في افتتاح مؤتمر المصالحة.. المالكي يدعو ضباط صدام للعودة إلى الجيش

طالباني أيد مشاركة البعثيين والعاملين في النظام السابق باستثناء المجرمين * دعوة إلى عقد مؤتمر إقليمي

TT

دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، امس، ضباط الجيش العراقي من جميع الرتب الذين طردوا من الخدمة بعد الغزو الأميركي في عام 2003، الى التقدم مرة أخرى لشغل مناصبهم في الجيش الجديد في «حدود طاقته الاستيعابية»، كما دعا الى مراجعة النص الدستوري المتعلق بهيئة اجتثاث البعث، في مبادرة تبدو موجهة الى الطائفة السنية الساخطة بهدف تقليل أعمال العنف الطائفي.

وافتتح المالكي أمس مؤتمر المصالحة الوطنية الثالث المخصص للقوى السياسية العراقية، الذي يشارك فيه نحو 300 شخصية سياسية من الشيعة والسنة والأكراد، وكذلك من حزب البعث المنحل وممثلين لمجموعات مسلحة. وغاب عن المؤتمر الرئيس العراقي جلال طالباني بسبب وعكة صحية، لكنه رأى في كلمة مكتوبة قرأت بالإنابة عنه، ان المصالحة ينبغي ان تشمل الذين «انتموا الى حزب البعث والعاملين في النظام الدكتاتوري السابق باستثناء المجرمين» الذين ما زالوا يعلنون ولاءهم للرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقال المالكي «ان الجيش العراقي الجديد قد فتح أبوابه أمام منتسبي الجيش السابق من ضباط ومراتب، وان حكومة الوحدة الوطنية على استعداد لاستيعاب من لديه الرغبة في خدمة الوطن على أساس مهني، وبما يتناسب مع حجم الجيش الجديد على الاستيعاب».

وأضاف ان الحكومة تسعى الى زج الضباط السابقين «في جميع المواقع للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم ومهاراتهم، وبما يساعدنا في استكمال بناء قواتنا المسلحة وتسلم المهام الامنية في جميع المحافظات.. وستقوم الحكومة بصرف رواتب تقاعدية لكل الذين لا يتم استيعابهم». وبعد فترة قصيرة من الغزو الأميركي للاطاحة بصدام حسين سارع المنسق الأميركي بول بريمر الى حل الجيش العراقي، وهو قرار وصفه الخبراء بأنه انطوي على خطأ في الحسابات. وانضم كثير من أفراد الجيش الى صفوف التمرد. وقامت وزارة الدفاع بتجنيد ضباط سابقين في جيش صدام في الماضي، لكنها كانت دعوة محدودة للرتب الصغيرة. ودعوة المالكي هي الاولى التي توجه الى جميع الرتب.

ومن ناحية ثانية، قال المالكي في خطابه امس، إن جميع العراقيين مدعوون للمشاركة في المصالحة الوطنية باستثناء «الصداميين والتكفيريين». وأضاف «ان نجاح المصالحة الوطنية يستلزم توفير عنصرين مهمين: الاول القبول بمبدأ الحوار، والثاني الارادة التي توصلنا الى حلول يرضى بها الجميع». وأوضح ان تحقيق هذين العنصرين «يستدعي استحضار القواسم المشتركة وتشخيص الخلافات لتذليلها وتجاوزها، لنحدد معا معالم المعادلة السياسية.. وبما يسهم في بلورة موقف وطني موحد ضد الارهابيين والصداميين الذين يراهنون على خلافاتنا وتباعدنا».

ودعا رئيس الوزراء العراقي، البرلمان الى «مراجعة الفقرة الدستورية» المتعلقة «بهيئة اجتثاث البعث، لكي تضمن حقوق عوائل من تشملهم اجراءات الاجتثاث تطبيقا لمبدأ التسامح ورعاية لجميع العراقيين». وقال ان الحكومة تفرق «تماما بين البعثيين الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء أبناء شعبنا.. واولئك الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق العراقيين ويواصلون اليوم سفك دماء الابرياء والاغتيالات وتفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة». وأضاف «علينا ان نفرق بين الحالتين لكي لا يلحق الأذى بالصنف الاول ولكي لا يفلت الصنف الثاني من عدالة القانون».

