نشاطات الشباب اللبناني في اعتصام المعارضة: فرز طائفي وحزبي.. وتعطيل جزئي للسنة الدراسية

أجواء ترقب في المدارس والجامعات

TT

بعد دخول الاعتصام المفتوح الذي تنظمه قوى المعارضة في ساحة رياض الصلح وقبالة ساحة الشهداء أسبوعه الثاني، لا تزال الأجواء المتشنجة تسيطر على نفوس الشعب اللبناني وشبابه. المدارس والجامعات لا تزال تفتح أبوابها مع ترقب شديد لما ستؤول اليه الأمور بين ساعة وأخرى. ارسال التلاميذ الى المدارس يتم بحذر مرده خوف الأهل على أبنائهم اذا انفجر الوضع الامني اثناء الدوام. ادارات المدارس تحاول استباق الأحداث وتنبيه التلاميذ الى أن الامتحانات الفصلية ستنجز في اليوم الأول لعودتهم في حال اضطرت الى التعطيل القصري. أما طلاب الجامعات التي تأخرت في بدء العام الدراسي بسبب الحرب الاسرائيلية على لبنان، فيتوزعون في المرحلة الحالية بين مؤيدين لتحرك المعارضة معتصمين وسط بيروت للمطالبة بسقوط الحكومة، ومعتكفين في المنازل، ولا سيما خلال المحاضرات المسائية، إما لاشمئزازهم من الأوضاع السياسية المسيطرة وعدم تأييدهم لأية جهة سياسية، او بسبب المشكلات الأمنية التي يكثر حدوثها ليلا، أو بناء على طلب قادة بعض الأحزاب ولا سيما المنضوية في الموالاة، عدم حضور الطلاب في هذه الفترة الى جامعاتهم بعد انتشار الاحتكاكات بين الشباب.

وبما أن غالبية المعتصمين وسط بيروت، بحسب المنظمين، هم من طلاب الجامعات الذين يمضون أيامهم بين الجامعة وساحة الاعتصام، يؤكد الجميع على تنظيم النشاطات المفيدة التي تساهم في تفعيل التواصل بين الشباب على اختلاف انتماءاتهم السياسية، رغم توزيعهم الطائفي الواضح بين الساحتين. ويبرر أحد المعتصمين في خيمة لحزب الله هذا الأمر قائلاً «كل شخص يرتاح بين جماعته».

وبهدف استقطاب الشباب للمشاركة في الاعتصام، لا سيما المستقلين منهم، يقول الطالب الجامعي حسني حمادة، الذي يعمل في مجموعة تطلق على نفسها «الطلاب المستقلين» رغم اعترافه بميول المجموعة لمطالب المعارضة، «نعمل بشكل دائم على تنظيم حلقات حوارية لمناقشة المواضيع السياسية بشكل عام ومطالب الاعتصام بشكل خاص. ونحاول قدر الامكان دعوة طلاب الجامعات على اختلاف انتماءاتهم السياسية للانضمام الينا، انما تبقى الفئة المستقلة هدفنا الأول». ويضيف: «تقديم موعد بعض الجامعات الخاصة موعد الامتحانات الفصلية التي كانت تجرى بعد رأس السنة في بعض الجامعات الخاصة أثر سلبا على نسبة المشاركة».

وأكد مسؤول في اللجنة التنظيمية في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» أن النشاطات التي تنظم تتم بالتنسيق الكامل بين مندوبي أحزاب المعارضة و«لا ننكر بعض الاختلافات مع القوى المشاركة في الاعتصام، انما المهم هو أن نلتقي على القواسم المشتركة الأساسية».

يبدأ برنامج النشاطات عند الرابعة من بعد الظهر ويستمر حتى منتصف الليل. ويتضمن أغاني وموسيقى وكلمات تلقيها شخصيات مؤيدة للتحرك على منصتين مخصصتين لهذه الغاية، واحدة باشراف حزب الله والثانية لـ«التيار الوطني الحر بعد التنسيق الذي تتولاه اللجنة المنظمة، اضافة الى البرامج الترفيهية التي تساهم في تسلية المعتصمين والترفيه عنهم قدر الامكان. ومن ضمن هذه النشاطات كان احياء شباب المعارضة الأسبوع الماضي مهرجانا للألوان عبر رسمهم قوس قزح من ستة ألوان يرمز الى رؤية المعارضة اللبنانية للبنان الذي يريده أبناؤه موحدا بكل أهله وبنيه ويأتي مطلب الحكومة الوطنية ضمن هذا الاطار. وفي ذكرى اغتيال النائب والصحافي اللبناني جبران تويني نظم شباب «التيار الوطني الحر» مسيرة شموع. انما ذلك لم يحل دون تحفظ بعض الشباب في التيار عن تنظيم النشاط ـ على حد قول مسؤول في التيار ـ وذلك بعد تهجم نايلة تويني ابنة الشهيد على التيار وعلى العماد ميشال عون بشكل خاص، مضيفا «موقفنا في ما يتعلق باستشهاد تويني واستنكارنا لجريمة اغتياله لم يتغير منذ اليوم الأول».

ورغم موقف التيار المعلن في هذا الموضوع وتأكيد جميع الفرقاء على التنسيق الدائم في كل نشاط ينظم، اعترضت بعض الأحزاب المشاركة على تعليق قسم جبران تويني في «حي التيار» كما سماه المسؤول، معتبرين أن تفرد كل حزب بقراره من دون احترام آراء الآخرين، وخصوصا أن الشهيد تويني قد يعتبر استفزازا للبعض، كما قال سليم خليل عضو «الحزب الديمقراطي الشعبي» الذي يتواصل وينظم نشاطاته «بحكم أننا جيران» بشكل خاص مع «التيار التوحيدي» والحزب القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي اللبناني. وعن سبب ضآلة أعداد من الطلاب المعتصمين في الخيم خلال ساعات المساء الأولى يقول خليل: «الأعداد تتزايد في عطلة نهاية الأسبوع، كما أننا نحاول توزيع برنامج مناوبة بحسب مواعيد المحاضرات في الجامعات». ويوافقه في الرأي المسؤول في «التيار الوطني الحر» الذي عزا سبب غياب الشباب الى «الارهاق الذي اصابهم خلال تنظيم نشاطات الأسبوع الماضي ولا سيما مظاهرة الأحد».

عضو الحزب السوري القومي الاجتماعي أدونيس نصر، الذي يعمل موظفا في دار نشر، وسمح له مديره بالتغيب عن العمل للمشاركة في الاعتصام، قال: «اتصل عدد من ممثلي الأحزاب المشاركة في الاعتصام مع ادارات الجامعات كي تتسامح قدر الامكان مع الطلاب في ما يتعلق بضرورة الحضور الى الجامعة».

أما زميله في الحزب حسين هاشم، الذي يتابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق، فيؤكد حضوره الدائم في الجامعة في هذه المرحلة الدقيقة لأن «أهمية دوري تكمن في محاولة استقطاب طلاب من الجامعة ووضعهم في أجواء ما يحصل وتوعيتهم على أهداف تحركنا».