القضية ليست قضية إسرائيلية داخلية ولكنها قضية قانون دولي يتم تجاوزه المرة تلو الأخرى من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأن المجتمع الدولي هو العنوان لوقف الاغتيالات.

وقال النائب محمد بركة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة «ان القرار يعطي شرعية زائفة للاحتلال الاسرائيلي وجرائمه بما فيها القتل والاغتيال»، وأضاف بركة «أن قرار المحكمة العليا ينضم إلى سلسلة من القرارات، التي صدرت هذا الأسبوع عن المحكمة العليا الصهيونية ورئيسها السابق أهارون باراك، التي تحمل في مجملها محاولات إبداء خلفية حقوقية وقانونية، في القانون الدولي، للجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن المحكمة الإسرائيلية، تريد القول إن «جرائم اغتيال الفلسطينيين لها طابع قانوني».

واتخذت موقفا ناقدا من قرار المحكمة النائبة زاهافا غلئون من حزب ميرتس اليساري التي قالت انه «من المشين ان لا تحظر المحكمة العليا تماما هذه الاغتيالات. لقد اثبتت التجربة ان الجيش لا يكتفي بتصفية القنابل البشرية الحية بل ينتهج سياسة الرعب ضد الارهاب»، غير ان غلئون رأت في القرار بعض الايجابية «بفرضه قيودا وتحفظات على استخدام القوة».

وقال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية «الاغتيال شكل من أشكال الجريمة لا يمكن تبريره، هذا لا يليق بدولة ذات سيادة»، واضاف ان «هذه المحكمة وقرارها لاغ وباطل لانه مناف للقانون الدولي»، متابعا ان «القرار يدل على مدى حاجة الشعب الفلسطيني لتفعيل اتفاقية جنيف الرابعة الصادرة في عام 1949 التي تنص على حماية المدنيين».

وحسب قرار المحكمة الذي جاء بعد نحو خمس سنوات وتحديدا في يناير (كانون الثاني) 2002 بمبادرة من اللجنة العامة لمكافحة التعذيب والمنظمة الفلسطينية لحماية حقوق الانسان من الاجراءات القضائية، فان الاغتيال المستهدف لا يشكل انتهاكا وخرقا فاضحا للقانون الدولي، لذا يجب ان يقيم على اساس فردي. واعتبر القضاة برئاسة اهارون باراك انه «لا يمكن ان نحدد مسبقا ان كل عملية تصفية تنتهك القانون الدولي كما لا يمكن ان تكون كافة عمليات التصفية مطابقة للقانون الدولي، وان شرعية التصفية المحددة يجب ان تدرس حالة بحالة». الا ان المحكمة شددت في تقرير من 62 صفحة على انه لا بد من تحديد الهدف مسبقا بشكل دقيق، وقد يتعين دفع تعويضات للضحايا المدنيين المحتملين. وقالت هيئة القضاة انه «لا بد ان يتم التحقق بدقة من المعلومات المتعلقة بهوية الشخص المستهدف والاخذ في الاعتبار امكانية اصابة المدنيين الابرياء»، وضربت المحكمة العليا امثلة منها انه من المشروع استهداف «ارهابيا يطلق النار على الجنود او المدنيين من شرفة منزل حتى ان كان ذلك يعرض المارة الى الخطر». الا ان القضاة حظروا الهجمات الجوية على منزل قد يكون فيه ناشط اذا كانت العملية يمكن ان تتسبب في مقتل مارة او سكان. واشار القضاة الى اكبر «خطأ» وقع في 22 يوليو (تموز) 2002 في غزة عندما اطلقت طائرة اسرائيلية قنبلة تزن طنا على منزل كان فيه القائد العام لكتائب عز الدين القسام ـ الجناح العسكري لحركة حماس مما اسفر عن مقتل 16 شخصا من بينهم 9 اطفال.