ودعا المالكي ايضا الى اعادة بناء الكيانات السياسية وبما يسمح بتشكيل جبهة سياسية تضم كفاءات متخصصة تكون قادرة على إدارة شؤون البلاد. وقال «ندعو الى مراجعة جدية للتشكيلات السياسية الحالية وإعادة بنائها على أسس وطنية، وتشكيل إطار أو جبهة وطنية موسعة تضم جميع المكونات السياسية، وتكون فوق الانتماءات والولاءات الضيقة، وبما يفسح المجال أمام العناصر الكفوءة والمتخصصة لإدارة شؤون البلاد بعيدا عن المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية».

وقال المالكي ان الحكومة «تدرك ان الوقت قد حان لتولي كامل المسؤولية على الملف الامني في البلاد، وقد تم الاتفاق بين الحكومة العراقية والقوات المتعددة الجنسيات على تسريع عملية نقل المهام الامنية الى القوات العراقية». وأضاف ان القوات الاجنبية ستستمر «بإسناد ودعم القوات المسلحة العراقية لحين استكمال نقل كامل المهام الامنية».

وكشف المالكي عن عزم الحكومة العراقية الدعوة الى عقد مؤتمر يهدف الى توفير الدعم لسياسة الحكومة العراقية. وقال المالكي ان سياسة العراق والتي تعتمد أساسا على عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى «لا تسمح لأي دولة بالتدخل في شؤون العراق الداخلية». وأضاف ان الحكومة سترسل قريبا وفودا الى الدول المجاورة للتشاور معها ومعرفة مدى استعدادها لدعم العملية السياسية في العراق «وعلى ضوء استعداداتها للمساعدة.. سندعو الى عقد مؤتمر اقليمي يؤيد ويؤكد ما حققه الشعب العراقي من انجازات ديمقراطية ويساند حكومة الوحدة الوطنية ويقف الى جانبها».

وأشار المالكي الى ان الحكومة تؤكد «بما لا يدع أي مجال للشك على خطورة التنظيمات المسلحة والميليشيات على الامن والسلم الاجتماعي وضرورة الاجماع على ان السلاح يجب ان يكون بيد الحكومة فقط لبسط الأمن وفرض سيادة القانون». وأعلن عن قرب الاعلان عن التعديل الوزاري الذي سبق وان اعلن عنه «لتنشيط الحياة في مفاصل الدولة وأجهزتها المختلفة.. والذي نعتقد انه أصبح ضروريا في هذه المرحلة الحساسة».

ورغم الاعلان عن مشاركة أغلب القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية في المؤتمر، إلا ان الجهات المنظمة لم تعلن بالتحديد عن أسماء القوى السياسية المعارضة للعملية السياسية التي اشتركت في المؤتمر. وقاطع المؤتمر كتلة التيار الصدري البرلمانية وكتلة قائمة الجبهة العراقية للحوار الوطني البرلمانية والتي يرأسها السياسي صالح المطلك.

وكان المؤتمر قد افتتح بكلمة للرئيس العراقي جلال طالباني ألقاها نيابة عنه الناطق باسمه كاميران قرة داغي، الذي أوضح أن طالباني لم يتمكن من الحضور بسبب وعكة صحية بسيطة ألمت به.وأكد الرئيس العراقي في كلمته «تحمسه للمصالحة الوطنية» التي رأى انها ينبغي ان تشمل الذين «انتموا الى حزب البعث والعاملين في النظام الدكتاتوري السابق باستثناء المجرمين» الذين ما زالوا يعلنون ولاءهم للرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وبموجب قانون اجتثات البعث الذي صدر بعد شهرين من سقوط نظام الرئيس صدام حسين في ابريل (نيسان) 2003، تم استبعاد اكثر من ثلاثين ألف بعثي من مؤسسات الدولة العراقية. وكان نصير العاني الناطق باسم مؤتمر المصالحة وعضو المكتب السياسي للحزب الاسلامي الذي يترأسه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي (سنة)، أعلن اول من امس ان «عشرين بعثيا سابقا من داخل وخارج العراق سيشاركون في المؤتمر وتتولى الحكومة تأمينهم».

وانقسم المؤتمر الى ورش عمل تناقش خصوصا مراجعة تطبيق قانون اجتثاث البعث، بما يسمح بعودة عشرات الآلاف منهم الى وظائفهم او الى الجيش. وقال عباس البياتي النائب عن المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (اكبر تشكيل سياسي في الائتلاف الشيعي الحاكم ويتزعمه عبد العزيز الحكيم) لوكالة الصحافة الفرنسية، ان المؤتمر «سيحصر دائرة المشمولين باجتثاث البعث بحدود ألفي شخص».