جدل في لبنان حول «المال النظيف»

حزب الله: «المال الشرعي» الإيراني يدعم إعادة الإعمار

TT

موجة الحديث عن «المال النظيف» تكبر في لبنان وتوظف من جميع الاطراف كسلاح في الازمة الحالية الدائرة بين «حزب الله» وحلفائه، من جهة، والاكثرية المتمثلة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، من جهة ثانية.

وقد صرح بلال نعيم معاون رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله لوكالة الصحافة الفرنسية ان المؤسسات التابعة للحزب تتلقى تمويلا من «المال الشرعي» الذي يقدمه آية الله علي خامنئي، المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية.

واوضح ان هذا المال هو جزء من المساهمات التي يقدمها كل الشيعة في العالم الى المرجع الاسلامي وهي مخصصة للصالح العام وللمجموعات التي تعاني من مشاكل وظلم في العالم، على حد قوله.

وفي هذا الاطار يقول النائب من قوى «14 آذار» الياس عطاالله «إن المال النظيف هو الذي يقدم الى البلد عبر مؤسساته الشرعية، والذي يعطى ليكون في خدمة المصلحة الوطنية العامة، وهذه لا تتأمن الا عبر الشرعية، وأي مال يأتي عبر اتفاقات ومؤسسات شرعية هو فوق الشبهات». ويضيف: «اما المال الذي يعطى مباشرة الى أطراف ومكونات سياسية من جهات سياسية، فيعتبر مالاً يحاسب عليه القانون، لا سيما اذا كانت هذه الاطراف ضمن الشرعية، واذا لم يكن نتيجة تجارة او جهد او عمل، حينها بالتأكيد يجب ان يخضع للمحاسبة العامة، وهو في مثل هذه الحالة مثل السلاح الذي يأتي من خارج الشرعية ولا يخدم المصلحة العامة، لا بل يضر بها».

وأوضح عطا الله ان «المسألة ليست مالا نظيفا ام لا وانما وسائل وصوله وسبل استخدامه، واذا لم يخضع للقوانين لا مجال لمحاسبته عبر المنتدبين من الشعب اللبناني، فالمال بحد ذاته ليس سوى دولارات صادرة عن المطابع الاميركية، سواء أكان من ايران او سورية او أية جهة أخرى، ولا صفة له والمهم وصوله وتوزيعه وخضوعه للمحاسبة العامة». أما النائب في كتلة «تيار المستقبل» مصطفى هاشم فقال: «ان المال الذي يأتي بطريقة شرعية ونظامية هو نظيف، اما ما لا يأتي عبر مصرف لبنان فهو غير نظيف»، واعتبر «أن الاتهامات التي توجه الى الحكومة ليست أكثر من كلام سياسي، واحتكار المال النظيف من قبل حزب الله هو من جملة الكلام التخويني الذي يلقى جزافا على عاتق الناس، ونقول لمطلقي هذا الكلام: اتقوا الله».

الا ان نعيم يشدد على ان هذا المال «نظيف وطاهر كما يقول الامين العام لحزب الله حسن نصر الله، لان الذين يقدمونه لا يبتغون مكسبا سياسيا من ورائه ولا ارتهان به لاحد» في المقابل.

وكانت الحكومة اللبنانية قد اعلنت انها ستدفع تعويضات وانتقد رئيسها فؤاد السنيورة مصدر مال حزب الله وقانونيته، وقال ان «كل المساعدات التي ترد الينا تقوم على القانون وعلى قدر عال من الشفافية وتودع في حساب الدولة اللبنانية، ولا يتم الانفاق الا بتوقيع مشترك بين الدول المانحة والدولة اللبنانية».

ويقول نعيم ان الحزب سدد حتى الآن بين مساعدات وتعويضات «حوالي 300 مليون دولار»، وانه يتوقع ان تصل قيمة التعويضات واعادة الاعمار التي اخذها على عاتقه الى 600 مليون دولار، اذا سددت الدولة الحصة المتوجبة عليها.

ويقول مفتي صور وجبل عامل السيد علي الامين «ليس هناك مال نظيف او وسخ في ما يتم نقاشه، فالاموال والمساعدات التي قدمها المجتمع الدولي الى لبنان هي تعبير صادق عن التضامن والتعاون مع الشعب اللبناني في محنته الاخيرة بسبب حرب يوليو (تموز)، وهي مساعدات تستحق الشكر والتقدير من اللبنانيين جميعا ولكل الدول الصديقة والشقيقة وشعوبها، وهي مساعدات غير سياسية وانما هادفة الى اعمار لبنان وازالة آثار العدوان ومساعدة الاقتصاد على النهوض واصلاح البنى التحتية». وأضاف: «الاموال والمساعدات تكتسب نظافتها وطهارتها من الاهداف والغايات التي ارسلت من أجلها، وهي غايات انسانية نبيلة لا تختص بفريق دون آخر ولا بطائفة دون أخرى، فنظافتها وطهارتها بطهارة مصارفها وغاياتها الشاملة كل العائلة اللبنانية الكبرى». واستشهد الامين بالحديث الشريف القائل إن «الخلق كلهم عيال الله وأحبهم اليه انفعهم لعياله». وأضاف: «هذه المساعدات قدمت للشعب اللبناني كله ولتعزيز الدولة اللبنانية من خلال المؤسسات الشرعية، ونحن نتمنى ان تكون كل المساعدات التي تقدم الى اللبنانيين من خلال العلاقة مع الدولة وليس من خلال احزاب وتنظيمات لانها لن تصل الى كل الشعب وانما الى فئة قليلة منه». وقال الامين: «انا لست مع الاموال التي تأتي الى الاحزاب والتنظيمات وانما مع الاموال التي يستفيد منها الناس عبر الدولة، ومن يريد لبنان ووحدته يساعد دولته على توحيد هذا الشعب وادارة شؤونه، ففي كل بلدان العالم يتم التواصل بين المؤسسات الرسمية، ونحن في عصر دولة مع دولة وليس مع قطعة من الشعب دون قطعة أخرى، هذا ما تعتمده الانظمة والحكومات».